السيارة التركية الطائرة من طراز "جزري"، صناعة شركة "بايكار" (AA)
تابعنا

مع التقدم الذي تشهده تركيا في الصناعات الدفاعية وصناعة الطائرات المسيّرة التي تفوقت على المستويين الإقليمي والدولي، وخبراتها التي تزيد يوماً بعد يوم في تكنولوجيا الطيران والفضاء، تسعى أنقرة جاهدة لحجز مقعد متقدم في صف الدول التي تعمل على تصنيع تكنولوجيا السيارات الطائرة، من خلال الدعم المالي والتقني الذي تقدّمه للشباب الأتراك والشركات الناشئة المهتمه بهذه التقنية، من أجل تشجيعهم على إخراج منتجات متطورة لها القدرة على المنافسة عالمياً.

وتسعى الحكومة التركية من خلال عمل البرامج التدريبية والمهرجانات التكنولوجية المتنوعة، لحثّ الشباب الأتراك على الابتكار والاختراع، ورفع الوعي المجتمعي تجاه صناعة الطيران والفضاء والتكنولوجيا، للنهوض بتركيا والدخول بها في مصافّ الدول العشر الأولى اقتصادياً.

وفي أثناء حديثه في الحفل الذي أقامته وزارة الشباب والرياضة الثلاثاء، قال وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى وارانك، إن "تركيا ستلعب دوراً رائداً في صناعة السيارات الطائرة، بسبب شبابها المجتهدين الذين يؤمنون بأنفسهم، والذين يمتلكون أفقاً بوسع مجرة ​​درب التبانة"، وأضاف: "كما نجحنا في صناعة الطائرات المسيّرة التي تحدث العالم أجمع عنها، سنكتب قصص نجاح في جميع المجالات المبتكرة بفضل شبابنا".

ريادة سباق السيارات الطائرة

في غضون السنوات العشرة الأخيرة لم تنجح تركيا في سبر عوالم صناعة الطائرات المسيَّرة وحسب، بل تفوقت في صناعة هذه المنتجات وبدأت تصديرها إلى عديد من الدول بعد النجاحات الهائلة التي حققتها فوق أكثر من ساحة صراع إقليمية ودولية، وما تبعه من اصطفاف دول أوروبية عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من أجل اقتناء التكنولوجيا التركية المتطورة والفعالة ورخيصة الثمن، إذا ما قورنت بمثيلاتها الأمريكية والإسرائيلية.

ومع اقتراب موعد إطلاق السيارة الكهربائية التركية "TOGG" عام 2022، والطفرة التي تشهدها صناعة الطائرات المسيَّرة مؤخراً، زادت آمال أنقرة في اللحاق بركب صناعة السيارات الطائرة، وعقدت العزم على الريادة في تكنولوجيا النقل المستقبلية، ومنافسة الدول التي تعمل على تصنيع السيارات الطائرة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.

وفي أثناء مشاركته في مهرجان "تكنوفيست" في مدينة غازي عنتاب العام الماضي، قال الرئيس رجب طيب أردوغان، إن تركيا ستحقق النجاح في مجال السيارات والسيارات الطائرة على غرار نجاحاتها في صناعة الطائرات المسيَّرة، وأشار خلال كلمته إلى أن "تركيا تبوأت مكانة بين الدول القليلة في العالم على صعيد الطائرات المسيرة، ونؤمن بأننا سنحقق النجاح ذاته في مجال السيارات والسيارات الطائرة"، ولفت إلى أن حكومته تعمل بكامل طاقتها من أجل الارتقاء بتركيا إلى أهدافها لعام 2023، معرباً عن ثقته بأن شباب المستقبل سيواصلون السير في طريق ازدهار البلاد وتحقيق رؤيتَي 2053 و2071.

السيارة الطائرة "جزري"

في سبتمبر/أيلول 2020، أعلنت شركة "بيكار" التركية المختصة بالصناعات الدفاعية، والرائدة في تصنيع الطائرات المسيّرة من طرازَي "بيرقدار تي بي 2" و"أقينجي"، نجاح اختبارات التحليق الأولية لسيارتهم الطائرة "جزري"، التي طُوّرت بإمكانيات محلية خالصة، إذ قالت الشركة في بيان عقب الاختبارات، إن "النموذج الأولي للسيارة الطائرة البالغ وزنه 230 كيلوجراماً، حلّق بارتفاع 10 أمتار في أثناء الاختبارات".

