كسوة الكعبة.. تعرّف قصة أغلى ثوب في العالم ما بين التاريخ والحاضر (AA)
تابعنا

في 20 يونيو/حزيران الماضي، رفعت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الجزء السفلي من كسوة الكعبة المشرفة بمقدار ثلاثة أمتار تقريباً، وقامت بتغطية الجزء المرفوع بإزار من القماش القطني الأبيض من الجهات الأربع، وذلك استقبالاً لموسم حج هذا العام وتمهيداً لتبديلها بكسوة جديدة بداية محرم القادم بدلاً من عشية يوم عرفة، كما جرت العادة السنوية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار الإجراءات السنوية الرامية إلى الحفاظ على نظافة وسلامة الكسوة، حيث يولي مجمع الملك عبدالعزيز كسوة الكعبة المشرفة، "الثوب الأغلى في العالم" عناية واهتماماً بالغين على مدار العام، لما لها من قدسية عظيمة لدى عموم المسلمين.

فيما نقلت صحيفة "عكاظ" السعودية، الاثنين الماضي، عن الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس إعلانه صدور التوجيه الملكي بأن يكون تسليم كسوة الكعبة المشرفة من خادم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لكبير سدنة بيت الله الحرام في يوم عيد الأضحى المبارك الموافق للعاشر من شهر ذي الحجة للعام 1443هـ وأن يكون موعد استبدالها بداية محرم من العام 1444هـ.

أغلى ثوب لأقدس بيت

وتتجاوز تكلفة كسوة الكعبة المشرفة 25 مليون ريال سعودي، أي ما يعادل 6.66 مليون دولار، لتكون بذلك أغلى ثوب في العالم، وذلك لأنها تُنتج باستخدام أجود أنواع الخيوط على مستوى العالم والتي تزن 670 كيلوغراماً، بالإضافة إلى أسلاك وخيوط من الذهب الخالص عيار 24 قيراطاً، يصل وزنها إلى 120 كيلوغراماً، وأخرى من الفضة تصل إلى 100 كيلوغرام.

ويبلغ ارتفاع الثوب 14 متراً، وفي الثلث الأعلى منه يوجد حزام عرضه 95 سنتيمتراً، وطوله 47 متراً، ومكون من 16 قطعة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية. وتتكون الكسوة من أربع قطع، واحدة لكل واجهة من واجهات الكعبة، بالإضافة إلى الستارة التي توضع على باب الكعبة.

وتتوشح الكسوة من الخارج بنقوش منسوجة بطريقة "الجاكارد" كتب عليها بشكل متكرر العبارات التالية: "يا الله يا الله" و"لا إله إلا الله محمد رسول الله" و"سبحان الله وبحمده" و"سبحان الله العظيم" و"يا ديان يا منان".

الكسوة بين الماضي والحاضر

بعد فتح مكة، أولى المسلمون الكعبة المشرفة أهتماماً بالغاً وخصص لها النبي صلى الله عليه وسلم نفقة خاصة من بيت مال المسلمين، وكساها بأقمشة يمنية في اليوم التاسع من ذي الحجة في حجة الوداع، وعلى نهجه سار الخلفاء الراشدون حتى عهد معاوية بن أبي سفيان، الذي كسا الكعبة مرتين في العام: المرة الأولى في يوم عاشوراء والثانية استعداداً لعيد الفطر.

خلال فترة معاوية، كانت الكسوة تُصنع من أفضل الأقمشة الدمشقية وترسل إلى مكة من منطقة الكسوة في دمشق، ومن هنا سميت كسوة الكعبة. وخلال العهد العباسي استخدمت أقمشة عراقية قبل أن ينتقل شرف صناعة الكسوة إلى المصريين منذ العهد المملوكي وحتى نشب خلاف سياسي بسبب طرق احتفالات قافلة كسوة الكعبة، بما يعرف باسم "حادثة المحمل"، فتوقفت مصر على إثره عن تصنيع كسوة الكعبة لمدة تجاوزت 6 سنوات.

وفي عام 1927م، أمر الملك عبد العزيز بإنشاء أول دار لكسوة الكعبة المشرفة بجوار المسجد الحرام عقب خلاف سياسي مع مصر، وكانت هذه الدار أول مؤسسة خُصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة في المملكة، وعلى الدوام يجري تحديث تزويد تلك الدار بآلات النسيج والتطريز. ويبلغ اليوم عدد العاملين نحو 200 صانع وإداري يعملون في "مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة" المكلف بإنتاج كسوة الكعبة الخارجية والداخلية، بالإضافة إلى الكسوة الداخلية للحجرة النبوية الشريفة.

ماذا يحدث للكسوة القديمة بعد تبديلها؟

بعد استبدال الكسوة القديمة بأخرى جديدة كل عام، تُسلم الكسوة القديمة إلى لجنة تفوضها الحكومة السعودية بتقطيع قماش الكسوة إلى قطع صغيرة، ثم يوزعها هدايا على كبار الشخصيات والدول والمتاحف الإسلامية حول العالم أجمع.

وفي وقتنا الحالي توجد كسوة قديمة في دار صناعة الكسوة التي تأسست بالقاهرة عام 1233 للهجرة. وتوجد كسوة كاملة تعد الأقدم في العالم، معروضة في جامع أولو بمدينة بورصة التركية تعود إلى عام 1517.

TRT عربي