زادت حدته بمعدلات مهولة.. لماذا يستهدف خطاب الكراهية بأمريكا أطفال المسلمين؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

كانت حادثة الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بمثابة بداية عهد جديد للمسلمين في الولايات المتحدة. فبعد وقت قصير من الهجمات الإرهابية على برجي التجارة والبنتاغون، أصبح العديد من المسلمين، بالإضافة إلى العرب الأمريكيين الآخرين، أهدافاً للغضب والعنصرية في الولايات المتحدة.

وبعد مرور أكثر من عقدين على هذه الحوادث، لا تزال ظاهرة الإسلاموفوبيا تطارد المسلمين في الولايات المتحدة مستمرة، وشهدت ازدياداً في حدتها خلال فترة ترمب الرئاسية التي قال فيها إنه سيحظر دخول المسلمين إلى هذا البلد. وقال إنه يعتقد أن الإسلام يكرهنا، وفقاً لتقرير سابق نشرته شبكة إي بي سي نيوز الأمريكية.

ومع تصاعد خطاب الكراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، ولسوء الحظ، أصبح الأطفال هدفاً رئيسياً لهذه الكراهية. يتعرض الأطفال المسلمون، في المدارس على وجه الخصوص، لأشكال مختلفة من التمييز والمضايقة وحتى العنف بسبب دينهم.

وتُعرّف الأمم المتحدة خطاب الكراهية بأنه "أي نوع من التواصل، الشفهي أو الكتابي أو السلوكي، الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الهوية، وبعبارة أخرى، على أساس الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو النسب أو النوع الاجتماعي أو أحد العوامل الأخرى المحددة للهوية". وهو الفعل الذي يُصنف بمثابة جريمة جنائية في الولايات المتحدة.

معدلات مرتفعة من الكراهية

أصدر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) تقريراً يغطي حوادث شكاوى الحقوق المدنية على مستوى البلاد من قبل الأمريكيين المسلمين في عام 2022 والتي وجد أنها شكّلت انخفاضاً بنسبة 23%، في حين زادت الشكاوى حول حوادث المدارس بنسبة 63%.

وفي حديثه إلى الأناضول عن مخرجات هذا التقرير، قال كوري سايلور، رئيس قسم الأبحاث والدعوة في مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، إن هذا هو أول انخفاض مسجل في شكاوى الحقوق المدنية من قبل الأمريكيين المسلمين منذ أن بدؤوا في تتبع هذه البيانات في عام 1995.

وقال سايلور إن الشعب الأمريكي ما زال لا يحتضن المسلمين كجزء من المجتمع، مضيفاً أن تصوير المسلمين في وسائل الإعلام بعد إسقاط المحكمة العليا الأمريكية قضية رو ضد وايد بشأن الإجهاض في عام 2022، وانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في عام 2021 دليل على ذلك.

خطاب الكراهية يتسلل إلى المدارس والبنوك

شهدت الشكاوي المدنية المتعلقة بخطاب الكراهية من الحوادث المدرسية زيادة بنسبة 63% في عام 2022. الأمر الذي دفع كوري سايلور للقول "يثير قلقنا بشكل لا يصدق التنمر أو المواد المُعادية للإسلام في التدريس في الفصول. لذلك، بينما يسعدنا أن نرى حالات من النوع الحكومي تنخفض، لسوء الحظ، يبدو أن الأطفال هم أحد الأهداف الرئيسية".

وشدد على أنه بالرغم من بعض الأمثلة السلبية إلا أن هناك أنباء إيجابية للمسلمين في التعليم والرياضة. وأشار سايلور إلى أن المسؤولين الحكوميين في ولايتي أوهايو وماريلاند أصدروا قوانين لحماية الرياضيين الذين يرتدون الحجاب بسبب معتقداتهم الدينية.

ولفت سايلور الانتباه إلى أنه لا يزال هناك اتجاه تصاعدي في الأعمال المُعادية للمسلمين في التعليم والبنوك على الرغم من انخفاض إجمالي الشكاوى بنسبة 23%، مضيفاً أن المؤسسات المالية تفتح وتغلق الحسابات المصرفية على أساس المعتقدات الدينية، مما جعل المعاملات المصرفية تحدياً كبيراً للمسلمين.

وأشار إلى استطلاع أجراه معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم في مارس/آذار الماضي، والذي كشف عن أن 27% من المسلمين في الولايات المتحدة يواجهون صعوبات مع المؤسسات المالية.

لماذا تحول الأطفال إلى أهداف رئيسية؟

الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة معقدة، لكن بعض العوامل الرئيسية يمكن أن تساعد في تفسير سبب كون الأطفال الهدف الرئيسي للكراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة. إليكم فيما يلي أبرزها وفقاً للخبراء:

أولاً، يُنظر إلى الأطفال على أنهم أهداف سهلة للتنمر ومجموعات الكراهية. إنهم ضعفاء وغالباً ما يفتقرون إلى المهارات الاجتماعية والعاطفية للدفاع عن أنفسهم ضد التحرش والتمييز. وهذا يجعلها هدفاً سهلاً لأولئك الذين يريدون نشر الكراهية وزرع الانقسام في المجتمع.

ثانياً، غالباً ما يكون الأطفال المسلمون أقليات مرئية، مما يجعلهم أكثر وضوحاً وعرضة للتمييز. وفقاً لمركز بيو للأبحاث، يشكل المسلمون حوالي 1% فقط من سكان الولايات المتحدة. وهذا يعني أن الأطفال المسلمين هم في الغالب الوحيدون في مدارسهم أو أحيائهم الذين يرتدون الحجاب أو الملابس التقليدية الأخرى، ويتحدثون اللغة العربية أو لغة أخرى غير الإنجليزية، أو يتبعون ممارسات دينية مختلفة. يمكن أن تجعلهم هذه الرؤية أهدافاً للتمييز، لا سيما في المجتمعات التي لا يوجد فيها سوى القليل من الفهم أو القبول للتنوع.

ثالثاً، لعبت وسائل الإعلام دوراً مهماً في إدامة الصور النمطية والأحكام المسبقة المعادية للمسلمين، والتي يمكن أن تؤثر على كيفية فهم الناس للأطفال المسلمين ومعاملتهم. على سبيل المثال، غالباً ما تربط التغطية الإعلامية للهجمات الإرهابية الإسلام والمسلمين بالعنف والإرهاب، الأمر الذي يخلق تصوراً سلبياً عن المسلمين في أذهان بعض الأمريكيين، بمن فيهم الأطفال.

رابعاً، خلق المناخ السياسي الحالي في الولايات المتحدة بيئة يمكن أن تزدهر فيها الكراهية ضد المسلمين. غالباً ما استخدم القادة السياسيون الخطاب المُعادي للمسلمين لمناشدة قاعدتهم، بل إن بعضهم اقترح سياسات تستهدف المسلمين على أساس دينهم. هذا يمكن أن يخلق شعوراً بالخوف وعدم الثقة تجاه المسلمين بشكل عام، ومن ضمنهم الأطفال المسلمين.

TRT عربي