ضغوط داخلية وخارجية.. هل تنتهي حرب غزة قريباً وتكتب نهاية نتنياهو السياسية؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

مع دخول حرب غزة شهرها الثاني وتواصُل أعمال الإبادة الجماعية على يد آلة القتل الإسرائيلية، التي راح ضحيتها أكثر من 10 آلاف و500 شخص، جُلهم من النساء والأطفال، بدأت الضغوط تتزايد على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل وقف الحرب وعقد صفقة لتبادل الأسرى مع حركة حماس.

وإلى جانب نتنياهو، تتعرض الإدارة الأمريكية هي الأخرى لضغوط داخلية وخارجية من أجل التخلي عن دعمها العسكري والسياسي والمالي المطلق للحكومة الإسرائيلية والدفع نحو إجبار تل أبيب على قبول دعوات وقف إطلاق النار. ووفق استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس، فإن أغلبية كبيرة من الأمريكيين تريد من بلادهم أن تتفاوض لإبعاد سكان غزة عن طريق الخطر.

وفي سياق متصل، قالت صحيفة تليغراف البريطانية إنه في حال فشل نتنياهو في التعامل مع الأمريكيين بشأن مستقبل غزة، فسوف يخسر الدعم الأمريكي ودعم الواقعيين في حكومته الائتلافية الهشة. ولكن في حال أقدم على تقديم أي تنازل بسيط، فإن المتطرفين اليمينيين الذين يعتمد عليهم سوف يسقطونه. الأمر الذي يعني أن نتنياهو بات على حافة الهاوية في كلتا الحالتين.

ضغوط داخلية

تسببت عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حماس فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول في صدمة كبيرة للشعب الإسرائيلي، إذ أوقعت أكبر خسارة استراتيجية لإسرائيل منذ عام 1948، فما حدث ضرب تماماً كل نظريات الاستخبارات الإسرائيلية وخططها الدفاعية، ما أسفر عن قتل أكثر من 1400 شخص واحتجاز ما لا يقل عن 240 شخص في قطاع غزة.

ووسط حالة الذعر والصدمة التي انتابت الإسرائيليين، يتصاعد الضغط الشعبي في إسرائيل على نتنياهو، بعد أن تحولت الصدمة الأولى إلى ثورة غضب إزاء الفشل والإخفاقات الاستخباراتية والأمنية. ويرى محللون أنه عندما تنتهي الحرب العسكرية في غزة، سيخوض نتنياهو حرباً أخرى لمحاولة إنقاذ مستقبله السياسي المشوه بمتاعب قضائية وسياسية سابقة.

وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب قبل 4 أسابيع، بحث استطلاع للرأي نشرته القناة 13 الإسرائيلية ما يعتقده الشعب الإسرائيلي حول سير الحرب والإخفاق الأمني الذي سبقها وتسبب في مقتل وأسر المئات من الإسرائيليين.

وأظهر الاستطلاع أن 44% من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو هو المسؤول عن فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول، مقابل 33% يعتقدون أن رئيس الأركان وكبار ضباط الجيش هم المسؤولون. بالإضافة إلى ذلك، أجاب 28% فقط أنهم يثقون بنتنياهو في إدارة الحرب، فيما أجاب 56% أنهم لا يثقون به. وأجاب 16% الآخرون بأنهم لا يعرفون.

وفيما يتعلق بسؤال ما الذي يجب على رئيس الوزراء نتنياهو فعله الآن، أجاب نحو نصف الجمهور (47%) بأنه يجب أن يستقيل في نهاية الحرب، وقال 29% أنه يجب أن يستقيل فوراً. في حين يعتقد أكثر من ثلاثة أرباع المواطنين مجتمعين أن نتنياهو يجب أن يستقيل عاجلاً أو آجلاً. و18% فقط يعتقدون أنه يجب أن يستمر في منصبه حتى بعد الحرب.

ضغوط أمريكية

تمثل الموقف الأمريكي التقليدي الداعم لإسرائيل في التزام إدارة بايدن الدعم المالي والعسكري والسياسي، فضلاً عن حشد الدعم العالمي، إلا أن ارتفاع حصيلة الشهداء من المدنيين والأطفال في غزة تسبب في تزايد الضغوطات على بايدن، وتصاعدت الأصوات في الولايات المتحدة وخارجها منتقدةً الدعم المطلق لإسرائيل وعدم امتثال الأخيرة لقوانين الحرب.

وفي ظل تباين وجهات النظر بين واشنطن وتل أبيب حول أهداف الحرب على غزة، بدأت الانشقاقات داخل الحزب الديمقراطي بالظهور على السطح، لا سيما بعد اندلاع المظاهرات المناهضة للعدوان في واشنطن وبقية العواصم العالمية، ما أثار مخاوف واشنطن من فقدان السيطرة وتوسع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، واضطرارها إلى خوض القتال مباشرة مما يهدد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

من جهته، أشار الرئيس الأمريكي إلى ضرورة الهدنة المؤقتة وإدخال المساعدات الإنسانية، وإظهار إسرائيل مزيداً من ضبط النفس خلال هجومها على غزة. وهذا ما أظهره وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في أثناء زيارته تل أبيت حيث قال: "نحن في حاجة إلى بذل مزيد من الجهد لحماية المدنيين الفلسطينيين".

ومع ذلك، قوبلت الجهود الأمريكية هذه بالرفض من الحكومة الإسرائيلية التي تصر على عدم وقف إطلاق النار وعدم السماح للمساعدات الإنسانية بالدخول قبل أن يتم إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى المقاومة. الأمر الذي دفع البيت الأبيض إلى توجيه انتقادات لإسرائيل خلف الأبواب المغلقة، بحسب التصريحات العلنية لكبار المسؤولين الأمريكيين.

هل تنتهي الحرب قريباً؟

مع تزايد الضغوط العالمية، بدأت الساعة الدبلوماسية تدق للجنرالات الذين يعدون خطط المعركة في غزة، وبالأخص بعد انتشار مشاهد القتل والدمار المروعة على مستوى عالمي. ولكن على الرغم من ذلك قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية إن حرب إسرائيل في غزة هي الصراع الأكثر دموية بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ عام 1948، مشيرةً إلى أن الجنرالات الإسرائيليين يعتقدون أنها ستتواصل لأشهر أو ربما عام.

فيما يرى المحلل السياسي في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، ناحوم برنياع، أن بنيامين نتنياهو يفضل عملية طويلة وغير حاسمة يوقفها الأمريكيون في مرحلة معينة، وذلك لأنه يعلم يقيناً أنه بعد انتهاء الحرب مباشرة ستبدأ عملية إقالته ومحاكمته.

ومن زاوية أخرى، ترى أورلي أزولاي الصحافية في يديعوت أحرونوت أن التصريحات الأمريكية الأخيرة تشير إلى قرب نفاد الضوء الأخضر الذي أعطته الولايات المتحدة والغرب لإسرائيل من أجل تتويج عمليتها العسكرية بالقضاء على حماس بأي ثمن، لا سيما بعد تصاعد قلق الجاليات اليهودية في العالم جراء انتشار صور القتل والدمار في غزة والتي بدأت تأخذ صفة إبادة جماعية، وهو ما سيجعل من هذه الجاليات أهدافاً مشروعة، حسب الصحفية الإسرائيلية.

أزولاي تشير إلى هبوط في شعبية بايدن داخل حزبه، بعد غضب الجناح اليساري الليبرالي عليه بسبب دعمه المطلق لإسرائيل وتجاهله لضائقة غزة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً