"ديوان لغات الترك".. تعرّف أهم الكتب وأول جسر تواصل بين التركية والعربية (Others)
تابعنا

بعد أن ظل مفقوداً لمئات السنين، ظهر كتاب "ديوان لغات الترك" لمؤلفه محمود بن حسين بن محمد الكاشغري مجدداً في عام 1914، إذ طُبع في ثلاث مجلدات آنذاك في إسطنبول، وترجمه اللغوي التركي باسم آتالاي إلى التركية بين عامي 1939 و1943 في المجمع اللغوي التركي.

وحتى يومنا هذا، يعد "ديوان لغات الترك" أهم الكتب التركية وأول جسور التواصل بين اللغتين العربية والتركية، وكيف لا وهو أول قاموس موسوعي بالعربية يهدف إلى التعريف بلغة الأتراك على اختلاف لهجاتهم، فضلاً عن التعريف بثقافة قبائل الأتراك وتاريخهم وعاداتهم وأماكنهم آنذاك.

في الفيديو السابق، نشاهد عملية تغليف ونقل كتاب "ديوان لغات الترك"، أحد أقيم الكتب في التاريخ التركي، بل وربما الأكثر قيمة، من المكتبة الرئاسية في العاصمة أنقرة إلى مكانه الأصلي في مكتبة علي الأميري أفندي الوطنية في حي الفاتح بمدينة إسطنبول.

ديوان لغات الترك

إلى جانب كون كتاب "ديوان لغات الترك" أول وأكثر الأعمال اللغوية شمولاً وأهمية على اللغة التركية المكتوبة في غرب آسيا، يعتبر من جهة أخرى كنزاً ثقافياً عن الثقافة والحضارة التركية في القرن الحادي عشر. ودائماً كان الكتاب أحد الموضوعات البحثية الرئيسية في علم الترك لما يقرب من قرن، بجانب كونه مرجعاً مهماً يؤرخ الفترة التي أعقبت دخول الأتراك الإسلام وبدء علاقتهم بالحضارة العربية والإسلامية.

ويُظهر القاموس العربي التركي، الذي أُعد وفقاً لمبادئ المعاجم العربية العميقة الجذور، أن مؤلفه محمود الكاشغري تلقى تعليماً شاملاً في اللغة العربية، فضلاً عن إلمامه الواسع باللهجات التركية ومعرفته التفصيلية بالقبائل التركية وحياتهم الاجتماعية، بالإضافة إلى عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم.

يتكون الكتاب من ثمانية فصول، كل فصل ينقسم إلى قسمين: اسم وفعل. ويتضمن الكتاب المشار إليه نحو 7500 مادة لغوية، ما جعل منه أهم مرجع لمعرفة اللهجات التركية. كما يتضمن الكتاب خرائط توضح أماكن زيارات الكاتب للقبائل التركية، ما جعل منه أول وأهم مرجع جغرافي ضم خرائط العالم التركي آنذاك، فضلاً عن تسليطه الضوء على الأمثال والحكايات الشعبية والأشعار، الأمر الذي دفع بعض المختصين إلى اعتباره أول أنطولوجيا شعرية في العالم التركي.

محمود الكاشغري

يعد محمود الكاشغري، الذي ولد بمدينة "كاشغار" في تركستان الشرقية لعائلة نبيلة في القرن الحادي عشر مكنته من تلقي تعليم جيد خلال حكم القراخانيين، أول لغوي تركي معروف. قدم الكاشغري، الذي أتقن العربية والفارسية واهتم بعلوم اللغة حتى أصبح من أبرز اللغويين في ذلك العصر،علماً باللغة التركية في تلك الفترة بالكلمات والمعلومات والأمثلة الشعرية التي جمعها من خلال زيارة الأوطان التركية.

لعب الكاشغري، الذي عاش في بغداد لفترة، دوراً رئيسياً في تقديم اللغة والثقافة التركية للعرب. وبينما لا يعرف المؤرخون سنة ميلاده ووفاته على وجه التحديد، إلا أنهم يقدرون أنه ولد في أوائل القرن الحادي عشر، وذلك نظراً إلى أن كتابه موضوع الحديث قد خُط بين عامي 1070 و1074.

ويقال أن الكاشغري بدأ في كتابة كتابه بمسقط رأسه كاشغار وأتمّه في عاصمة الخلافة آنذاك بغداد، فيما استغرقت كتابته نحو 15 عاماً من البحث والسفر، عاش خلالها بين قبائل الأوغوز والتركمان والكارلوك والأيغور والقرغيز بحثاً عن الكلمات واللهجات من أجل تدوينها وترجمتها للعربية، فضلاً عن شرح القواعد اللغوية، الأمر الذي لم يجعل من كتابه قاموساً فحسب، بل أول مرجع في قواعد اللغة التركية أيضاً.

اللغة التركية

حسب المعلومات الواردة في المقال الذي نشرته مجلة "نيتشر"، يمكن القول إن التركية بدأ التحدث بها في مناطق شاسعة شمال شرق آسيا منذ نحو 9 آلاف عام، وأن أصل عائلة اللغة الألطية (Altay)، التي تعتبر التركية جزءاً أصيلاً منها، يعود إلى المزارعين الذين عاشوا في مناطق شمال شرق آسيا آنذاك.

ووفقاً لدراسة أخرى أعدها رئيس جمعية اللغة التركية (TDK) السابق، شُكري خلوق أقالين، عام 2008، جاء فيها أنه من إجمالي 6 آلاف و912 لغة متحدَث بها حول العالم، تعد التركية من أكثر 5 لغات استخداماً في العالم. وتتفرع اللغة التركية التي يتحدث بها نحو 3% من سكان المعمورة من عائلة اللغات الأورالية-الألطية، التي تُنسب إلى جبل "ألطاي" في آسيا الوسطى.

وتعد اللغة التركية اللغة الرسمية الوحيدة ليس فقط في تركيا، بل أيضاً في جمهورية شمال قبرص التركية. إضافة إلى كونها لغة رسمية إلى جانب اليونانية في الجزء الجنوبي (الرومي) من جزيرة قبرص. فيما تعتمد 5 دول أخرى إلى جانب تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية، اللغات التركية ولهجاتها لغةً رسميةً لها، هي: أذربيجان وتركمانستان وأوزبكستان وقرغيزيا وكازاخستان.

TRT عربي