أردوغان: "العمليات لا يمكن تنفيذها بإعلانها. لدي عبارة أقولها دائماً: قد نأتي ذات ليلة على حين غرة" / صورة: AA (AA)
تابعنا

"سنأتي ذات ليلة على حين غرة"، بهذه العبارة هددت تركيا سابقاً التنظيمات الإرهابية وكذلك اليونان ولا تزال تكررها على لسان مسؤوليها، فيما باتت هذه العبارة شارة بداية لأي عملية عسكرية تركية وشيكة.

العبارة المذكورة، باتت صالحة لجميع الأماكن وفق قول وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، وكذلك تصريح الرئيس أردوغان الذي وصفها بالقول: "العمليات لا يمكن تنفيذها بإعلانها. لدي عبارة أقولها دائماً: قد نأتي ذات ليلة على حين غرة. هذه هي خلاصة الأمر".

وتعود العبارة إلى الواجهة، بعد إعلان وزارة الدفاع التركية عملية المخلب-السيف الجوية الواسعة التي انطلقت مساء السبت، ضد التنظيمات الإرهابية في شمالي سوريا والعراق ودكّت معاقلهم.

ليس هذا فحسب، استخدمت العبارة سابقاً أيضاً مع تصاعد حدة الاستفزازات اليونانية وانتقالها إلى مرحلة تسليح جزر بحر إيجة المتنازع عليها مع تركيا بشكل علني، إذ جدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحذيراته إلى كل من يهدّد مصالح تركيا وأمنها، ومن ضمنها اليونان، التي حذرها قائلاً: "لا تنسوا إزمير، قد نأتي ذات ليلةٍ على حين غرة".

وعاد الرئيس التركي وأكد في رده على سؤال صحفية يونانية حول ما إذا كانت تصريحاته السابقة تستهدف اليونان، بالقول: "جوابنا ليس لليونان فقط، بل لكل دولة تفكر في مهاجمتنا أو الاعتداء علينا، هو أننا "سنأتي ذات ليلةٍ على حين غرّة"".

وعقب الارتدادات القوية التي خلفتها وتُخلفها عبارة أردوغان في الصحافة العالمية، بدأ كثيرون يبحثون ويُنقّبون عن هذه الكلمات ودلالاتها الرمزية والتاريخية.

أصل العبارة

تعدّ العبارة، التي باتت شارة البداية لأيّة عملية عسكرية تركية، اقتباساً لعنوان قصيدة للشاعر التركي أوميت يشار أوزجان. قصيدة نظمها الشاعر قصيدة حب، لكن الأتراك استخدموها لرفع معنويات أتراك قبرص قبيل عملية السلام القبرصية عام 1974.

ومنذ عملية السلام القبرصية، وجد الأتراك في العبارة بديلاً عن قرع طبول الحرب وشعاراً لإظهار حزم وجدية تركيا في الدفاع عن مصالحها بكل الطرق والأساليب المتاحة، وباتت العبارة بمثابة إعلان لأي عملية عسكرية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وغيرها.

أكثر من مجرد عبارة

عبارة "قد نأتي ذات ليلةٍ على حين غرة" ليست مجرد عبارة يلقيها السياسيون الأتراك لتحريك المشاعر الوطنية وحشد الهمم للدفاع عن أمن وسيادة البلاد وحسب، بل هي عبارة تحمل في طياتها تحذيراً لكل من يفكر في الاعتداء على السيادة التركية، ونذيراً بقرب تحرك الماكينة العسكرية التركية التي تخشاها التنظيمات الإرهابية والدول المُعادية على حدّ سواء.

تدرك اليونان، من جهتها، قوة هذه العبارة وتعي أنها أكثر من مجرد شعار سياسي عابر، كيف لا وهي التي كانت سبباً في ميلادها بالأساس عام 1974 قبيل عملية السلام القبرصية، التي انتهت بهزيمة قبارصة الشطر الجنوبي المدعومين من اليونان، وتحولها من مجرد أغنية حب إلى أغنية تحرّك المشاعر الوطنية لدى أتراك قبرص.

