برنامج الجينوم البشري السعودي (المصدر: vision2030) (Others)
تابعنا

يُعَدّ برنامج الجينوم السعودي، الذي انطلق عام 2013 ودشَّن مختبره المركزي وليّ العهد محمد بن سلمان في عام 2018 وتنفّذه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالشراكة مع وزارة الصحة، أحد المشاريع الوطنية الرائدة والأكبر في الشرق الأوسط في إطار رؤية المملكة لعام 2030، التي يهدف من خلالها باستخدام تقنيات الجينوم المتقدمة إلى تقليل انتشار الأمراض الوراثية.

ومن خلال برنامج الجينوم السعودي (SHGP) الذي يُعتبر حجر الأساس لتطوير الطب الشخصي، ستُنشأ قاعدة بيانات لتوثيق أول خريطة جينية للمجتمع السعودي وتطوير ممارسة الطب الشخصي وتقليل تكلفة الرعاية الصحية وتحسين نوعية الحياة، الأمر الذي يشكّل إحدى القفزات الطبية العملاقة الهادفة إلى التوصل إلى الجينات المسؤولة عن الأمراض الوراثية التي تظهر في المملكة.

ويُنتظر من هذا البرنامج أن يُدخِل المملكة إلى نادي الدول الرائدة في مجال أبحاث الجينوم، ويتيح لها الاستفادة من البيانات الضخمة وأدوات الذكاء الصناعي بالشكل الذي يبني القدرات ويراكم الخبرات في رصد احتمالية ظهور وتكرار الأمراض الوراثية للفرد والأسرة، وتحسين طرق علاجها اعتماداً على التركيبة الوراثية لكل شخص على حدة، ومن ثم إعطاء المريض الدواء المناسب.

عصر جديد للصحة

وحسب موقع Thermo Fisher العلمي، ففي السعودية نسبة عالية من الأمراض الوراثية بسبب تقاليد البلاد في زواج الأقارب. عندما يتزوج الأقارب المقربون، يزيد خطر انتقال الطفرات الجينية المتنحية إلى أبنائهم. وأشار الموقع إلى مقال نشر في IEEE Pulse عام 2015، يشير إلى أن التقديرات تقول إن 20% من الأطفال المولودين في المملكة وُلدوا بأمراض وراثية شائعة مثل السكري، و8% آخرين ورثوا أمراضاً أكثر خطورة.

فيما تُقدَّر التكلفة السنوية لهذه الأمراض بنحو 270 مليار دولار أمريكي. من شأن الانخفاض الكبير في عدد الأطفال المولودين بإعاقات وراثية أن يوفّر على الفور أكثر من 270 مليون دولار أمريكي، وقد ينجم توفير مماثل أو أكبر عن التأخير البسيط في سنّ ظهور مرض السكري أو الاضطرابات الشائعة الأخرى.

في هذا الصدد يهدف العلماء من وراء المشروع إلى إحداث تأثير فوري في ثلاثة مجالات: تقليل الوقت اللازم للتشخيص، وزيادة دقة وكفاءة التشخيص، والاستفادة من المعلومات المتولدة لتحسين قواعد البيانات والمعرفة الشاملة حول الأمراض الوراثية في المملكة، إلى جانب الحد منها ومحاولة تلافيها، أو على الأقلّ تأخير حدوثها وتقليل خطورة آثارها، عبر توظيف الخرائط الجينية بالشكل الصحيح.

وفقاً لموقع الجينوم السعودي على الإنترنت، فإن الجهود المبذولة لفهم التركيبة البيولوجية الأساسية للسكان "ستقود التقدم المباشر وغير المباشر في الرعاية الطبية لعقود قادمة" باستخدام المعلومات الجينية لتحديد المخاطر الجينية والسببية "لجميع الحالات المتعلقة بالصحة".

البرنامج في أرقام

بدأ الباحثون الوراثيون في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث KFSHRC البحث في الأمراض الوراثية لدى السكان السعوديين في أواخر التسعينيات. بعد سنوات تبلورت جهودهم في شكل برنامج الجينوم البشري السعودي (SHGP)، وهو مشروع وطني لدراسة الأساس الجيني للمرض في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط. أُطلقَ البرنامج رسمياً في نهاية عام 2013 لتحديد تسلسل جينوم 100 ألف فرد خلال السنوات الخمس الأولى.

وحتى اليوم تَمكَّن برنامج الجينوم السعودي من فحص 61 ألفاً و177 عينة، وتوثيق 7 آلاف و500 متغير مسبِّب للأمراض الوراثية والجينية في المملكة، 3 آلاف منها مسببة لأكثر من 1230 مرضاً وراثياً نادراً في المجتمع السعودي. كما أُنشئَت 25 حزمة جينية ونُشرت 134 ورقة علمية محكَّمة في مجلات علمية عالمية.

تجدر الإشارة إلى أن السعودية كانت سبقت هذا المشروع بإنشاء برنامجين للوقاية الوراثية: برنامج فحص ما قبل الزواج عام 2004، وبرنامج الفحص المبكر للمواليد عام 2005 الذي يضمّ فحص 17 مرضاً وراثياً.

مهامّ البرنامج الأساسية

تتمثل مهمة برنامج الجينوم السعودي في تحديد الأساس الجيني للأمراض الوراثية الشديدة والشائعة في المجتمع السعودي باستخدام أحدث تقنيات تسلسل الجينوم والمعلوماتية الحيوية وتقنيات التحقق من الصحة. ويهدف إلى إنشاء الأساس الكامل للطب الجيني، البنية التحتية للمختبرات، والقدرة التقنية، وقاعدة بيانات المعرفة الجينومية. من المقرر أن تكون قاعدة البيانات ناتجاً رئيسياً للمشروع لخدمة المجتمع الطبي بأكمله، في المملكة العربية السعودية وفي جميع أنحاء العالم.

وحسب الموقع الإلكتروني لمشروع الجينوم السعودي، فإن المشروع الذي سيبني قاعدة بيانات وراثية وجينية للمجتمع السعودي، سيساهم في الحد والوقائية من الأمراض الوراثية في المملكة وتحسين طرق علاجها، كما سيساعد العلماء والباحثين على اكتشاف المتغيرات الوراثية والجينية وإستغلالها لتطوير أدوات التشخيص وتعزيز الصحة العامة بتأسيس بنية تحتية متقدمة في مجال الجينوم والمعلوماتية الحيوية، فضلاً عن تأهيل وتدريب وتطوير الكوادر الوطنية في هذا المجال.

TRT عربي