وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان النظام السياسي الجديد بأنه نظام رئاسي من النوع التركي، مؤمناً بأن هذا النموذج يمكن أن يلهم دولًا أخرى أيضاً. / صورة: AA (AA)
تابعنا

في سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي، ومع تصارع حكومات ائتلافية آنذاك، كان المشهد السياسي التركي غارقاً في حالة من عدم الاستقرار، مما وفّر مناخاً ملائماً سمح للجيش بتنفيذ انقلابات عسكرية والتدخل في الحكم المدني.

نتج عن الحكومات الائتلافية معوقات سياسية، أظهرت بيروقراطية بطيئة الحركة في إدارة شؤون الدولة.

وفي عام 2017 بعد مرور عام من محاولة الانقلاب، تحوّلت تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان من النظام البرلماني إلى نموذج النظام الرئاسي.

ووصف أردوغان النظام الجديد بأنه نظام رئاسي من النوع التركي، مؤمناً بأن هذا النموذج يمكن أن يلهم دولاً أخرى أيضاً.

وستشهد تركيا دورة انتخابية منتظرة في 14 مايو/أيار الجاري، إذ ستجري الدولة انتخابات برلمانية ورئاسية في نفس الوقت. ويعتقد عديد من المحللين أن النتائج قد تشير أيضاً إلى شعبية وقوة النظام الرئاسي التركي.

بين النظام التركي الجديد والنظام شبه الرئاسي الفرنسي والنظام الرئاسي الأمريكي بعض أوجه التشابه والاختلافات. وبينما يرى بعض المحللين السياسيين أن فرنسا أفضل مثال على النظام شبه الرئاسي، فإن الولايات المتحدة تقف نموذجاً قوياً لنظام رئاسي متكامل.

وفي ما يلي مقارنة بسيطة لنظام الرئاسة التركي مع نظيريه الفرنسي والأمريكي:

الانتخابات الرئاسية

في تركيا وفرنسا، الانتخابات الرئاسية مؤلفة من جولتين، على عكس الولايات المتحدة حيث يُنتخَب رئيس الدولة في تصويت واحد حاسم.

في فرنسا والولايات المتحدة، تُجرَى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أوقات مختلفة، فيما تُجري تركيا كليهما في نفس التاريخ.

رئاسة الوزراء

مِثل الولايات المتحدة، ليس في النظام الرئاسي التركي رئاسة للوزراء. وبينما يمكن للرئيس التركي أن يعين أعضاء مجلس الوزراء مباشرة، يستطيع الرئيس الأمريكي أن يرشّح مناصب وزارية بشرط موافقة الكونغرس.

 يشرح المرشح لوزارة الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن رؤيته للسياسة الخارجية خلال جلسة تعيينه في مجلس الشيوخ، في واشنطن 20 يناير/كانون الثاني 2021. (AP Archive)

لذلك يتمتع الرئيس في تركيا والولايات المتحدة بسُلطة حصرية لاختيار من سيقود جميع مجالات الحكومة تقريباً، من السياسة الخارجية إلى صنع القرارات المحلية والاقتصادية.

في فرنسا يُعيّن رئيس الجمهورية رئيس الوزراء من أعضاء الحزب الحاصل على أغلبية المقاعد بالبرلمان. وتخضع الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء الفرنسي لموافقة البرلمان، الذي يستطيع أن يعزلها أيضاً بالتصويت بسحب الثقة.

عادة ما يُترك وزيرا الدفاع والخارجية ليعيّنهما الرئيس في فرنسا، فيما تخضع السياسات الداخلية والاقتصادية لسلطة رئيس الوزراء، الذي يمكنه تسمية الوزراء المعنيين في مجلس الوزراء.

ونتيجة لهذه الأسباب يُسمَّى النظام الفرنسي بـ"شبه الرئاسي"، على عكس الولايات المتحدة ذات النظام الرئاسي الكامل.

يُظهِر النظام شبه الرئاسي أوجه تشابه مع النظام البرلماني الذي تتّبعه دول مثل المملكة المتحدة وألمانيا وعديد من الدول الغربية الأخرى. لكن رئيس الدولة في النماذج شبه الرئاسية يتمتع بسلطات غير عادية، غير مرئية في الأنظمة البرلمانية بفضل الواقع السياسي بأنه انتُخب عن طريق التصويت الشعبي.

في حين أن الرؤساء هم رؤساء دول رسمياً في الأنظمة البرلمانية، فإنهم تنتخبهم المجالس الوطنية، بسبب عدم وجود تفويض بالتصويت الشعبي.

سُلطة حلّ البرلمان

يظهر نموذج النظام الرئاسي التركي اختلافات عن النظام الأمريكي في حل المجالس التشريعية. بينما يمكن للرئيس حل البرلمان التركي، فإن هذا ليس هو الحال في الولايات المتحدة، حيث لا يملك الرئيس سُلطة حل مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، بالإضافة إلى المجلسين التشريعيين في الكونغرس تحت أي ظرف.

في هذا الصدد، فإن النظام التركي يشبه النظام الفرنسي الذي يمكن للرئيس بموجبه حل مجلس الشعب في أي وقت بعد استشارة رئيس الوزراء وقادة كل من مجلس الشيوخ ومجلس النواب.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمة أمام مجلسي النواب والشيوخ في البرلمان الفرنسي في جلسة خاصة في مدينة فرساي، بالقرب من باريس 9 يوليو/حزيران 2018. (Reuters)

عزل رئيس الجمهورية

في ما يتعلق بإقالة الرؤساء من مناصبهم، يُظهِر النظام التركي أوجه تشابه مع الولايات المتحدة أكثر من فرنسا.

ففي الولايات المتحدة، يمكن للكونغرس سحب الثقة من الرئيس بأغلبية بسيطة، ولكن من أجل عزل الرئيس من منصبه تماماً، يلزم الحصول على أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ.

على الصعيد التركي، يمكن للبرلمان أن يدعو إلى انتخابات رئاسية جديدة إذا صوت ثلاثة أخماس النواب على هذا القرار.

في فرنسا، يتطلب عزل الرئيس، وهو ما يسمى بالخلع، تصويتاً بأغلبية بسيطة في البرلمان الفرنسي، على عكس النظامين التركي والأمريكي، اللذين يفرضان أغلبية ساحقة (الثلثين أو ثلاثة أخماس) لتغيير رئيس الجمهورية.

إذا قرّر مجلس النواب ومجلس الشيوخ اتخاذ قرار عزل الرئيس الفرنسي، فإن المادة68 من الدستور الفرنسي تنص على أن البرلمان "باعتباره المحكمة العليا" يستطيع فعل ذلك.

الدعوة إلى الاستفتاءات

على عكس النموذج الأمريكي الذي ليس به استفتاءات على المستوى الفيدرالي، يسمح النظامان الرئاسيان التركي والفرنسي بإجراء استفتاءات على المستوى الشعبي حول القضايا الحاسمة مثل التغييرات الدستورية.

على المستوى المحلي، تسمح فرنسا و23 ولاية أمريكية بإجراء استفتاءات حول قضايا مختلفة، في حين أن النظام الرئاسي التركي لا يحتوي على مثل هذا البند.

وفقاً للدستور الفرنسي، قد يطلب الرئيس إجراء استفتاء على أي قضية "بلا تصديق"، كما يمكن للرئيس الفرنسي أن يدعو إلى استفتاء بناءً على اقتراح من مجلس الوزراء أو البرلمان.

وأخيراً، يمكن أي يُجرِي استفتاءً في فرنسا "خُمسُ أعضاء البرلمان، بدعم عُشر الناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية"، حول الموضوعات المتعلقة بمشاريع القوانين الحكومية التي تؤثر في عمل المؤسسات الحكومية.

من جانب آخر، قد يُدعَى إلى الاستفتاءات التركية بشأن التغييرات الدستورية مباشرة من الرئيس. علاوة على ذلك، عندما لا يحصل أي مشروع تعديلات دستورية على الأغلبية المطلوبة من الأصوات في البرلمان، فإنه يحتاج إلى استفتاء شعبي بلا تدخُّل من الرئيس.

داعمو حملة "نعم'' في تركيا يستمعون إلى خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان خلال مسيرة مؤيدة للاستفتاء في حي العمرانية بإسطنبول، 15 أبريل/نيسان 2017. (AP)

جدير بالذكر أن الاستفتاءات لعبت دوراً مهمّاً في تاريخ السياسة التركية والفرنسية.

انتقلت تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي من خلال استفتاء شديد الأهمية أُجريَ في عام 2017. وبالمثل، وُوفِق أيضاً على انتقال فرنسا إلى نظامها شبه الرئاسي من خلال دستور 1958 من خلال استفتاء عُقد في نفس العام، كما انضمَّت فرنسا إلى الاتحاد الأوروبي باستفتاء معاهدة ماستريخت عام 1992.

تعيين سفراء الدول

يتمتع رئيس الجمهورية بسلطة مباشرة في تعيين السفراء في كل من تركيا وفرنسا.

لكن الوضع مختلف في الولايات المتحدة، حيث يخضع تعيين السفراء لموافقة مجلس الشيوخ بعد أن يرشحه رئيس البلاد.

TRT عربي