دبلوماسية التنين.. هل تتوسط بكين في محادثات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

بعد الاختراق الذي حققته في توسطها لإعادة العلاقات بين إيران والسعودية، وفي خضم المساعي التي تبذلها لترسيخ حضورها في المنطقة والاضطلاع بدور الوسيط الإقليمي، تستعدّ الصين لشنّ هجوم دبلوماسي جديد ومزاحمة الولايات المتحدة الأمريكية في ملف السلام الفلسطيني-الإسرائيلي.

وأفادت وسائل إعلام رسمية بأن وزير الخارجية الصيني أبلغ نظيريه الإسرائيلي والفلسطيني بأن بلاده مستعدة للمساعدة على تسهيل محادثات السلام. وتأتي المكالمات الهاتفية المنفصلة بين وزير الخارجية الصيني تشين جانج، وكبار الدبلوماسيين الإسرائيليين والفلسطينيين، وسط تحركات بكين الأخيرة لوضع نفسها وسيطاً إقليمياً، وفقاً لما أوردته صحيفة الغارديان البريطانية.

وبالتوازي مع الاختراقات الكبيرة التي حقّقَتها الصين في ملفات الاقتصاد والتكنولوجيا والقوة العسكرية، ما جعلها في المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة، تمضي الصين قدماً للعب دور أكبر على الساحة الدبلوماسية سعياً منها لترسيخ سياسة العالم متعدد الأقطاب، التي تهدف من خلالها إلى مزاحمة الهيمنة الأمريكية المستمرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

الصين.. وسيط جديد على الساحة الدبلوماسية

في فبراير/شباط الماضي، وبالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لاندلاع الحرب الأوكرانية، كشفت الصين عن مقترحها لتحقيق السلام في أوكرانيا، ما يُعتبر بداية حقبة دشنتها بكين لتقديم نفسها كلاعب جديد على الساحة الدبلوماسية دولياً وإقليمياً.

ولم تقتصر جهود الوساطة الصينية على الملف الأوكراني، بل أمتدت إلى منطقة الشرق الأوسط، التي كانت الولايات المتحدة فيها منذ عقودٍ الوسيطَ الدبلوماسي الرئيسي، وذلك بعد أن توسطت في استعادة العلاقات بين السعودية وإيران ونجحت في جمع الطرفين على طاولة مفاوضات واحدة بالعاصمة بكين في مارس/آذار الماضي.

وفي انتصار دبلوماسي آخر، أعلنت الصين في أواخر مارس/آذار إقامة علاقات دبلوماسية مع هندوراس، وهي الخطوة التي مكّنَت الصين من إبعاد حليف جديد عن تايوان، التي لم يعُدْ يعترف بها إلا 13 دولة في العالم.

الصين تبحث عن اختراق جديد

ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن وزير الخارجية الصيني شجّع "الخطوات لاستئناف محادثات السلام"، وقال إن "الصين مستعدة لتوفير التسهيلات لذلك"، في مكالمة هاتفية يوم الاثنين مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين.

وفي محادثته مع وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، ورد أن تشين جانج قال إن بكين تدعم استئناف المحادثات في أقرب وقت ممكن، فيما قالت وكالة شينخوا إن الوزير الصيني شدّد في كلتا المكالمتين على دفع الصين إلى إجراء محادثات سلام على أساس تنفيذ "حل الدولتين".

وتأتي هذه المحادثات في وقت تتصاعد فيه التوترات في إسرائيل. وأثارت الاشتباكات في المسجد الأقصى بالقدس في وقت سابق من هذا الشهر إدانة من دول عربية في أنحاء المنطقة. وقالت المملكة العربية السعودية، التي تأمل إسرائيل في تطبيع العلاقات معها، إن "اقتحام" إسرائيل للمسجد الأقصى يقوّض جهود السلام.

وحسب ما ورد قال تشين لنظيره الإسرائيلي إن الصين "قلقة بشأن التوتر الحالي بين إسرائيل وفلسطين، والأولوية القصوى الحالية هي السيطرة على الوضع ومنع الصراع من التصعيد أو حتى الخروج عن السيطرة".

محادثات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية

منذ أكثر من عقد تعثرت محادثات سلام توسطت فيها الولايات المتحدة استهدفت إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، ولم تظهر أي بوادر على إحيائها. وتوقفت المحادثات منذ أبريل/نيسان 2014، لعدة أسباب بينها رفض إسرائيل إطلاق سراح معتقلين قدامى، ووقف الاستيطان، وفقاً لما نقلته الأناضول.

وللمرة الأولى منذ مدة طويلة، ووسط تصاعد التوترات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي تزامنت مع تولّي حكومة يمينية متطرفة زمام القيادة في إسرائيل، رعت الولايات المتحدة اجتماع العقبة الذي ضمّ مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين، بحضور مصري وأردني، لتفادي أعمال العنف الجديدة وتأكيد التزام جميع الاتفاقات السابقة.

يُذكر أن محادثات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية، التي انطلقت بين الجانبين في عام 1993، تنقسم إلى جزأين رئيسيين، أحدهما يتمثل بإتفاقية أوسلو التي نصّت على فترة انتقالية لا تتجاوز خمس سنوات للوصول إلى تسوية دائمة بناء على قرارَي الأمم المتحدة 242 و338، وجزء لاحق لانتهاء تلك الفترة، وهما تضمَّان المحادثات والاتفاقيات التالية.

TRT عربي