أثارت فتوى أطلقها الشيخ علي جمعة حالة من الفوضى والجدل في مصر (twitter)
تابعنا

أطلق الشيخ علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، فتوى مفادها أنّ للأب الحرية في كتابة أملاكه وأمواله لبناته من أجل حماية حقوقهن.

وأثارت فتوى الشيخ جمعة حالة من الفوضى والجدل حول مسألة المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وموقف الشريعة من ترك الأب وصية بأحقية بناته في إرثه.

وهناك من ذهب إلى أنّ الفتوى تُعَد التفافاً وتحايلاً على الشرع الإسلامي، وأنها تفتح الباب لمخالفة النص ومن ثَم نشوب خلافات ونزاعات بين الوارثين.

وتصاعد الجدل بعد حديث الداعية الإسلامي والأستاذ بجامعة الأزهر مبروك عطية، بأنّ كتابة الأب ماله لبناته "ستدخله نار جهنم".

فيما انقسم الشارع المصري ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي حول الفتوى، إلى أن تدخّل مفتي البلاد الدكتور شوقي علام، الثلاثاء، مُصرّحاً بجواز كتابة جزء من الممتلكات أو تقديم مال لأحد الأبناء وبخاصة البنات، مؤكّداً أنّ "الإنسان حر في ماله".

وتعاني مصر خلال الأعوام الأخيرة سيلاً من الفتاوى التي تُثير فوضى وجدلاً واسعاً مِن حين لآخر، ويرى مراقبون أنّ تلك الحالة ناتجة في الأساس عن غياب القيود والمهنية والمسؤولية داخل أروقة الفتوى في البلاد.

جدل متجدّد

يستند الشيخ علي جمعة في فتواه إلى أنّ تقسيم الميراث حسب الشريعة الإسلامية يختلف عن تصرّف المالك في ماله وأملاكه وهو على قيد الحياة، وهو ما يفسّره مختصّون بعبارة أخرى قائلين بأنّ "ثمّة فارقاً بين الوصية والعطية"، فالأولى مُحرّمة إن خالفت نص الشرع في توزيع الترِكة بعد موت الموروث، أمّا الثانية فلا حرج منها باعتبارها هبة أو منحة من فرد لأشخاص بعينهم أثناء حياته.

وشدّد جمعة، على أهمية "عدم المساس بأحكام المواريث"، موضحاً أنّها "تدخل حيز التطبيق بعد الموت وليس قبله، حيث يتمتع المالك أثناء حياته بحق التصرّف في أمواله كيفما يشاء دون عدوان أو إهدار".

وليست تلك هي المرة الأولى التي تُثير فيها فتاوى المواريث جدلاً في مصر، حيث طالب كثيرون العلماء والمختصّون بالاجتهاد الشرعي لإيجاد حل لحقوق النساء في الإرث، والتي كثيراً ما تُهضم من قِبل الوارثين الآخرين.

ورُغم معارضة البعض من المختصين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي لفتوى الشيخ جمعة، غير أنّ الدعم الذي تلقاه الفتوى هذه المرة غير مسبوق.

دار الإفتاء تتجاوب

تفاعلت دار الإفتاء المصرية مع فتوى الشيخ جمعة في منشور عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، حيث قالت فيه إن "التسوية بين الأولاد في العطاء والهبة أمر مستحب شرعاً".

تصرف الإنسان في ماله حال حياته ----- من المقرر شرعًا أن التسوية بين الأولاد في العطاء والهبة أمر مستحب شرعًا؛ فعن ابن...

Posted by ‎دار الإفتاء المصرية‎ on Sunday, September 19, 2021

وأضاف المنشور أنّ الشخص الواهب قد يَخصُّ "بعض أولاده بعطاء زائد عن البقية؛ لحاجة كمرض، أو كثرة عيال، أو صغر سنٍّ، أو مساعدة للزواج، أو مساعدة على التعليم والدراسة ونحو ذلك مما يستدعي الزيادة في العطاء والهبة".

واعتبرت دار الإفتاء أنّ من يفعل ذلك لا يُعتبر مرتكباً لظلم، "ولا إثم عليه في ذلك؛ لأنَّه تصرَّف فيما يملك حسب ما يراه مُحقِّقاً للمصلحة".

وجاء ذلك قبل أن يصرّح مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، بأنّ "الإنسان حر في ماله ما دام ليس محجوراً عليه بحكم محكمة، وعلينا ألا نحكم بالنيات، ولا مانع من نصح الأب بحكمة إذا ظهر منه ظلم واضح".

تحذير من التحايل على الشرع

تصدّر الأستاذ بجامعة الأزهر مبروك عطية أصوات المعترضين على فتوى مفتي مصر السابق، حيث رفض عطية الادعاء القائل بأنّ "كل شخص حر في ماله، وخصوصاً في مسألة الميراث"، مؤكداً أنّ كتابة الأب ماله لبناته قبل موته "هتوديه (ستدخله) نار جهنم".

وحذّر عطية من التساهل والتحايل في مسألة الميراث من خلال إيجاز توزيع الأب لممتلكاته قبل وفاته، مؤكداً أنّ "تلك حدود الله".

وأشار إلى أن "حرية الفرد في التصرّف في ممتلكاته" هي عبارة غير مقبولة على إطلاقها، لأنّ التصرّف في المال والممتلكات مباح شريطة ألّا يخالف الضوابط الشرعية وأحكام الدين الإسلامي.

وأردف الأستاذ بجامعة الأزهر أنّ الضوابط الشرعية "ليست قيوداً بل ضمانات للمصالح"، لافتاً إلى وجود حكمة إلهية من جعل حظ الذكر مثل حظ الأنثيين، مُعتبراً أنّها "كالحكمة من فرائض الصلاة يجب التمسّك بها دون تأويل".

TRT عربي