دعم وتعاون وتاريخ مشترك.. تعرّف أبرز محطات العلاقات التركية-الفلسطينية / صورة: AA (AA)
تابعنا

تلبيةً لدعوة تلقاها من الرئيس رجب طيب أردوغان، وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ظهر الاثنين، إلى العاصمة التركية أنقرة، للقاء نظيره رجب طيب أردوغان، اليوم (الثلاثاء). وسبق أن أعلنت الرئاسة التركية، في بيان لها، أن الرئيسين سيستعرضان خلال اللقاءات العلاقات التركية-الفلسطينية بجميع جوانبها.

وحسب البيان، سيبحث الجانبان أيضاً الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعميق التعاون بين البلدين. كما يُتوقع أن تتناول المحادثات التطورات الأخيرة في سياق المسألة الفلسطينية-الإسرائيلية، إلى جانب التطورات الإقليمية والدولية الراهنة الأخرى، وفقاً لما نقلته "الأناضول".

ومتجذرةً في التراث الثقافي المشترك والشعور العميق بالتضامن، صمدت العلاقة التركية-الفلسطينية أمام اختبار الزمن وتطورت إلى تحالف قوي يتميز بالدعم والتعاون على جميع الأصعدة، وفي مختلف الميادين والمحافل. في هذا التقرير نستكشف أبرز وأهم المحطات في العلاقات التركية-الفلسطينية.

الجذور التاريخية

يمكن إرجاع جذور العلاقات التركية-الفلسطينية إلى العصر العثماني، عندما دخلت منطقة الشرق الأوسط تحت مظلة الدولة العثمانية، بما في ذلك فلسطين الحالية. خلال هذه الفترة، بدأ الشعور بالوحدة والهوية المشتركة بين الأتراك والفلسطينيين في الظهور، مما ترك أثراً دائماً على تاريخ المنطقة وثقافتها.

ومباشرةً عقب خسارة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، احتلت بريطانيا فلسطين، مما أدى إلى تغييرات كبيرة في المنطقة. خلال هذه الفترة، حافظت تركيا، بعد إعلان الجمهورية التركية عام 1923 بقيادة المؤسس مصطفى كمال أتاتورك، على موقف متعاطف مع تطلعات الفلسطينيين لتقرير المصير والاستقلال.

دعم تركي بلا حدود

طوال القرن العشرين، دأبت تركيا على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. أعرب القادة والدبلوماسيون ومنظمات المجتمع المدني الأتراك عن قلقهم إزاء محنة الفلسطينيين، داعين إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، وكذلك إلى حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني بالوسائل السلمية. وعلى الدوام، أكد القادة الأتراك أهمية الحل العادل والدائم للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وتعزيز الحوار، والدعوة لحقوق اللاجئين الفلسطينيين.

ومع مجيء حزب "العدالة والتنمية" إلى سدة الحكم في تركيا مطلع القرن الحادي والعشرين، ازداد زخم الدعم التركي للفلسطينيين وقضيتهم ومقدساتهم، وباتت تركيا من أولى الدول التي تهبّ لنصرة فلسطين في المحافل الإسلامية والدولية. وعلى الصعيد الدبلوماسي، دعمت تركيا باستمرار فلسطين في المحافل والمنظمات الدولية، واستنفر وزراء خارجيتها على الدوام لحشد الدعم والتأييد الإقليمي والدولي.

وعلى هامش مؤتمر عُقد بعد لقائه الرئيس الفلسطيني في أغسطس/آب الماضي، قال أردوغان: "إن فلسطين دائماً لديها مكانة خاصة بالنسبة لبلدنا وفي قلوب شعبنا. وكما هو الحال دائماً، نحن نواصل تضامننا مع الشعب الفلسطيني ودعمنا للقضية الفلسطينية بأقوى شكل ممكن".

