أعلن أحمد بولات رئيس مجلس الإدارة واللجنة التنفيذية للخطوط الجوية التركية (TYH) عن نية الشركة شراء 600 طائرة مدنية، ما بين طائرات ذات ممر واحد والجامبو. تتوزع صفقة الشراء على الشركة الأمريكية بوينغ (Boeing)، والأوروبية إيرباص (Airbus)، ليصبح عدد أسطول طائراتها 435 في نهاية العام، و800 خلال الأعوام الـ10 القادمة.
وحسب ما نقلته وكالة الأناضول في 11 من مايو/أيار الماضي، قال بولات على هامش القمة السنوية لاتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) في إسطنبول: "إنّ الخطوط الجوية التركية (THY) اتخذت قراراً نهائياً بشأن خططها للحصول على طلب قياسي لما يصل إلى 600 طائرة في غضون شهرين".
ووفق وكالة رويترز فإنّ هذا الطلب سيكون الأكبر في تاريخ الطيران المدني لشركة واحدة، إذ تتفوق الخطوط الجوية التركية بذلك على شركة الطيران الهندية (Air India) التي اشترت في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي 400 طائرة.
ومن المتوقع أن تطلب شركة الخطوط التركية 600 طائرة جديدة في يونيو/حزيران الحالي، وسيجري تسليمها في غضون السنوات العشر المُقبلة.
وأشار بولات في حديثه إلى أن الخطة الاستراتيجية خلال السنوات العشر تتضمن الوصول إلى 170 مليون مسافر بحلول عام 2033، مقارنة بنحو 85 مليوناً في عام 2023، فيما تسعى الخطوط التركية لتحقيق إيرادات تزيد على 50 مليار دولار، والمساهمة في قيمة مضافة لاقتصاد تركيا بقيمة 140 مليار دولار بحلول عام 2033.
وقال: "في العام الماضي نقلنا 82 مليون مسافر. تعافينا بسرعة من تأثير وباء كورونا، فبينما تعثرت الخطوط الجوية الأخرى، تجاوزت الخطوط الجوية التركية وموظفوها أزمة الوباء بسلاسة".
لم يكتفِ بولات بحديثه حول الخطة الاستراتيجية عن صفقة شراء 600 طائرة، بل تطرق أيضاً إلى خططهم في تطوير خدمات الطعام المقدمة للركاب بتقديم ثلاثة أطباق رئيسية مختلفة في الفترة الجديدة.
ويتنوع الطعام المقدم على طائرات الخطوط الجوية التركية بهدف الترويج للطعام التقليدي التركي، إذ ستدرج شركة الخطوط التركية أذواقاً من كل من المأكولات التركية التقليدية والعالمية في قوائم الطعام الجديدة.
إمكانات ضخمة
الخبير الاقتصادي حسام عايش أوضح في حديث لـTRT عربي أهمية هذه الصفقة بقوله إنها "ستعطي الخطوط الجوية التركية إمكانيات أضخم، ومنافسة أكبر مع شركات عالمية ومع الخطوط الإقليمية والخليجية، لا سيما الخطوط السعودية والإماراتية والقطرية".
وأضاف: "كل تلك الخطوط تتنافس على حركة سياحية وحركة نقل كبيرة جداً تشهدها المنطقة والعالم، فبالنظر إلى رؤية السعودية 2030 بتعزيز مكانتها باعتبارها محركاً رئيسياً للتجارة الدولية، ولربط القارات الثلاث، والإمارات بأن تكون العاصمة الاقتصادية والسياحية والتجارية لأكثر من مليارَي نسمة، فضلاً عن تحديث قطر لمطار حمد الدولي، فهذه المنطقة ستكون منطقة خدمات لوجستية هائلة للعالم".
وأشار إلى أن دوافع الخطوط التركية لهذا الحجم الكبير من الطائرات التي سيجري شراؤها هو "التنافس على الحركة السياحية وتنقُّل الأفراد، وعلى القطاعات الاقتصادية المتطورة، مما سيجذب إليها كثيراً من النشاط والحركة العالمية".
وقال: "أمام هذه الحالة المستجدة في مجال النقل الجوي تجد الخطوط الجوية التركية نفسها في منافسة تستدعي تجهيز نفسها تماماً، والاستفادة من التغيرات في المنطقة، سواء كانت سياحية أم لوجستية، من زيادة أعداد السائحين الدوليين، سواء من الصين وجنوب شرق آسيا أو من أستراليا".
يشار إلى أن الخطوط التركية ستطلق رحلات إلى أستراليا في ديسمبر/كانون الأول المُقبل، وبذلك لن تكون "في العالم قارة لم تصل إليها خطوطنا"، على حد قول رئيس مجلس الإدارة واللجنة التنفيذية للخطوط الجوية التركية أحمد بولات.
انعكاسات إيجابية على الاقتصاد والسياحة
تسعى تركيا من خلال ضم طائرات جديدة إلى أسطولها لتثبيت الحضور التركي في إفريقيا وآسيا، وذلك بهدف نقل الجالية التركية هناك للتجارة والاستثمار، أو لبعثات طلب العلم عبر نقل الطلبة من وإلى تلك الدول للدراسة، واعتماد الدول الآسيوية والإفريقية هذا الطيران في الحركة إلى العالم، وفق ما قاله الخبير الاقتصادي حسام عايش لـTRT عربي.
ويضيف: "وجود تركيا باعتبارها ناقلاً وطنياً لبعض الدول في إفريقيا أو في آسيا الوسطى، وحضورها الاقتصادي والاستثماري في القارتين، وتوسعها نحو أستراليا، كل هذا يستدعي منها زيادة حركة النقل الجوي في تلك الدول، وهذا يدفعها إلى أن تكون سبّاقة في الحصول على حصة أكبر من أسواق هذه الدول".
وأعلنت الخطوط الجوية التركية أرباحاً تقدَّر بنحو 2.7 مليار دولار، وهو أكبر رقم قياسي في تاريخ الطيران الأوروبي، في عام 2022.
وعن دور الصفقة في التأثير في الوضع السياحي، لفت الخبير الاقتصادي حسام عايش إلى أن تركيا دولة سياحية، وسيكون للصفقة دور كبير في نقل كثير من السياح إلى تركيا، وقال: "عندما نتحدث عن خطوط النقل، خصوصاً الخطوط الجوية، فهي تلعب دوراً في تقريب المسافات بين الدول، خصوصاً عندما تكون المنافسة على مستوى السعر والجودة وأماكن الوصول".
ويرى عايش أن قطاع السياحة في تركيا له دور في دعم الاقتصاد التركي، وبالتالي فإن الخطوط الجوية الجديدة بهذا الحجم والعدد من الطائرات سيساهم في زيادة الإيرادات من القطاع السياحي.
وحسب معهد الإحصاء التركي، ارتفع دخل تركيا السياحي في الربع الأول من عام 2023 بنسبة 32.3%، ليبلغ نحو 8 مليارات و690 مليون دولار.
كما ارتفعت أعداد الزوار لتركيا في الربع الأول من هذا العام بنسبة 26.8% مقارنة بالوقت نفسه من العام السابق، ليصل العدد إلى 8 ملايين و181 ألفاً و566 فرداً.