"تراجع صناعي واضطراب اجتماعي".. هل تكون أوروبا أول المنهزمين في حرب الطاقة؟ (Reuters)
تابعنا

حذر رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، الخميس، من أنه إذا لم يتدخل الاتحاد الأوروبي في أزمة الطاقة، فقد يدخل التكتل في "اقتصاد حرب"، داعياً الجميع إلى الوصول إلى اتفاق سريع بشأن التدابير الواجب اتباعها، ومنها تحديد سقف لسعر الغاز الطبيعي.

وفي معرض حديثه مع صحيفة فايننشال تايمز، أشار دي كرو إلى أن أوروبا قد تواجه قريباً انخفاضاً كبيراً في النشاط الصناعي والاضطرابات الاجتماعية ما لم يجرِ فعل شيء ما لخفض أسعار الطاقة قبل حلول فصل الشتاء.

وأضاف قائلاً: "بدون تدخل في أسواق الغاز، فإننا نجازف بإلغاء التصنيع على نطاق واسع في القارة الأوروبية، وقد تكون العواقب طويلة المدى لذلك الأمر عميقة للغاية".

سقف لأسعار الغاز

وطالب دي كرو بضرورة اتباع نهج متعدد الطبقات لأزمة الغاز، والذي يقول إنه يجب أن يشمل حداً أقصى لسعر الغاز الطبيعي الروسي، ومفاوضات مع موردين مثل النرويج والجزائر، بما يضمن وضع حد "ديناميكي" لسعر الغاز الطبيعي المسال، الذي يقترح أنه يمكن وضعه أعلى قليلاً من الأسعار في الولايات المتحدة أو آسيا لضمان استمرار التدفقات إلى أوروبا.

وكانت بلجيكا من ضمن دول الاتحاد الأوروبي التي طالبت بتحديد سقف لسعر الغاز بالجملة منذ الربيع. وبينما قاومت المفوضية الأوروبية الاقتراح في البداية خشية أن يقلص مصدرو الغاز إمداداتهم، أشارت المفوضية يوم الأربعاء إلى أنها قد تدعم الفكرة.

وفي خضم أزمة الإمدادات التي تعاني منها معظم بلدان القارة الأوروبية، فجرت أسعار الغاز، التي وصفت بـ "الخيالية"، حدة الانتقادات الموجهة للنرويج والولايات المتحدة. ففي كلمته أمام مؤتمر لرجال الأعمال في باريس، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن على الدول الأوروبية الانضمام إلى الاقتصادات الآسيوية لمطالبة الولايات المتحدة والنرويج بإبداء صداقة أكبر من خلال بيع الغاز بأسعار منخفضة.

ويذكر أن أسعار الغاز الطبيعي قد ارتفعت إلى مستويات قياسية في وقت سابق من هذا العام بعد أن أطلقت روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط الماضي، مما أدى إلى ارتفاع التضخم الإجمالي في أوروبا، وذلك بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي ودول غربية أخرى عقوبات كاسحة على موسكو التي ردت عليها بحملة تقليص وقطع إمدادات الطاقة الروسية.

"اقتصاد حرب"

وفيما حذر الزعيم البلجيكي من أن الحكومات يجب أن تكون "حكيمة" ليس فقط لمواجهة التضخم المرتفع، الناجم عن ارتفاع أسعار الطاقة، ولكن أيضاً لمعالجة مخاطر الاضطرابات الاجتماعية التي تأتي معه. انتقد الخطوات البطيئة للمفوضية الأوروبية بشأن تحديد أسعار الغاز، مشيراً إلى أن بلجيكا لن تسمح للشركات بالإفلاس أو إلقاء آلاف الأشخاص في الشوارع بسبب فواتير الطاقة.

وأضاف دي كرو: "هذه أزمة تتعلق بأكثر من مجرد طاقة، إنها حالة تتعلق بالاستقرار والأمن في القارة الأوروبية. إذا لم تتدخل مفوضية الاتحاد الأوروبي، فهناك خطر الدخول في اقتصاد حرب حقيقي". وحذر رئيس الوزراء البلجيكي الشهر الماضي من أن فصول الشتاء الخمسة أو العشرة المقبلة ستكون قاسية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة. لافتاً إلى أن "الأسعار المجنونة" ستدفع المواطنين الغاضبين بالفعل إلى الانفجار. في مرحلة ما.

وتأتي تعليقاته بعد أن احتشد آلاف المتظاهرين في بروكسل في أواخر سبتمبر/أيلول للمطالبة بزيادة الأجور وخفض أسعار الطاقة بعد أن جرى الكشف عن أن حوالي 64% من مواطني البلاد يخشون عدم القدرة على دفع فواتير الطاقة الخاصة بهم، والتي وصلت إلى متوسط ​​مذهل، 700 يورو في الشهر.

تراجع صناعي

حسب الفايننشال تايمز، تلقت أوروبا في عام 2021 حوالي 155 مليار متر مكعب من الغاز من روسيا، أي حوالي 40% من إجمالي وارداتها، لكن الأسابيع الأخيرة كانت شاهدة على تراجع الواردات الأوروبية إلى 9% فقط، نظراً لأن موسكو قطعت أو أوقفت الإمدادات بشكل مطرد.

بالمقابل، نفذ الاتحاد الأوروبي سلسلة من الخطط لخفض الطلب على الغاز بشكل عام ودعم الصناعات والمستهلكين تحت ضغط من ارتفاع أسعار الكهرباء المرتبطة بتكلفة الغاز، من أجل مواجهة التأثيرات السلبية.

وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير نشرته منتصف سبتمبر/أيلول إلى بيانات الاتحاد الأوروبي التي أظهرت أن إنتاج المصانع في منطقة اليورو انخفض بنسبة 2.3% في يوليو/تموز عن الشهر السابق، وهو أول انخفاض منذ مارس، مما يعكس جزئياً التراجع في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.

وفي سياق متصل، قال البنك المركزي الألماني يوم 19 سبتمبر/أيلول، إن التلميحات حول الركود في أكبر اقتصاد في أوروبا أصبحت أكثر وضوحاً بعد التدهور الكبير في ظروف العرض، بالإضافة إلى أزمة الطاقة التي تعصف بألمانيا والقارة الأوروبية منذ اشتعال الحرب الأوكرانية قبل 7 أشهُر. وأضاف البنك وفق وكالة بلومبرغ: "توجد علامات متزايدة على ركود الاقتصاد الألماني من حيث انخفاض واضح وواسع النطاق وطويل الأمد في الناتج الاقتصادي".

كما توقع تقرير الأعمال الشهري للبنك المركزي الفرنسي توقف توسع "النشاط الصناعي الفرنسي" بسبب حالة "عدم اليقين" المتزايدة وارتفاع أسعار الطاقة، حسب ما نقله موقع "بلومبيرغ".

TRT عربي
الأكثر تداولاً