على غرار جميع المسلمين حول العالم يولي الأتراك طقوس عيد الأضحى اهتماماً خاصّاً، وعلى رأسها الأضحية، لكن نسب التزام ذبح الأضاحي في تركيا أكثر من باقي دول العالم الإسلامي الأخرى. وبينما يميل البعض إلى ذبح الأضحية داخل تركيا، يتجه آخرون إلى توكيل جمعية تركية لذبح الأضحية في المناطق الأكثر احتياجاً في العالم. وهنا تحديداً يبرز دور الجمعيات التركية التي توفر إمكانية اختيار نوع الأضحية وأين يريد المتبرع أن تُذبح الأضحية أو توزَّع لحومها، ضمن المعايير الإسلامية والصحية الدقيقة.
وبفضل نشاطها وخدماتها الإنسانية المختلفة والمتعددة، تساهم هذه الجمعيات كثيراً في تعزيز مكانة تركيا كدولة تقدّم يد العون لكثير من الفقراء في فلسطين وسوريا واليمن، مروراً بشمال ووسط وجنوب إفريقيا، والبلقان والقوقاز ووسط آسيا، وليس انتهاءً بالفلبين وأمريكا الجنوبية.
وخلال عيد الأضحى تنشط الجمعيات والهيئات الإنسانية التركية لإيصال أضاحي العيد إلى فقراء المسلمين في أكثر من 150 دولة في أوسع دبلوماسية إنسانية إسلامية، تهدف إلى رسم البسمة على وجوه الفقراء وأطفالهم في العيد. إليكم أبرز هذه الجمعيات والهيئات:
1- الهلال الأحمر التركي
تَعهَّد الهلال الأحمر التركي، الذي يقدم خدماته في تركيا ودول كثيرة حول العالم منذ ما يقرب من 153 عاماً، بمواصلة مدّ يد العون والمساعدة إلى جميع المظلومين والمضطهَدين وأصحاب الحاجة.
وخلال عيد الأضحى لهذا العام، وضع الهلال الأحمر التركي نصب عينيه إيصال الأضاحي إلى نحو 4 ملايين محتاج في تركيا و22 دولة أخرى، مشيراً إلى أنه يهدف إلى الحصول على أضاحي من 142 ألف متبرع.
وعاماً بعد عام تسعى جمعية الهلال الأحمر التركي للوصول إلى المحتاجين والفقراء المسلمين في بلدان جديدة، كان آخرها الوصول إلى الفقراء في دول جديدة منها كوت ديفوار وجزر القمر والمالديف وسورينام (أمريكا الجنوبية) وبلدان أخرى في القارة الأمريكية ومناطق الفلبين في آسيا القصوى، حسبما أوضح رئيس جمعية الهلال الأحمر التركية كرم قينيق في حوار أجراه عام 2020.
2- هيئة الإغاثة الإنسانية (İHH)
بلا تمييز لمنطقة أو دين أو لغة أو عِرق أو طائفة، تعمل هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH) منذ تأسيسها عام 1992 لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفقراء والمضطهدين والمحتاجين حول العالم. وهي تعمل بنشاط على إيصال المساعدات الإنسانية إلى المشردين ومنع انتهاك حقوقهم وحرياتهم الأساسية. هذه الأنشطة التي بدأت بنشاطات تطوعية وأصبحت مؤسسية عام 1995، انتشرت في 123 دولة في وقت قصير وأصبحت جسراً خيريّاً يصل إلى العالم كله من تركيا.
فيما كشفت الهيئة أنها تسعى هذا العام للوصول إلى الفقراء والمحتاجين في 60 دولة حول العالم بما فيها تركيا، وتستهدف قرابة 3 ملايين فقير ضمن برنامج الأضاحي، مشيرةً إلى أن برنامج العيد يشمل أيضاً تقديم كسوة العيد للأيتام والأطفال الفقراء بواقع 100 ألف طفل.
3- وقف الديانة التركي
يهدف وقف الديانة التركي، الذي تأسس عام 1975، ليكون حلقة وصل لدعم أنشطة رئاسة الشؤون الدينية وإيصال الخدمات الدينية والإنسانية والخيرية إلى أكبر فئة من الناس. وأصبح الوقف على مر السنين حركة مدنية كبيرة في تركيا و149 دولة أخرى بفاعلياته في التعليم والثقافة وخدماته الخيرية والاجتماعية ودعمه للخدمات الدينية وفاعلياته في المساعدات الدولية.
وفي بداية الشهر الماضي أعلن نائب رئيس وقف الديانة التركي إحسان أتشيق أنهم يهدفون هذا العام إلى إيصال لحوم الأضاحي إلى جميع المحتاجين حول العالم، وأضاف أنهم أوصلوا لحوم الأضاحي خلال السنوات الماضية إلى المحتاجين في 149 دولة، واصفاً ذلك بالرقم القياسي.
دبلوماسية إنسانية
تنشط هذه الجمعيات وتنمو أعمالها حول العالم بفضل المساعدات المالية التي تقدمها الحكومة التركية، إلى جانب تبرعات المواطنين الأتراك الإنسانية، سواء في الداخل أو في الخارج، وبالأخصّ دول أوروبا. ويرجع إقبال الأتراك على التبرع لهذه الجمعيات إلى التسهيلات الكبيرة التي تقدمها للتبرُّع بسلاسة من خلال الإنترنت، والثقة العالية التي تتمتع بها هذه المؤسسات في الشارع التركي.
وبينما تُذبَح الأضاحي وتُوزَّع لحومها مباشرةً على المحتاجين بمناطق سكنهم في كثير من الدول، تُرسَل لحوم الأضاحي للمناطق التي يتعذر الذبح فيها بعد ذبحها وتعليبها في مصانع خاصة ضخمة.
وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، حلّت تركيا بالمرتبة الأولى عالمياً كأكثر دولة إسهاماً، حسب تقرير المساعدات الإنسانية العالمية لعام 2018، الصادر عن منظمة "Development Initiatives" الدولية. وأسهمت تركيا خلال 2017 بنحو 30% من إجمالي المساعدات الإنسانية الدولية البالغة قيمتها 27.3 مليار دولار أمريكي، أي ما يقارب 1% من الناتج المحلي الإجمالي لنفس العام.