وغرّد سلجوق بيرقدار، المدير التقني لشركة "بايكار" التركية، على حسابه في على موقع تويتر كاتباً "مستقبل تركيا"، مرفقاً فيديو لأول اختبار تحليق للسيارة التركية الطائرة. يُذكر أن العمل على السيارة الطائرة بدأ بتصميم تصوري عام 2019، وانتهى بتنفيذ أول تحليق لها بعد سنة ونصف.

وأفاد بيرقدار بأنهم يعتزمون صنع نماذج أولية أكثر تطوراً خلال الفترة المقبلة، وتنفيذ رحلات مأهولة، وأضاف: "سيستغرق الأمر نحو 10-15 سنة حتى تهبط السيارة الطائرة "جزري" في الطرقات، وقد نشهد خلال 3 أو 4 سنوات استخداماً ترفيهياً لها في المناطق الريفية".

وتستقي السيارة الطائرة اسمها من العالم المسلم مؤسس علم التحكم الآلي بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري، المولود عام 1136 في منطقة جزيرة ابن عمر التي تقع اليوم في الأقاليم السورية الشمالية على نهر دجلة، والذي عمل رئيساً للمهندسين في ديار بكر، حيث برع في تصميم وتنفيذ آلات كثيرة لم تكن معروفة من قبل، منها: آلات رفع الماء، وساعات مائية ذات نظام تنبيه ذاتي، وصمامات تحويل وأنظمة تحكم ذاتي، وكثير غيرها.

مهرجان "تكنوفيست"

من أجل النهوض بصناعة الطيران والفضاء وتطوير التكنولوجيا عموماً، وزيادة الوعي حول تحول تركيا إلى مجتمع ينتج التكنولوجيا الوطنية، يحيا سنوياً مهرجان "تكنوفيست"، الذي ينظمه وقف فريق التكنولوجيا التركي (T3 Vakfı) ويرأسه سلجوق بيرقدار، برفقة وزارة التكنولوجيا والصناعة التركية، وبمشاركة عديد من الشركات والمنظمات التي تلعب دوراً مهماً في تطوير التكنولوجيا الوطنية في تركيا.

واعتباراً من عام 2018، يُستضاف عديد من الأنشطة مثل المسابقات التقنية والعروض الجوية والفاعليات والمقابلات حول مواضيع مختلفة، وذلك من أجل زيادة الوعي المجتمعي حول أهمية التكنولوجيا وصناعة الطيران والفضاء، فضلاً عن تحقيق أحلام آلاف الشباب الذين سيكونون حجر الأساس في زيادة الموارد البشرية المدربة في مجالات العلوم والهندسة في تركيا.

وخلال المهرجان يجد الزوار الفرصة لرؤية فخر الصناعات الدفاعية التركية في مجال الطيران من كثب، وبالأخص مسيّرات شركة "بيكار" من طرازي "بيرقدار تي بي-2" و"أقينجي"، ومسيّرة "العنقاء"، والمقاتلة المحلية الشبحية من الجيل الخامس (قيد التصميم)، ومروحيات "تي 625"، والقمر الصناعي "غوكتورك-2"، وطائرات التدريب، وطائر التدريب"حر جيت"، ومروحيات "أتاك".

وفي عام المهرجان الأول تَقدَّم 4333 فريقاً و20 ألف شابّ لمسابقات التكنولوجيا التي أقيمت في 14 فئة مختلفة، وفي العام التالي 2019 تقدم 17373 فريقاً و50 ألف متسابق من 81 مقاطعة و122 دولة للمشاركة في المسابقات التي أقيمت فيها مسابقات تقنية في 19 فئة مختلفة، والعام الماضي، على الرغم من جائحة كورونا، استضافت مدينة غازي عنتاب المهرجان بنسخته الثالثة، حيث تقدم 20197 فريقاً و100 ألف شاب من 81 مقاطعة و84 دولة للمشاركة في المسابقات التقنية التي أقيمت في 21 فئة مختلفة.

TRT عربي