متطوعون مدنيون مسلحون يقفون في حالة تأهب في أحد شوارع كييف. (AFP)
تابعنا

بالتزامن مع بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط، أبدى عدد كبير من الأوكرانيين رغبتهم في التطوع للدفاع عن بلادهم، سواء من خلال انضمامهم إلى القتال في الصفوف الأمامية، أو من خلال نقل العتاد والإمدادات للجنود الذين يقاتلون على الجبهة.

وبينما بدأت مجموعات من المواطنين بالتدرب على حمل السلاح بشكل طوعي، منعت السلطات الأوكرانية الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً من مغادرة البلاد، قبل أن يجري تجنيدهم تلقائيّاً لاحقاً.

ومع بداية شهر مارس/آذار، وجد عدد كاف من الأوكرانيين الإرادة والوسائل لمقاومة الهجوم الروسي، حيث شكلوا جماعات مسلحة بأي سلاح يمكن أن يضعوا أيديهم عليه، وتقسّموا إلى مجموعات صغيرة للدفاع عن القرى والمدن الأوكرانية.

وفي تقرير صحفي مطول نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، الثلاثاء، وثقت من خلاله بعض قصص الانتصار التي حققتها مجموعات من المتطوعين في الدفاع عن العاصمة ومدن وقرى أخرى، والتي بدت حسب التقرير وكأنها شيء قليل الظهور في الحرب الحديثة. وهو ما ساهم في تغيير مجرى الأمور في واحدة من أكثر المعارك الأوروبية أهمية منذ الحرب العالمية الثانية.

خلية نحل مسلحة

بينما قاتل عدد كبير من المتطوعين ونصب الكمائن لمنع تقدم القوات الروسية، نفذ آخرون مهام مؤثرة مختلفة، فالبعض قام بإطعام المقاتلين وتجهيزهم واستضافتهم في منازلهم، والبعض الآخر أزال الأشجار بحثاً عن استقبال الهاتف المحمول للإبلاغ عن تحركات الجنود الروس. وهناك أيضاً من قام باستقبال النازحين ومعالجة الجرحى.

وعلى عكس مما كان عليه حال المتطوعين إبان الحرب التي استولى فيها الروس على شبه جزيرة القرم قبل 8 سنوات، حيث كانوا مجهزين حينها بالبقايا السوفيتية المتهالكة، الآن يمتلك المتطوعون خوذات كيفلر ودروعاً واقية من الرصاص، بالإضافة إلى أجهزة راديو أمريكية مزودة بسماعات رأس. فيما ساعد التدريب الغربي في تعويدهم على العمل بشكل مستقل في مجموعات صغيرة.

وفي سياق متصل، قال ياروسلاف هونشار، رئيس طاقم طائرات هجومية بدون طيار يصنعون طائرتهم المسلحة بأنفسهم: "نحن مثل خلية نحل". "نحلة واحدة لا شيء، لكن يمكن للألف هزيمة قوة كبيرة". فيما قامت مجموعة الاستطلاع الجوي ببناء طائراتها بدون طيار باستخدام أجزاء جاهزة وصنعت ملحقاً من طابعة ثلاثية الأبعاد لإلقاء قنابل يدوية مضادة للدبابات.

إنقاذ كييف من السقوط

وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، عندما توغلت طليعة من عشرات المركبات المدرعة فوق الجسر بين بوش وإيربين وبدأت في تسلق التل باتجاههم، فتح الأوكرانيون النار. وبعد معركة شرسة دامت ثلاث ساعات، دمرت المركبات الروسية أو هُجرت. ومن حينها لم يعبر الروس هذا الجسر أبداً في محاولتهم التي استمرت شهراً للاستيلاء على كييف.

ويرى الخبراء أنه لولا هؤلاء المدافعون عن كييف الذين أمّنوا المواقع الحاسمة حول المدينة في الأيام الأولى للحرب، لما كان تحقيق النصر أمراً ممكناً، حيث سمح الدفاع عن كييف للرئيس بالبقاء وحشد الدعم الوطني، فضلاً عن طلب الدعم العسكري من الولايات المتحدة وأوروبا، والتي تساعد الجيش الآن على التصدي للقوات الروسية في الشرق والجنوب واستعادة أجزاء كبيرة من الأراضي.

مهام قتالية على الصفوف الأمامية

مطلع شهر يوليو/تموز الماضي، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن أنه جرى جلب العديد من المتطوعين الأوكرانيين في وظائف بعيدة عن ساحة القتال، من الجبهة الغربية وكلفوا بمهام قتالية؛ بهدف صد القوات الروسية شرقي البلاد.

وتقول الصحيفة إن السبب الرئيسي وراء جلب المتطوعين الذين كلفوا في البداية بمهام آمنة في مناطق هادئة نسبياً مثل غرب أوكرانيا، حيث لم تصل القوات الروسية إلى هناك، يرجع إلى حجم الخسائر الفادحة في القوى البشرية في منطقة دونباس الشرقية، حيث تتقدم روسيا بقصف مدفعي شرس.

وبينما أوضحت الصحيفة أن هذه الخطوة تُعرّض المتطوعين، الذين لم يحظوا إلا بتدريب محدود، إلى مخاطر كبيرة في مثل هذا النوع من المعارك التي تختبر حتى أكثر الجنود خبرة، تقول الصحيفة إن المتطوعين لا يجبرون على الذهاب إلى الجبهة الشرقية، لكن الكثير منهم يفعل ذلك بدافع من الوطنية أو الشعور بالواجب، وربما الرغبة في عدم خذلان رفاقهم.

TRT عربي
الأكثر تداولاً