معرض بوزلو في إسطنبول (Courtesy of Bozlu Art Project)
تابعنا

يقع مشروع بوزلو الفني في قلب حي شيشلي بمدينة إسطنبول، داخل مبنى مونغيري الذي صممه جوليو مونغيري.

وكان مونغيري من رعايا إيطاليا في إسطنبول، ووالده هو العالم الشهير الدكتور لويجي مونغيري. وقد شيّد جوليو مونغيري العديد من المباني المهمة داخل إسطنبول وخارجها، ويأتي هذا المعرض تكريماً لإرثه.

ويستمد معرض "قصور الذاكرة" اسمه، بحسب البيان الصحفي، من "آلية قصور الذاكرة التي ترجع إلى عصور الحضارات اليونانية والرومانية القديمة، كانت تستخدم في حفظ المعلومات واستذكارها بصرياً داخل بيئةٍ مكانية".

ويستهل المعرض، برعاية أوزليم إيناي إرتين، رحلته مع مونغيري الكبير (1815-1882) الذي كان طبيباً إمبراطورياً في بلاط السلطان عبد المجيد (1839-1861). كما يُعرَف بتأديته دوراً مهماً في تأسيس الطب النفسي الحديث بتركيا.

أول قطعة فنية معاصرة معروضة، إلى جانب الصور الأرشيفية والنصوص التفسيرية لعائلة مونغيري (Courtesy of Bozlu Art Project)

بينما ترك نجله جوليو مونغيري (1873-1951) "بصمته على تاريخ تركيا المعماري"، حسبما أوضح البيان الصحفي. وقد شُيِّد مبنى مونغيري في الأصل لاستضافة عائلة صادق أوغلو في أيام الجمهورية الأولى، لكنه تبع صيحات العصر لاحقاً وترك البناء المُشيّد على طراز "الحركة المعمارية الوطنية الأولى"، من أجل العيش داخل شقةٍ معاصرة خلال السنوات التالية.

وتحوّل البناء لاحقاً إلى مستشفى لأمراض النساء تحت اسم "عيادة بكيزة ترزي Pakize Tarzi Clinic"، قبل أن تتحول إلى "عيادة أتامان Ataman Clinic"، لينتهي بها المطاف مؤسسةً تعليميةً تُدعى "مدرسة يوزيل ايسيل الابتدائية Yuzyil Isil Primary School". وتحول البناء في النهاية إلى موقعٍ يستضيف مشروع بوزلو للفنون الذي كان موجوداً في مبنى بمنطقة نيشانتشي سابقاً.

وقد كتبت أمينة المعرض أوزليم انطباعاتها الأولية في مقدمة كتابها "قصرٌ في شيشلي والمعماري جوليو مونغيري A Mansion in Sisli and Architect Giulio Mongeri"، قائلةً: إنّ "منزل مونغيري ينتصب هناك وسط حي شيشلي المزدحم والمليء بالخرسانة مثل الواحة". وتبدو ملاحظاتها أكثر قرباً للحقيقة اليوم.

وواصلت في مقدمتها قائلةً إنّ المعماري الذي بناه عام 1925، جوليو مونغيري، "قد أدّى دوراً محورياً في أواخر العصر العثماني وفي السنوات الأولى للجمهورية، سواءً من خلال أنشطته المعمارية أو دوره معلماً".

يشير كتاب Evren Erol's The Creations / The Creatures of the Mind رقم 7 ، 2016 في المقدمة إلى نوع من عملية الولادة (Courtesy of Bozlu Art Project)

وأردفت أنّ مونغيري "ترك بصمته على العديد من الأعمال المعمارية في تركيا، إلى جانب المعماري كمال الدين وفيدات تيك… حيث عاش هناك حتى عام 1941".

وإذا تجوّلت في شارع استقلال فسوف تلاحظ بالتأكيد كنيسة القديس أنطون (سانت أنطونيو) البراقة التي تقع في منتصف المسافة بين ميدانَي تقسيم وتونيل، وهي من روائع مونغيري. كما أنّه مصمم قصور قاراقوي وماكا في إسطنبول، والمقرات الرئيسية لبنك زراعات والبنك العثماني وبنك تركيا ومبنى المديرية العامة انحصار في أنقرة.

ومنذ عام 1910 خدم مونغيري أيضاً مديراً في قسم العمارة بكلية الفنون الجميلة، التي تحولت الآن إلى جامعة معمار سنان.

ووسط الوثائق الأرشيفية والمعلومات الكاشفة عن حياة جوليو مونغيري وأعماله وعائلته، انتشرت قطع فنية معاصرة من أعمال مليحة سوزيري وسيرفر ديميرتاس وإيفرين إرول.

وتقول أمينة المعرض أوزليم إنّ المعرض يهدف إلى "تسليط الضوء على حياة جوليو مونغيري وتاريخ منزله… وبالتالي يحاول الاقتراب من فكرة قصور الذاكرة من منظور الممارسات الفنية المعاصرة" لثلاثة فنانين تظهر أعمالهم في المعرض إلى جانب القص التاريخي.

واجهة كنيسة القديس أنطونيوس بادوفا في شارع الاستقلال (Wikimedia Commons)

ووفقاً لإيناي إيرتين، فإنّ "المعرض يسمح للزوار بتعقب طريقة تفكير الممارسات الفنية المعاصرة عن طريق مقاربة الأعمال المعمارية التذكارية والمحملة بالذكريات في ضوء الأدلة التي تشبه طريقة عمل الذاكرة الجماعية، مع أسئلة من نوعية: هل يتمثل أولئك الأشخاص في قصص حياة الأماكن؟ وفي أي مرحلة تتداخل ذكريات الأماكن مع أماكن ذكرياتنا؟".

ويُعتبر عمل مليحة سوزيري الخفيف بعنوان "نهايات الحدود Sınır uçları"، وفيه تلاعب بحروف مصطلح "النهايات العصبية Sinir uçları"، أول عمل فني معروض. وربما حظي بهذا الموقع في المعرض من أجل الإشارة إلى والد مونغيري الذي كان طبيباً نفسياً.

أما عمل "آلة المرأة المفكرة Dusunen Kadin Makinesi" لسيرفر ديميرتاس، الذي يتألّف من محرك وأنظمة ميكانيكية وبولي أوكسي ميثيلين وبوليستر، فهو عبارة عن أندرويد على شكل إنسان بأجزاء متحركة، ويجلس في حالة استغراق وهو يُعانق نفسه وكأنها طفلةٌ داخل الرحم.

وبعدها يأتي عمل إيفرين إرول "رقم سبعة No 7"، وهو عبارة عن لوحة فنية من الأكريليك فوق البوليستر والخشب. وتشير اللوحة إلى ظهور شيء، أو ولادة من نوعٍ ما، في إشارةٍ إلى الأرجح إلى استخدام البناية عيادةً في السابق، أو ربما هي إشارةٌ تجريديةٌ أكثر.

وظل المعرض مفتوحاً إلى يوم 29 من أبريل/نيسان عام 2021، قبل أن تدخل تركيا في حالة إغلاق لمدة 17 يوماً خلال شهر رمضان واحتفالات عيد الفطر التي تعقبه.

وسوف يتسنى لعشاق الفن المهتمين أن يشاهدوا معرض "قصور الذاكرة" عقب انتهاء حالة الإغلاق بدءاً من 17 مايو/أيار. وسوف يستمر المعرض حتى الـ14 من أغسطس/آب، وسيكون متاحاً للعامة يومياً من العاشرة صباحاً حتى الخامسة مساءً، باستثناء عطلات نهاية الأسبوع.

TRT عربي