"كنا نعمل حتى الموت".. ماذا تعرف عن إجبار الكوريين على العمل في اليابان؟ / الصورة: Getty Images (Others)
تابعنا

أعلنت حكومة كوريا الجنوبية في السادس من مارس/آذار الجاري عن صندوق تعويض جديد لضحايا العمل الجبري باليابان في زمن الحرب أو أقاربهم الباقين على قيد الحياة. وهي محاولة جديدة يأمل المسؤولون بها إنهاء النزاع الذي أدى لعقود من الزمان إلى تسميم علاقات البلدين، حتى في الوقت الذي تقرب بينهما الضغوط الأمريكية والمخاوف بشأن الصين وكوريا الشمالية.

رغم الجهود المبذولة لطي صفحة إرث العمل القسري للكوريين باليابان أوائل القرن العشرين، إلا أن صدى هذه الفترة المظلمة وندوبها لا تزال تهيمن على المناخ العام بين البلدين. ووفق رويترز نزلت امرأتان من كبار السن من ضحايا العمل القسري من كوريا الجنوبية إلى الشوارع الثلاثاء على كرسيين متحركين قائلتين إنهما رفضتا صفقة تعويض أُعلن عنها هذا الأسبوع، ما قد يعقد جهود سيول لإنهاء الخلاف الدبلوماسي مع اليابان.

وحسب رويترز، بموجب خطة الرئيس الكوري الجنوبي يوون سوك يول، ستعوض كوريا الجنوبية العمال القسريين السابقين عبر مؤسسة عامة تمولها شركات قطاع خاص بكوريا الجنوبية بدل السعي للحصول على مدفوعات من اليابان. ورفض الضحيتان اللتان تلزم موافقتهما لبدء الصفقة الاقتراح قائلتين إن على طوكيو دفع تعويض والاعتذار.

أصل الحكاية

تسبب التوسع الإمبراطوري الياباني من عام 1910 إلى عام 1945 بفترة مظلمة في تاريخ كوريا. وبينما كانت تحت الحكم الياباني انخرطت الحكومة اليابانية بسياسة السخرة أو "استرقاق" الكوريين. بهذه الفترة تعرض الكوريون لأشكال مختلفة من الاستغلال، كإجبارهم على العمل بالمصانع والمناجم والمزارع اليابانية. كما أُجبرت الكوريات على الاستعباد الجنسي المعروف باسم "نساء المتعة" لخدمة الجنود اليابانيين.

وكان العمل القسري للكوريين باليابان من أجندتها الإمبريالية الواسعة، التي تهدف إلى استغلال الموارد والعمالة الكورية لصالح الإمبراطورية اليابانية. طبقت هذه السياسة عبر إجراءات قسرية، منها العنف والتهديد والسجن.

أجبر قانون التعبئة الوطنية الذي سنته الحكومة اليابانية عام 1938 جميع الرجال الكوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاماً العمل بمصانع ومناجم ومزارع اليابان دون أجر أو بأجور ضئيلة. ورغم اختلاف التجارب تعرضت النساء الكوريات أيضاً للعمل القسري باليابان. جُند عديد من النساء الكوريات للعمل في صناعة النسيج باليابان لساعات طويلة مقابل أجور منخفضة.

وكان للعمل القسري للكوريين في اليابان تأثير عميق على المجتمع الكوري باليابان وكوريا نفسها. فصل كوريون عن عائلاتهم وأجبروا على العيش بعزلة في اليابان. وتعرض آخرون للإيذاء الجسدي والنفسي من أرباب عملهم اليابانيين.

"كنا نعمل حتى الموت"

نقلت مجلة الإيكونوميست البريطانية قصة يانغ جيوم ديوك، الطفلة الكورية التي اقترح عليها مديرها في الأربعينيات أن تذهب للدراسة في اليابان من أجل تحقيق حلمها بأن تصبح معلمة. وافقت ديوك بحماس على الفكرة، وغادرت منزلها في مقاطعة جولا الجنوبية وهي بعمر الـ13 فقط، وعلى الفور لم يجرِ إرسالها إلى المدرسة الموعودة في اليابان، ولكن إلى مصنع طائرات تديره شركة ميتسوبيشي اليابانية العملاقة.

تتذكر ديوك قصتها قائلة: "لقد عملت حتى الموت تقريباً ولم أتقاضَ أي أجر". وتضيف بأن أملها الأخير هو أن "يقدم الجناة اعتذاراً صادقاً قبل أن أموت".

فيما قالت كيم سونغ جو (95 عاماً)، رفيقة ديوك التي عملت معها قسراً بمصنع طائرات ميتسوبيشي الثقيلة في ناغويا عندما كانتا مراهقتين خلال الحرب العالمية الثانية: "يمكننا أن نغفر إذا أخبرتنا اليابان بكلمة واحدة: (إننا نأسف وما فعلناه كان خطأ). لكن لا يوجد مثل هذه الكلمة". وتابعت قائلة: "كلما فكرت بذلك بكيت أكثر".

وإلى جانب الامرأتين اللتين انضمتا إلى مظاهرة أمام البرلمان في العاصمة سيول شارك مئات المؤيدين بمن فيهم نواب من المعارضة، الذين لوحوا بالبطاقات الحمراء واللافتات، ووصفوا دبلوماسية يون بـ"المهينة" وطالبوا بسحب الصفقة.

تعنُّت ياباني

تدهورت العلاقات إلى أدنى مستوياتها منذ عقود بعد أمر المحكمة العليا بكوريا الجنوبية في 2018 الشركات اليابانية بدفع تعويضات لعمال السخرة السابقين. وفاز 15 كورياً جنوبياً بمثل هذه القضايا، لكن لم يُعوَّض أي منهم.

تلا قرار المحكمة الكورية مواجهة باردة، مما زاد احتمال أن الشركات اليابانية كميتسوبيشي ستستولي على أصولها الكورية الجنوبية من المحكمة. لكن منذ أن تولى الرئيس الكوري الجديد السلطة في مايو/أيار الماضي انخرط المسؤولون في سيول وطوكيو بجهود مغلقة لإصلاح الأمور.

وبينما قالت اليابان إن المسألة جرت تسويتها بمعاهدة 1965 قال وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي الاثنين إن موقف حكومته لم يتغير.

وبموجب معاهدة عام 1965 سيجري ملء صندوق التعويضات في الغالب أو بالكامل من حكومة كوريا الجنوبية. سيجري تشجيع الشركات الكورية الجنوبية التي تلقت أموالاً بموجب المعاهدة (والتي تضمنت 800 مليون دولار في شكل منح وقروض منخفضة الفائدة لكوريا الجنوبية) ولكن لن يجري إجبارها على المساهمة. قد تفعل الشركات اليابانية ذلك على أساس تطوعي.

في هذه الأثناء وبدلاً من إصدار اعتذار جديد تريده السيدة يانغ وعدد من الكوريين الجنوبيين ستعيد طوكيو إصدار "الندم العميق والاعتذار الصادق" الذي قدمته عام 1998 عن "الأضرار والمعاناة الهائلة" التي سببها الاحتلال الاستعماري الياباني لكوريا بين عامَي 1910 و1945.

بالمقابل يريد معظم الكوريين الجنوبيين علاقات أفضل مع اليابان. ومع ذلك يشير استطلاع حديث للرأي إلى أن 64% يعتبرون تقديم اعتذار آخر من اليابان وإجراء تحقيق في مخالفاتها السابقة شرطين أساسيين.

TRT عربي
الأكثر تداولاً