تبلغ تكلفة مشروع محطة "آق قويو" للطاقة النووية نحو 20 مليار دولار أمريكي / صورة: AA (AA)
تابعنا

في الوقت الذي تشارف فيه أعمال البناء على الانتهاء في الوحدة الأولى من محطة "آق قويو" وبدأ إنتاج الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء المركبة بالتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية العام الجاري، تناولت وسائل الإعلام التركية مطلع الشهر الجاري أخباراً تفيد بأن شركة طاقة الكورية جنوبية عملاقة تقدمت باقتراح أولي إلى أنقرة لبناء محطة طاقة نووية جديدة في تركيا.

وذكرت وكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية أن شركة كوريا للطاقة الكهربائية (كيبكو) قدمت عرضاً بشأن بناء أربعة مفاعلات قادرة على توفير 1400 ميجاوات من الكهرباء بقيمة 32 مليار دولار في مقاطعة سينوب الواقعة على سواحل البحر الأسود شمالي تركيا.

ومحطة سينوب للطاقة النووية هي واحدة من ثلاث محطات رئيسية - بجانب محطة "آق قويو" التي باشرت شركة "روساتوم" الروسية في أعمال بنائها في عام 2018 بمدينة مرسين، ومحطة "إينيدا" التي خُطط لبنائها في منطقة تراقيا وضعتها تركيا على طول الطريق في رحلتها لتحقيق حلمها البالغ من العمر أكثر من 50 عاماً بأن تصبح دولة تمتلك مفاعلات نووية لأغراض سلمية.

عرض كوري

تواصل تركيا مفاوضاتها لإنشاء محطة للطاقة النووية في سينوب بعد محطة "آق قويو". في هذا السياق، استضافت العاصمة التركية أنقرة الإدارة العليا لشركة "كيبكو" وبدأت معها المفاوضات الرسمية، إذ التقى تشيونغ سونغ إيل رئيس مجلس إدارة الشركة الكورية الجنوبية وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز.

وقدم رئيس الشركة الكورية، التي سبق لها الفوز بمناقصة لبناء أربع وحدات مفاعلات APR-1400 في الإمارات العربية، عرضاً لبناء أربعة مفاعلات قادرة على توفير 1400 ميغاوات من الكهرباء في الجزء الشمالي من البلاد، وقدم اقتراحا مبدئياً تقدر قيمته بحوالي 40 تريليون وون (32.55 مليار دولار).

من جانبها، طلبت الحكومة التركية من "كيبكو" تقديم اقتراح في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. وذكر بيان صادر عن "كيبكو" أن الاقتراح يتضمن خطة الشركة لكيفية تنفيذ المشروع ومعلومات عن قدراتها لبناء محطة للطاقة النووية. وقال البيان: "بدأ الجانبان مناقشات جادة حول المشروع. وهم بصدد إجراء اختبار جدوى للعثور على أنسب طريقة لدفع المشروع".

محطة سينوب

في أعقاب الاتفاق مع شركة "روساتوم" المملوكة للحكومة الروسية لبناء محطة "آق قويو" في أواخر عام 2010، وقعت الحكومة التركية مع نظيرتها اليابانية في 3 مايو/أيار 2013 صفقة تزيد قيمتها على 22 مليار دولار أمريكي من أجل بناء محطة سينوب للطاقة النووية (ثاني المحطات النووية على الأراضي التركية)، التي اتُفق على أن تتولى شركة "ميتسوبيشي" اليابانية للصناعات الثقيلة و"آرافا" الفرنسية أعمال بنائها في عام 2017 وتشغيل أجزاء منها بحلول عام 2023.

ونظراً إلى زيادة تكلفته جراء عديد من العوامل، أهمها إضافة عديد من تحسينات الأمان والسلامة بعد كارثة فوكوشيما وانخفاض قيمة الليرة التركية، قررت اليابان الانسحاب من المشروع في عام 2018.

ولكن على الرغم من انسحاب اليابان، واصلت تركيا التحضير للمشروع وأخذ الرخص اللازمة وإجراء الفحوصات البيئية المطلوبة، وأُعلن في عام 2021 أن أعمال الحفر ستبدأ قريباً، على أن يجري تشغيل المحطة بحلول عام 2031.

وتجدر الإشارة إلى أن نائب وزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار صرح في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بأن تركيا بدأت مفاوضات مع وكالة الطاقة الذرية الروسية المملوكة للدولة "روساتوم" بشأن محطة سينوب، وكشف حينها أيضاً أن تركيا تجري محادثات مع شركات كورية جنوبية وأمريكية لتطوير الطاقة النووية. كما أجرت مفاوضات رسمية مع الحكومة الصينية بشأن المحطة الثالثة لتوليد الكهرباء.

رحلة تركيا النووية

حاولت تركيا منذ سبعينيات القرن الماضي تدشين رحلتها من أجل بناء محطات نووية خاص بتوليد الكهرباء، إلا أن جميع جهودها باءت بالفشل حتى حلول عام 2010 الذي شهد توقيع تركيا وروسيا اتفاقاً للتعاون حول إنشاء أولى المحطات النووية على الأراضي التركية وتشغيلها، وهي محطة "آق قويو" في مرسين التركية بتكلفة 20 مليار دولار أمريكي.

وإلى جانب محطة "آق قويو"، أفصحت تركيا عن خططها لإنشاء محطتين إضافيتين إحداهما في ولاية سينوب على شاطئ البحر الأسود شمال تركيا كان من المفترض أن تتولى اليابان وفرنسا بناءها، وأخرى في منطقة إينيدا الواقعة شرق إقليم تراقيا، التي يتوقع أن تتولى الصين بناءها بتقنيات أمريكية.

ولأجل تطوير الخبرات والمهارات المحلية فقد جرى تدريب 600 طالب تركي في روسيا للعمل في محطة توليد الكهرباء. 143 من الخريجين الذين أكملوا برنامج تدريب الموظفين انضموا إلى فريق محطة الطاقة النووية في مرسين، فيما يواصل حالياً نحو 107 طلاب أتراك تعليمهم الجامعي ودراساتهم العليا في الجامعات الروسية.

TRT عربي