لحظة القبض على الإرهابي الأمريكي تيد كازينسكي. (Others)
تابعنا

عادت الطرود الدموية والمفخخة لتبرز على ساحة الحدث الدولي، بعد أن استهدفت البعثات الدبلوماسية الأوكرانية في عدد من العواصم الأوروبية. ونقلاً عن خارجية كييف، فإن بعثاتها الدبلوماسية تواجه "حملة إرهابية مخططاً لها" من قبل موسكو، باستخدام طرود ملطخة بالدماء تحتوي على أعيُن حيونات وأخرى ملغومة بموادّ متفجرة.

وكانت السفارة الأوكرانية بمدريد شهدت انفجار أحد الطرود مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، كما عثرت السلطات الإسبانية على طردين مفخخين آخرين كان أحدهما موجهاً إلى رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، والثاني استهدف قاعدة توريخون العسكرية الجوية. كما صرحت السلطات الإسبانية في 5 ديسمبر بعثورها على طرود دموية كانت موجهة إلى بعثات دبلوماسية أوكرانية في البلاد.

وحذّرت السلطات الفرنسية يوم الاثنين، الإدارات الرسمية والمؤسّسات المهمّة في البلاد، من خطر تلقّيها طروداً مفخَّخة، كتلك التي استهدفت البعثات الأوكرانية والهيئات الرسمية في إسبانيا، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتعود هذه التقنية التقليدية، المستخدَمة عادةً في الأعمال الإرهابية، إلى أبرز المجرمين الذين اشتهروا باستخدامها، وهو الأمريكي ثيودور كازينسكي، الذي استهدف عدة جامعات وخطوط جوية بطرود مفخخة، محيّراً العالم 17 عاماً، قبل إلقاء القبض عنه.

مَن كازينسكي مفجّر الجامعات والطائرات؟

وُلد ثيودور كازينسكي عام 1942 في ولاية إلينوي الأمريكية، ونشأ كطفل عبقري، مما مكّنه من مسار أكاديمي ناجح، إذ درس في جامعة هارفرد وهو لا يزال في سن السادسة عشرة. وحصل كازينسكي على الدكتوراه في الرياضيات المعمقة عام 1967، وعمل أستاذاً مساعداً في جامعة بيركلي بكاليفورنيا.

عام 1969 استقال كازينسكي من منصبه، وكانت تلك أول خطوة يتخذها في مسار حياته، نحو التحول إلى إرهابي يسعى لبثّ الفوضى في العالم. وفي عام 1971 ابتاع برفقة شقيقه ديفيد قطعة أرض في لينكولن مونتانا، هي التي ستمثّل مخبأه طوال السنين التي ستتلو ذلك، حيث عاش حياة بعيدة عن التكنولوجيا وأي مظاهر للحياة المعاصرة.

وكان تيد كازينسكي يحمل أفكاراً معادية للمجتمع الصناعي والرأسمالية، ويرى أن الثورة الصناعية باشرت عملية تدمير الحياة الطبيعية، بسبب التكنولوجيا، وأجبرت البشر على التكيّف مع الآلات، وخلقت نظاماً اجتماعياً وسياسياً يقمع حرية الإنسان وإمكانياته، وفق ما أوضحه في بيانه الشهير.

وبداية من عام 1978، اتجه كازينسكي إلى تنفيذ أعمال إرهابية باستخدام طرود مفخَّخة، بهدف بثّ الرعب في المجتمع والتحريض على الثورة ضد العالم الصناعي. وكان كازينسكي يستخدم ذكاءه الحادّ في جعل طروده غير قابلة لتتبُّع المحققين، وفي تضليل الشرطة، مما أدى إلى أن امتدّ البحث عنه لـ17 عاماً قبل أن يتعرفوا على هُويّته الحقيقية.

وكانت أول قنبلة بعث بها كازينسكي استهدفت أستاذ هندسة بجامعة نورث وسترن في إلينوي، يُدعى بيكلي كريست، إلا أنها انفجرت وأصابت شرطياً. وكان كازينسكي مسؤولاً عن 16 تفجيراً استهدفت بالأساس الجامعات وخطوط النقل الجوي، مما جعل الشرطة الأمريكية تطلق عليه لقب "مفجّر الجامعات والطائرات"، وأدّت هذه التفجيرات إلى مقتل ثلاثة أمريكيين وجرح 23.

كيف أُلقيَ القبض عليه؟

كان التحقيق في التفجيرات التي تسبب فيها كازينسكي هو الأكبر تكلفة للشرطة الفيدرالية الأمريكية "FBI"، التي رصدت لذلك فريقاً من 150 محققاً يشتغلون بدوام كامل، انكبُّوا على إجراء كل الفحوص الجنائية الممكنة لمكونات القنابل ودراسة حياة الضحايا بتفاصيلها الدقيقة.

لم تؤدِّ تلك الجهود إلى أي نجاح يُذكر، وذلك وفق الموقع الرسمي لـ"FBI"، لبذل الجاني جهداً كبيراً لعدم ترك أدلّة جنائية، وكانت القنابل مركبة أساساً من قطع "الخردة" المتوفرة في أي مكان تقريباً، كما أنه اختار ضحاياه عشوائيّاً.

في عام 1995 بعث ثيودور كازينسكي ببيانه الشهير إلى المحققين، ومثّل ذلك الخيط الأبرز لهم، الذي كان كافياً لإيصالهم إليه، إذ وافق مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي وقتها لويس فريه والمدّعية العامّة جانيت رينو، على نشر البيان وتتبُّع ما إذا كان القراء سيتعرّفون على كاتبه.

وقتها كانت المفاجأة حينما بلّغ ديفيد كازينسكي المحققين شكوكه بأن أخاه تيد هو كاتب ذلك البيان، وقدّم إضافة إلى ذلك مجموعة من كتابات ثيودور لكي تساعدهم على المقارنة. وقتها تأكدت للشرطة من هوية "مفجّر الجامعات والطائرات"، بعد تمشيط كوخه في ولاية مونتانا.

وقُبض على ثيودور كازينسكي في 3 أبريل/نيسان 1996، واعترف بالتهم الموجهة إليه مقابل الحكم عليه بالسجن المؤبد ومنعه من التواصل مع العامة.

TRT عربي