تابعنا
هز الرأي العام في كندا وخارجها إعلان خبر العثور على 182 قبراً غير موثق في مدرسة داخلية في مقاطعة بريتش كولومبيا، و يحتوي على رفات أطفال من السكان الأصليين، أُخذوا قسراً من منازلهم.

أعلنت روزان كازيمير، رئيسة مجموعة الأمة الأولى (تيكاملوبس شوسواب) ، عن اكتشاف مقبرة جماعية في المدرسة الداخلية كاملوبس إنديان ريزيدنشيال التي أقامها البريطانيون سابقاً في مقاطعة بريتش كولومبيا، وكان يدرس فيها أبناء السكان الأصليين، ثم أُغلقت بعد ذلك نهائياً سنة 1978.

وعلقت كازيمير على ذلك قائلة: "على حد علمنا، هؤلاء الأطفال كانوا مفقودين ويمثلون وفيات غير موثقة، ولم تتجاوز أعمار بعضهم ثلاث سنوات".

وفي سياق متصل، طالب خبراء حقوقيون دوليون السلطات الكندية والكرسي الرسولي للكنيسة الكاثوليكية بإجراء "تحقيقات كاملة" وفورية في ملابسات القضية، وإجراء فحوصات الطب الشرعي لمعرفة هويات الأطفال، والكشف عن الجناة والمسؤولين الحقيقيين في هذه الجريمة البشعة.

وصرح أحد الخبراء المستقلين وعضو الأمم المتحدة بأنه "ينبغي على السلطات القضائية إجراء تحقيقات جنائية في جميع حالات الوفاة المشبوهة ومزاعم التعذيب والعنف الجنسي ضد الأطفال، والذين تمت استضافتهم في المدارس الداخلية، ومقاضاة ومعاقبة الجناة والمتسترين عليهم الذين قد يكونون على قيد الحياة".

المدارس الداخلية.. أقبية للتعذيب

كان السير جون إيه ماكدونالد، المولود في اسكتلندا، وأحد أفراد عائلة مهاجرة وصلت إلى كندا عام 1820، أول رئيس وزراء للبلاد دعم بحماسة المدارس الداخلية.

وقال ماكدونالد عام 1879، في كلمة أمام مجلس العموم الكندي، "عندما تكون المدرسة متحفظة، ويعيش الطفل مع والديه المتوحشين، قد يتعلم القراءة والكتابة، إلا أن عاداته وطريقة تدريبه على التفكير تظل هندية، لذا يجب إبعاد الأطفال قدر الإمكان عن تأثير الوالدين".

مدرسة كاملوبس إنديان الداخلية Kamloops Indian Residential School، التي كانت تديرها الكنيسة الكاثوليكية في مقاطعة بريتش كولومبيا (Others)

ومنذ عشرينيات القرن التاسع عشر وحتى إغلاق آخر 139 مدرسة داخلية هندية، أُخذ حوالي 150 ألف طفل من أبناء السكان الأصليين من آبائهم، بالقوة أحيانا، ووُضعوا في المدارس، حيث عانوا الاعتداء الجسدي والنفسي والجنسي.

وتشير بعض التقارير إلى أنه لم يُسمح للأطفال حينها بالتحدث بلغتهم الأصلية أو ممارسة ثقافتهم، وهو أشبه بما يسمى الإبادة الثقافية، وتعرض الكثير منهم لسوء المعاملة وسوء التغذية والإيذاء والاعتداء الجنسي.

فيما كشفت تحقيقات عن أرقام مفزعة للأطفال الذين توفوا في ظل الظروف الوحشية والقاسية للمدارس الداخلية، والتي بلغت قرابة 4000 طفل.

وكان آخر الأدلة الشاهدة على فظاعة ما ارتكبته هذه الأقبية المظلمة في حق الأطفال الأبرياء، العثور على رفات 215 طفلاً غير موثقة في مدرسة كاملوبس إنديان الداخلية Kamloops Indian Residential School، التي كانت تديرها حينها الكنيسة الكاثوليكية أواخر القرن التاسع عشر إلى ستينيات القرن الماضي، والتي استولت عليها الحكومة الفيدرالية بعد ذلك، وأُغلقت لاحقاً في عام 1978 .

ولم تكن هي الحادثة الوحيدة التي كشفت عنها عمليات التنقيب، إذ نشرت وسائل إعلامية عن اكتشاف مقابر جماعية أخرى مجهولة الهوية، في غرب كندا.

أدانت الأوساط الحقوقية هذه الجرائم والانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، وشددت على ضرورة إجراء التحقيقات اللازمة وتعويض عائلات الضحايا.

هل تنصف كندا الضحايا؟

كتب رئيس الوزراء الكندي جستن ترودو في تغريدة على صفحته على تويتر: "أنباء العثور على رفات بشرية في مدرسة كاملوبس الداخلية السابقة تحطم قلبي".

فيما كتب يري بيليغراد، المسؤول عن الجمعية الوطنية للشعوب الأولى، في تغريدة على صفحته الرسمية، أن الاكتشاف لهذه المقابر يمثل "التراجيديا المطلقة ولكن غير المفاجئة".

ويشير مصطلح "الشعوب الأولى" إلى 600 قبيلة من السكان الأصليين سكنت كندا قبل وصول المستوطنين الأوروبيين.

وتضم هذه القبائل جماعتي "كاملوبس سويبمك" و"أمة كاويسيس"، وتقطن المجموعات التابعة لولايات بلاكفوت المتحدة في السهول الكبرى بولاية مونتانا والمقاطعات والأقاليم الكندية في ألبرتا وكولومبيا البريطانية وساسكاتشوان.

وفي سياق متصل قالت وزيرة علاقات السكان الأصليين الكندية كارولين بينيت، إن المدارس الداخلية تعتبر جزءاً من سياسة استعمارية "مخزية". ونبهت إلى أن الحكومة ملتزمة بإحياء ذكرى الأرواح البريئة المفقودة.

كما شد حقوقيون دوليون على أنه "من غير المعقول أن تترك كندا والكرسي الرسولي مثل هذه الجرائم الشنيعة دون حساب ودون تعويض كامل".

TRT عربي