فبينما كان اليونانيون يحاولون إضعاف معنويات القبارصة الأتراك، الذين كانوا ينتظرون تدخل تركيا، من خلال بث الإذاعة اليونانية أغنية: "لقد انتظرت لكنك لم تأت، ألم تحبني قط؟"، رد الأتراك على ذلك بالنسخة المؤلفة والمغناة من القصيدة: "لا تنادِني بكل قلبك.. قد آتي ذات ليلة على حين غرة".

"صالحة لجميع الأماكن"

مطلع عام 2021، وأثناء تحضير القوات المسلحة التركية لعملية عسكرية ضد تنظيم PKK الإرهابي في سنجار شماليّ العراق، قال الرئيس التركي: "العمليات لا يمكن تنفيذها باإعلانها. لدي عبارة أقولها دائماً: قد نأتي ذات ليلة على حين غرة. هذه هي خلاصة الأمر".

وفي وقت سابق، حذر وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو من أن عبارة "قد نأتي ذات ليلة على حين غرة" صالحة لجميع الأماكن، وأضاف قائلاً: "العبارة التي قالها رئيسنا صالحة لسنجار وقنديل وكذلك لأي مكان يكون فيه تنظيم PKK الإرهابي ومشتقاته".

وعلى الرغم من أنها لم تُعلن عن بدء عملية عسكرية ضد دولة مُعادية حتى الآن، فإ تركيا استخدمت العبارة بكثرة لإطلاق عديد من العمليات العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، ومن أبرزها:

درع الفرات 2016-2017

أطلقت تركيا فجر 24 أغسطس/آب 2016 عملية "درع الفرات" في سوريا من أجل طرد الإرهابيين من ريفي حلب الشمالي والشرقي، وتوجيه رسالة إلى المنظمات الإرهابية، ذكّرت بها مراراً أن غرب الفرات خط أحمر بالنسبة إليها.

انتهت العملية في 30 مارس/آذار 2017، بالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي وتحييد أكثر من 3 آلاف مسلح، فضلاً عن إخراجه بشكل كامل من ريف حلب، كما قطعت الطريق أمام خطة تنظيم PKK الإرهابي بربط مدينة عين العرب (كوباني) بمدينة عفرين.

غصن الزيتون 2018

من أجل تخليص مدينة عفرين من إرهابيي تنظيم PKK، أطلقت تركيا في 20 يناير/كانون الثاني 2018 عملية "غصن الزيتون" العسكرية.

وبعد 4 أشهُر من بدئها، تمكنت القوات المسلحة التركية وفصائل سورية من بسط سيطرتها على مركز عفرين، فيما أعلنت وزارة الدفاع التركية تحييد أكثر من 6 آلاف و370 إرهابياً. وتمكن الجيش التركي خلالها من تحقيق الأمن على مساحة 1859 كيلومتراً مربعاً.

نبع السلام 2019

أطلقت تركيا عملية "نبع السلام" في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019، شمالي سوريا، بهدف القضاء على التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن حدودها، وخصوصاً تنظيم PKK الإرهابي. كما استهدفت العملية تدمير الممر الذي حاول الإرهابيون إنشاءه، على الحدود الجنوبية لتركيا، وكذلك استهدفت إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.

ونتيجةً لهذه العملية، جرى إخراج من تبقى من إرهابيّي PKK لمسافة 30 كيلومتراً من الحدود التركية، وجرى تطهير ما يقرب من 600 منطقة سكنية، على مساحة تزيد عن 4 آلاف كيلو متر مربع من الإرهاب.

سلسلة عمليات "المخلب" شمالي العراق

كبدت سلسلة عمليات "المخلب" التي أطلقتها القوات المسلحة التركية في مناطق شمالي العراق منذ 27 مايو/أيار 2019، تنظيم PKK الإرهابي خسائر فادحة، وأسفرت عن تدمير أوكاره ومخابئه وتحييد ألف و67 من عناصره.

آخر حلقة في سلسلة عمليات "المخلب" انطلقت في 17 أبريل/نيسان 2022 تحت اسم "المخلب-القفل"، ونفّذت خلالها المقاتلات والمُسيّرات التابعة للقوات الجوية بالإضافة إلى طائرات التزود بالوقود والإنذار المبكر، هجمات جوية واسعة النطاق، في إطار احترام سيادة العراق ووحدة أراضيها كما هو الحال في العمليات الأخرى.

TRT عربي
الأكثر تداولاً