"عامل جديد للجفاف".. هل يفاقم الذكاء الصناعي أزمة المياه العالمية؟ / صورة: AP (AP)
تابعنا

يشكل الجفاف مصدر قلق متزايد الأهمية في عالم يتصارع مع تغير المناخ والنمو السكاني المطرد. إن العوامل التقليدية التي تسهم في الجفاف، مثل أنماط المناخ وسوء إدارة المياه، موثَّقة بشكل جيد. ومع ذلك، هناك عامل جديد آخذٌ في الظهور في المناقشة: الذكاء الصناعي (AI).

وفي حين يحمل الذكاء الصناعي وعداً كبيراً بمعالجة التحديات المرتبطة بالمياه وإدارة مواردها بشكل ناجع، هناك مخاوف متزايدة من أنه بات طرفاً مهماً في تفاقم أزمة استنزاف المياه العذبة.

ويُقرّ كبار مطورو التكنولوجيا، بما في ذلك "غوغل" و"مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي"، (الشركة المطوِّرة لـChatGPT)، بأن الطلب المتزايد على أدوات الذكاء الصناعي ينطوي على تكاليف باهظة، بدءاً من أشباه الموصلات باهظة الثمن حتى زيادة استهلاك المياه.

وحسب "أسوشييتد برس"، فالشيء الوحيد الذي احتاجت إليه شركة "أوبن إيه آي" المدعومة من "مايكروسوفت" لتقنيتها هو الكثير من المياه، التي تُسحب من مجمعات المياه لنهري "راكون" و"دي موين" في وسط ولاية أيوا الأميركية لتبريد جهاز كمبيوتر عملاق.

خطر الجفاف

يعاني ما بين مليارين وثلاثة مليارات شخص (نحو ثلث سكان العالم)، نقصاً حاداً في المياه لمدة شهر واحد على الأقل كل عام. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يتفاقم الوضع سوءاً، حيث يواجه ما يقرب من نصف سكان العالم إجهاداً مائياً حاداً، وفقاً للتقرير الذي نشرته اليونسكو نيابةً عن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية.

وقال التقرير إنه لتجنب هذا المصير، يجب "فصل" استخدام المياه عن النمو الاقتصادي من خلال تطوير سياسات وتقنيات لتقليل الاستهلاك أو الحفاظ عليه دون المساس بالأداء. وذكر المؤلفون بعض القطاعات كثيفة الاستهلاك للمياه، مثل الزراعة. ما لم يتخيلوه، في عام 2016، هو أنه كان ينبغي عليهم إضافة مصدر آخر للاستهلاك: الذكاء الصناعي.

ووفقاً لمجلة "فوربس"، ركز الباحثون والمطورون بشكل أساسي حتى الآن على تقليل البصمة الكربونية لنماذج الذكاء الصناعي. ومع ذلك، فإن الجانب الحاسم الذي غالباً ما يجري تجاهله هو البصمة المائية، حيث سلّطوا الضوء على الاستهلاك الكبير للمياه المرتبط بالتدريب ونشر نماذج الذكاء الصناعي في مراكز البيانات.

"البصمة المائية"

في ورقة بحثية تحمل عنوان "جعل الذكاء الصناعي أقل عطشاً: الكشف عن البصمة المائية السرية لنماذج الذكاء الصناعي ومعالجتها"، قدّر باحثون من جامعة كولورادو ريفرسايد وجامعة تكساس أرلينغتون لأول مرة البصمة المائية الناتجة عن تشغيل الذكاء الصناعي من خلال الاستعلامات التي تعتمد على الحسابات السحابية التي تُجرى في رفوف الخوادم في مراكز معالجة البيانات بحجم المستودع.

ولا تستهلك مراكز معالجة البيانات المياه عن طريق استخدام الكهرباء من محطات توليد الطاقة التي تستخدم أبراج تبريد كبيرة تحوِّل الماء إلى بخار منبعث إلى الغلاف الجوي وحسب، بل أيضاً عن طريق استخدام المبردات الموجودة في الموقع للحفاظ على برودة مئات الآلاف من الخوادم في مراكز البيانات، حيث تعمل الكهرباء التي تتحرك عبر أشباه الموصلات على توليد الحرارة بشكل مستمر.

لسوء الحظ، كما يشير مؤلفو الدراسة، غالباً ما تكون هناك مقايضة بين كفاءة الكربون وكفاءة المياه. فيما يرون أنه على شركات التكنولوجيا الكبرى أن تتحمل المسؤولية، وأن تكون قدوة للحد من استخدام المياه.

معدلات استهلاك ضخمة

باستخدام مصادر البيانات العامة، قدر الباحثون أن "تدريب GPT-3 في مراكز بيانات (مايكروسوفت) الأمريكية الحديثة يمكن أن يستهلك بشكل مباشر 700 ألف لتر من المياه العذبة النظيفة"، التي حسبوا أنه يمكن استخدامها لإنتاج 370 سيارة BMW أو 320 سيارة كهربائية من طراز تسلا.

في أحدث تقرير بيئي لها، كشفت "مايكروسوفت" أن استهلاكها العالمي للمياه ارتفع بنسبة 34% في الفترة من 2021 إلى 2022 (إلى ما يقرب من 1.7 مليار غالون، أو أكثر من 2500 حوض سباحة أولمبي)، وهي زيادة حادة مقارنةً بالسنوات السابقة التي ربطها الباحثون الخارجيون بأبحاث الذكاء الصناعي الخاصة بها.

وقال شاولي رين، الباحث في جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، الذي كان يحاول حساب معدل النمو: "من العدل أن نقول إن غالبية النمو يرجع إلى الذكاء الصناعي"، بما في ذلك "الاستثمار الضخم في الذكاء الصناعي التوليدي والشراكة مع OpenAI". التأثير البيئي لمنتجات الذكاء الصناعي التوليدية مثل ChatGPT.

علاوة على ذلك، يشرب ChatGPT ما يعادل زجاجة ماء سعة 500 مل لإجراء محادثة بسيطة تتكون من 5 إلى 50 سؤالاً وإجابة. وهو ما قد لا يبدو كثيراً... حتى تأخذ في الاعتبار أن برنامج الدردشة الآلي يضم أكثر من 100 مليون مستخدم نشط، يشارك كل منهم في محادثات متعددة.

ورداً على أسئلة وكالة "أسوشييتد برس"، قالت "مايكروسوفت" في بيان هذا الأسبوع إنها تستثمر في الأبحاث لقياس الطاقة والبصمة الكربونية للذكاء الصناعي "مع العمل على طرق لجعل الأنظمة الكبيرة أكثر كفاءة، في كل من التدريب والتطبيق".

TRT عربي