"بيعت بشكل غير قانوني".. هل يحاول بوتين استعادة ألاسكا من الولايات المتحدة؟ / صورة: The Guardian (The Guardian)
تابعنا

وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً جديداً يتعلق بممتلكات موسكو العقارية التاريخية في الخارج، وهي خطوة فسرها المدونون القوميون الروس أساساً للانتقام المستقبلي ضد جيران روسيا وحتى الولايات المتحدة. الأمر أثار زوبعة من الجدل لأن ذلك قد يعني بداية للطريقة نفسها التي استخدمها مع شبه جزيرة القرم والتي استعادها فعلياً في 2014، لكن عملية استعادة ألاسكا ستؤدي إلى مواجهة مباشرة مع الدولة الأقوى عالمياً.

ويخصص المرسوم، الذي وقعه الرئيس أواخر الأسبوع الماضي أموالاً للبحث والتسجيل والحماية القانونية للممتلكات الروسية في الخارج، بما في ذلك الممتلكات في الأراضي السابقة للإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفييتي. وقد جرى توجيه وزارة الخارجية الروسية ومؤسسة إدارة الممتلكات الأجنبية التابعة لإدارتها الرئاسية لتنفيذ العمل، وأمرت بالعثور على "الممتلكات" المعنية وتسجيلها وحمايتها، وفقاً لما نقلته مجلة نيوزويك.

وإلى جانب المساحات الشاسعة من أوروبا الشرقية والوسطى وآسيا الوسطى، وكذلك أجزاء من الدول الإسكندنافية، يرى البعض أن هذا القانون قد يشمل ألاسكا أيضاً، والتي يرى الرئيس الروسي أنه بيعت للأمريكان بشكل غير قانوني قبل أكثر من 150 عاماً، بحسب Essa News.

حكاية بيع ألاسكا

قبل 154 عاماً، وتحديداً في 18 أكتوبر/تشرين الأول 1867، اشترت الولايات المتحدة الأمريكية ولاية ألاسكا من الإمبراطورية الروسية، والتي تزيد مساحتها على 1.5 مليون كيلومتر مربع نظير 7.2 مليون دولار (أكثر من 185 حالياً).

وتعد ألاسكا، التي تعني بلغة السكان الأصليين (شعب الألويت) الأرض الكبرى أو الأرض الأم، الولاية الأمريكية الـ49، والكبرى من حيث المساحة والأقل كثافة سكانية.

فيما ترجع أسباب بيعها إلى هزيمة الإمبراطورية الروسية على يد الدولة العثمانية في حرب القرم التي استمرت لقرابة ثلاثة أعوام، بين عامي 1853 و1856، والأزمة المالية الخانقة التي أعقبت الحرب. وإلى جانب طمعه في بعض الأموال من أجل إنعاش خزينة الدولة، كان لدى القيصر الروسي ألكسندر الثاني مخاوف حقيقية من أن تفقد إمبراطوريته ألاسكا من دون أي تعويض مالي في حال حدوث نزاعات عسكرية في وقت لاحق؛ فصعوبة الوصول إلى ألاسكا التي تقع في قارة أخرى، فضلاً عن صعوبة الدفاع عنها في حال نشوب حرب مع الولايات المتحدة أو الإمبراطورية البريطانية التي كانت تتمركز في كندا، كانت من أبرز العوامل التي دفعت القيصر الروسي إلى التخلي عن ألاسكا وبيعها للأمريكيين.

وبعد مرور قرابة 30 عاماً على شراء ألاسكا من الولايات المتحدة اكتشف الذهب لأول مرة بمحاذاة نهر كلوندايك. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، تتوالى الاكتشافات المعدنية والنفطية التي تساهم في ازدهار اقتصاد الولاية بشكل مستمر، والتي كان من أبرزها اكتشاف حقل نفط شاسع في خليج "برودو"، والذي تُقدر احتياطاته النفطية بنحو 13 مليار برميل.

