تابعنا
على مدى الأعوام الثلاثين الماضية نجح أردوغان في الفوز في 17 انتخاباً، مما يدل على فطنته السياسية القوية والدعم الذي يتمتع به بين الشعب التركي. وبينما يتطلع أردوغان إلى الأمام، يستعدّ لإضافة انتصار آخر إلى سجلّه السياسي المثير للإعجاب.

بدأ رجب طيب أردوغان، الشخصية البارزة في السياسة التركية، مسيرته السياسية في عام 1976 في فروع الشباب لحزب السلامة الوطني (حزب الإنقاذ الوطني)، فيما اتخذت مسيرته نحو النجاح منعطفاً هامّاً في عام 1994 عندما فاز برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، وقد حوّلت قيادة أردوغان إسطنبول، وكان هذا النصر بمثابة بداية لسلسلة من النجاحات.

وعلى مدى الأعوام الثلاثين الماضية نجح أردوغان في الفوز في 17 انتخاباً، ما يدل على فطنته السياسية القوية والدعم الذي يتمتع به بين الشعب التركي. وبينما يتطلع أردوغان إلى الأمام، يستعدّ لإضافة انتصار آخر إلى سجلّه السياسي المثير للإعجاب.

أردوغان.. القوة الدافعة لحزب العدالة والتنمية

يقول الصحفي فاتح سيليك إنّ "كل انتخابات لها ديناميكياتها، ويكون إقبال الناخبين أكثر كثافة في الانتخابات المحلية لأن المرشحين يأتون في المقدمة. ومع ذلك فإن القوة الدافعة في جميع الانتخابات لحزب العدالة والتنمية كانت متمثلة في الرئيس رجب طيب أردوغان".

ووصف الرئيس أردوغان بأنه "ساحر انتخابي" يجذب الجماهير خلفه بكاريزمته القيادية، ويصوّت الملايين من الناس لصالح الأشخاص الذين يشير إليهم دون أدنى شك.

وأضاف سيليك في حوار مع TRT World أنه "في البداية عانى أردوغان مع الهياكل العميقة داخل الدولة، ثم مع تشكيلات مثل تنظيم غولن الإرهابي وغيرها من المنظمات الإرهابية، وخرج منتصراً من صناديق الاقتراع، لكن هذه الانتخابات لديها جوّ مختلف بعض الشيء".

وتابع: "نحن نشاهد عملية انتخابية لطيفة بالطبع، كان للمعارضة أيضاً تأثير في ذلك، الأحزاب التي شكّلت ائتلافاً ضد أردوغان في الانتخابات العامة هي في حالة فوضى، فحزب الشعب الجمهوري مثلاً منقسم داخلياً إلى ثلاثة أجزاء".

ومع بقاء يوم واحد فقط على موعد الانتخابات، فإن الأجواء السياسية في البلاد مشحونة بالترقب والإثارة، ويكثف المرشحون حملاتهم الانتخابية، ويجوبون أنحاء البلاد لحشد الدعم لأحزابهم، ويتنافس كل مرشح للحصول على فرصة تمثيل ناخبيه وتوجيه مسار مستقبل البلاد.

انتخابات حاسمة

وفي المقابل، يدرس الناخبون خياراتهم بعناية ويزنون الوعود والسياسات التي يقدمها المرشحون، وهم يدركون أهمية قرارهم وتأثيره في حياتهم والأمة ككل، فيما يرى الخبراء أن نتيجة الانتخابات من شأنها أن تشكل اتجاه البلاد لسنوات قادمة، مما يجعلها نقطة حاسمة في تاريخها.

وبينما يقدم المرشحون نداءاتهم النهائية ويستعدّ الناخبون للإدلاء بأصواتهم، تقف الأمة على حافة فصل جديد، فالسباق محتدم والمخاطر عالية، وتتجه الأنظار كافة نحو الانتخابات في انتظار معرفة مَن سيظهر متصدراً ويقود البلديات إلى الأمام.

وفي هذا السياق قال سيليك إنه "على الرغم من أن أردوغان شخصية سياسية تحب الصيد في الطقس الضبابي، فإنه لا توجد بيئة أو خطاب يمكن أن يجبره على الخروج إلى أرض الملعب، ونظراً إلى تشتت معارضيه فيمكن القول إن هذه هي الانتخابات الأسهل لأردوغان".

التركيز الرئيسي.. إسطنبول وأنقرة وإزمير

مع اقتراب موعد الانتخابات تُسلَّط الأضواء بشكل ساطع على ثلاث مدن رئيسية تقع حالياً تحت سيطرة المعارضة، أما بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم فإن خسارة هذه المدن لن تكون ضربة مدمرة، إذ إنّ قاعدته لا تزال صامدة، ومع ذلك فإن الفوز بإسطنبول هو مسألة هامة.

إسطنبول، التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة، وهو ما يتجاوز عدد سكان 131 دولة، هي مدينة ذات أهمية كبيرة، وتحتل مكانة خاصة في الرحلة السياسية للرئيس أردوغان، إذ كانت نقطة البداية للقصة التي أدت إلى رئاسته.

إنّ المثَل القائل: "من يحصل على إسطنبول يحصل على تركيا" يلخص أهمية المدينة باعتبارها مركزاً للثروة والنفوذ والسلطة.

ويقول إحسان أكتاش، رئيس البحوث في دار النشر التركية جنار (GENAR) إنه "منذ فوزه في الانتخابات عام 1994 يرى أردوغان أن إسطنبول مسقط رأس حركة حزب العدالة والتنمية، فقد تعلّم السياسة على نطاق عالمي في إسطنبول، كما قدم أردوغان وحزب العدالة والتنمية كثيراً إلى إسطنبول".

ويضيف أكتاش في حديثه لـTRT World: "لقد نفذوا ما يقرب من نصف استثمارات البلاد في إسطنبول، ولم يخطئ حزب العدالة والتنمية في الخدمة، فقط لم يأخذوا تركيبة المدينة المجتمعية بعين الاعتبار، لهذا السبب خسروا إسطنبول في الانتخابات الأخيرة".

وفي حين أن هذه الانتخابات تحمل أهمية بالنسبة إلى الرئيس أردوغان، فإن نتائجها أكثر أهمية بالنسبة إلى مسار المعارضة ومستقبل مدينة إسطنبول، إذ تمثل لحظة محورية قد تُعيد تشكيل المشهد السياسي وتمهد الطريق لمعارك القيادة المستقبلية داخل المعارضة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً