شركات الإنترنيت الكبرى تدفع الملايين للوبيات السياسية الأوروبية (AFP) (AFP)
تابعنا

على رأسها غوغل وفيسبوك، تصرف شركات الإنترنيت الكبرى ملايين اليوروهات سنوياً على لوبيات الضغط السياسي داخل هياكل الاتحاد الأوروبي. هذا ما يكشفه تقرير أوروبي أول من نوعه نشرته منظمة "المرصد الأوروبي لمراقبة اللوبيات والشركات" غير الحكومية.

يقول ماكس بانك مدير المرصد الأوروبي "نحن نعرف الوزن الاقتصادي لهذه الشركات بالمقابل نحن نكتشف لأول مرة وزنها السياسي وقدرتها على صناعة القرار". هذه القدرات التي تمتد لأن تعدل على هواها القوانين الأوروبية الخاصة بالنظام الضريبي وحماية الخصوصية، لتتحول من شركات تكنولوجية إلى كيانات سياسية تحكم قبضتها على الاتحاد الأوروبي.

ملايين غوغل وفيسبوك إلى لوبيات أوروبا

حوالي 1452 لوبي يكشف عنها تقرير المرصد الأوروبي، تعمل لصالح شركات الإنترنت العالمية الكبرى للضغط على هياكل بروكسل. حيث تتلقى حوالي 97 مليون يورو سنوياً من تلك الشركات جراء خدماتها تلك.

حصة الأسد من هذه الملايين تدفعها كل من شركتي غوغل وفيسبوك، اللتين تتقدمان ترتيباً من حوالي 600 شركة إنترنت تدفع لجماعات ضغط سياسي داخل الاتحادد الأوروبي. بالمقابل تدفع ثلثها، أي أكثر من 32 مليون يورو، كل من شركات هواوي، إي بي إم، إنتل، فودافون وكوالكوم مجتمعة.

فيما ترتيب العشر الأكثر إنفاقاً تترأسه غوغل بغلاف مالي سنوي يعادل 5.75 مليون يورو. تليها فيسبوك ومايكروسوفت بـ 5.5 مليون يورو سنوياً. وبعده آبل بـ3.5 مليون يورو، وهواوي بـ3 مليون يورو، ثم أمازون بـ2.8 مليون يورو. وفي المراكز الخمسة الأخيرة تأتي كل من إي بي إم، إنتل، فودافون وكوالكوم، التي تدفع كل منها مبلغ 1.8 مليون يورو لتلك اللوبيات.

ويقول تقرير "المرصد الأوروبي لمراقبة اللوبيات والشركات" إن قوة جماعات الضغط لا مثيل لها في تاريخ الاتحاد الأوروبي. بينما تتوجه كل هذه الأموال لجيوب السياسيين والمستشارين والمحامين الذين يعرفون الأبواب الجيدة التي تطرق من أجل تحقيق مطالب تلك الشركات، مع التعتيم على كونها هي من يقف وراءهم، تقول مارغاريتا سيلفا، اختصاصية من بالمرصد الأوروبي.

لماذا تضغط شركات الإنترنت الكبرى على الاتحاد الأوروبي؟

موضوعان اثنان يقبعان في قلب أنشطة الضغط السياسي التي تمولها شركات الإنترنت الكبرى: قوانين الاتحاد الأوروبي حول الاقتصاد الرقمي والسياسات الضريبية المتعلقة به، وقوانين الاتحاد الأوروبي للخدمات الرقمية والمتعلقة بضمان شفافية الشركات وحماية خصوصية المستخدمين. ويضيف التقرير أن المستشارة الأوروبية للمنافسة والمستشار المكلف بالسوق الأوروبية الداخلية هما الأكثر استهدافاً بأنشطة الضغط تلك.

بل وتستهدف تلك اللوبيات حكومات البلدان الأوروبية، مثل آبل التي دفعت للضغط على الحكومة الإستونية، والتي تعد أكثر الحكومات الأوروبية نشاطاً على مستوى الدفع بقوانين تنظيمية لخدمات شركات الإنترنت تلك. كما تنتظم هذه اللوبيات في شبكة معقدة من مراصد البحث والدراسات والفرق البرلمانية، وتنظم عدداً من الملتقيات والمؤتمرات يدعى إليها المسؤولون الأوروبيون، دون أن يعلموا بأن تلك الشركات هي الممول الرئيسي لها، حسب ما كشفت عنه مارغاريتا سيلفا.

في ديسمبر/كانون الأول 2020 كشفت المفوضية الأوروبية عن مسودة قانونها الجديد لـ"محاربة الأخبار الزائفة وتوجيه الرأي العام"، والذي يفرضُ على منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها فيسبوك، التزام الشفافية والكشف المفصل عن الجهات الممولة للحملات الانتخابية المروّجة على صفحاتها، بهدف عرقلة الأخبارِ الزائفة وتوجيه الرأي العام.

بالمقابل رفضت تلك الشركات القانون المذكور، كما كشفت عن ذلك محادثات إدارة فيسبوك مع الاتحاد الأوروبي، والتي غالباً ما طبعتها الحدة والصدام والضغط المتبادل من الجانبين. حسب تقرير المرصد الأوروبي، ولغرض التأثير على مثل هذه القرارات، تدفع شركتا فيسبوك وغوغل وغيرهما ملايين اليوروهات لصالح جماعات الضغط ببروكسل.

فيما تسعى بروكسل لعدم تكرار فضيحة "كامبريدج آناليتيكا"، حيث باعت شركة فيسبوك ملايين البيانات الشخصية دون علم أصحابها لشركة لتوجيه الرأي العام تعمل لصالح حملة "بريكست". وقتها استعملت تلك البيانات لدفع الجمهور البريطاني إلى التصويت بخروج بلاده من هياكل الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء الذي عقد وقتها.

TRT عربي