بيعت بشكل غير قانوني

وعلى الرغم من الوثيقة التي وقعها بوتين يوم 19 يناير/كانون الثاني الجاري لم تذكر ألاسكا في أي وقت، ولم تذكر أن ألاسكا أو أي منطقة أخرى كانت مملوكة سابقاً لروسيا قد بيعت "بشكل غير قانوني"، ظهرت شائعة على الإنترنت تزعم بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن أن بيع ألاسكا عام 1867 كان "غير قانوني".

فيما نشر موقع Essa News تقريراً تحت عنوان: "بوتين يثير التوترات مع الولايات المتحدة، ويعلن أن بيع ألاسكا عام 1867 كان "غير قانوني". وجاء ذلك بعد أن نشرت وكالة الأنباء الروسية المملوكة للدولة تاس تقريراً عن المرسوم بعنوان "روسيا تخصص أموالاً للبحث عن الممتلكات السوفييتية والإمبراطورية الروسية في الخارج"

علاوة على ذلك، شارك مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي وثيقة مزعومة موقعة من بوتين، تدعي أن بيع ألاسكا لم يكن مشروعاً. وجاء في منشور على موقع إكس مع الوثيقة الرسمية المزعومة: "وقع بوتين أمراً يلمح إلى أن بيع ألاسكا للولايات المتحدة في عام 1867 كان غير شرعي".

فيما كتبت قناة Two Majors Telegram التي تضم أكثر من 530 ألف مشترك: "نقترح البدء بألاسكا". أبعد من ذلك، كتب المدون أن الكرملين يجب أن ينظر إلى "دنيبر أوكرانيا وبيسارابيا ودوقية فنلندا الكبرى وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا ودول آسيا الوسطى في تركستان الروسية، ومعظم مقاطعات البلطيق، وجزء كبير من بولندا"، وفقاً لما نقلته نيوزويك.

ورداً على هذه الوثيقة التي انتشرت بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: أعتقد أنني أستطيع التحدث باسمنا جميعاً في حكومة الولايات المتحدة لأقول إنه بالتأكيد لن يستعيدها".

جدل ألاسكا المتواصل

في يوليو/تموز 2022، وفي محاولة منهم للتصدي لتصريحات الولايات المتحدة المطالبة بعرض القيادة الروسية على محكمة جرائم الحرب، بدأ المسؤولون الروس في إصدار سلسلة من التهديدات للولايات المتحدة، كان آخرها ما اقترحه كبار المسؤولين بأن روسيا قد تكون مهتمة باستعادة ولاية ألاسكا، التي اشترتها الولايات المتحدة من روسيا في عام 1867.

فيما حذر رئيس مجلس النواب الروسي، فياتشيسلاف فولودين، من أن الولايات المتحدة يجب أن تتردد عند مصادرة أو تجميد الأصول الروسية في الخارج، وبدلاً من ذلك يجب أن تتذكر أن ألاسكا كانت في السابق تابعة لروسيا. وقال فولودين إن نائب رئيس مجلس الدوما بيوتر تولستوي اقترح إجراء استفتاء في ألاسكا.

من جانبه قال السفير الأمريكي السابق في أوكرانيا ستيفن بيفر، "هذا ليس كلام شخص جاد" وذلك رداً على تهديدات موسكو التي تحتمل أن تستهدف موسكو ألاسكا في المستقبل من أجل استعادتها.

يذكر أن بوتين قد قلل في السابق من أهمية بيع ألاسكا للولايات المتحدة عام 1867، ووصف الصفقة بأنها "غير مكلفة"، وقال إنه يجب على الناس "ألا ينشغلوا" بهذا الحدث. لكن بعض حلفائه أشاروا إلى أن موسكو قد تعيد فتح القضية باعتبارها نزاعاً إقليمياً، بحسب نيوزويك.

TRT عربي
الأكثر تداولاً