وأضاف أردوغان أن تركيا التي اعترفت بدولة فلسطين منذ لحظة إعلانها، تدافع عن رؤيتها لحل الدولتين في كل محفل. وتابع حديثه قائلاً: "نحن لا نقبل بأي شكل من الأشكال، أي أعمال تهدف إلى تغيير الوضع القانوني للقدس والمسجد الأقصى. إننا ننقل حساسيتنا وتطلعاتنا بشأن هذه القضايا إلى نظرائنا الإسرائيليين مباشرةً وبكل وضوح وصراحة. إن الخطوات المتخَذة حول علاقاتنا مع إسرائيل لن تقلل بأي حال من الأحوال من دعمنا للقضية الفلسطينية. بل على العكس من ذلك، أشقاؤنا الفلسطينيون أيضاً يُعربون عن أن هذه الخطوات ستسهم في حل القضية الفلسطينية وتحسين أوضاع الشعب الفلسطيني. كما أننا نتابع الجهود المبذولة لتحقيق الوحدة والمصالحة بين أشقائنا الفلسطينيين. ونحن على استعداد لتقديم جميع أنواع الدعم في هذا الصدد أيضاً".

في المقابل، شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال لقائه وفد المحكمة الدستورية التركية في مقر الرئاسة بمدينة رام الله مطلع العام الجاري، على أهمية الدور التركي في دعم القضية الفلسطينية في مختلف المجالات. وأكد عباس أهمية الدور التركي في دعم القضية الفلسطينية في المجال الإسلامي والدولي، حيث عبَّر عن شكره للجمهورية التركية ومؤسساتها على ما تقدمه من دعم في جميع المجالات، والوقوف مع دولة فلسطين في المحافل الدولية كافة وحماية ودعم المقدسات الإسلامية.

يد تركيا ممدودة دائماً

وعلى الصعيد الإنساني، لطالما كانت تركيا شريكاً أساسياً في تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في أوقات الأزمات. حيث شاركت المنظمات والهيئات الحكومية التركية بنشاط في تقديم الإمدادات الأساسية والمساعدات الطبية والدعم للمجتمعات الفلسطينية المتضررة من النزاعات والكوارث الطبيعية والمصاعب الاقتصادية.

وفي لقاء سابق، قال الرئيس أردوغان إن تركيا مستمرة في إرسال المساعدات الإنسانية والتنموية إلى فلسطين. مستطرداً: "نحن لم ندرج فلسطين في بعض القيود التي طبقناها من أجل حماية أمننا الغذائي بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية". وأشار أيضاً إلى أن تركيا تواصل تقديم المساعدات الغذائية والمالية لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، كما فعلت في السنوات السابقة. متابعاً حديثه: "كما أننا ندعم المؤسسات الفلسطينية في مجال الفنون والثقافة. ونشجع على السياحة إلى فلسطين لا سيما القدس».

ومن تأسيس مكتبها في فلسطين عام 2005، قامت رئاسة وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) بتلبية احتياجات الفلسطينيين من خلال 543 مشروعاً في الأراضي الفلسطينية بين عامي 2005 و 2018. وتنوعت مشاريع "تيكا" ما بين الخدمات في مجال التعليم وتوفير المياه والصحة العامة وحفظ الإرث التاريخي المشترك ودعم البنية التحتية الإدارية والمدنية.

كما لعبت برامج التبادل الثقافي والتعليمي دوراً حيوياً في تعزيز الروابط بين تركيا وفلسطين. وعزز التعاون الأكاديمي والتبادلات الطلابية والفعاليات الثقافية فهماً وتقديراً أعمق لتراث كل منهما، مما زاد من توطيد الروابط بين البلدين.

وفي السنوات الأخيرة، عملت تركيا وفلسطين على تعزيز العلاقات الاقتصادية، حيث تهدف الاتفاقيات التجارية الثنائية والشراكات الاستثمارية والمشاريع المشتركة إلى تعزيز التنمية الاقتصادية في كلا البلدين، مما يؤدي إلى المنافع المتبادلة وفرص النمو.

وعلى صعيد التضامن الشعبي، ربما يكون أحد أهم جوانب العلاقة التركية-الفلسطينية هو التضامن الذي لا ينضب الذي أظهره الشعب التركي تجاه نظرائه الفلسطينيين. كانت مسيرات التضامن والمظاهرات والتأييد الشعبي سمة مميزة للموقف التركي من القضية الفلسطينية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً