جزيرة كوناشيري، إحدى الجزر الأربع المعروفة باسم جزر الكوريل الجنوبية في روسيا. (Reuters)
تابعنا

حلت مسألة اعتراف روسيا بـ"استقلال" الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا ثم شنها هجمات واسعة على أوكرانيا، على رأس جدول الأعمال العالمي منذ 24 فبراير/شباط الماضي. ولم تتسبب هذه الهجمات في تصاعد التوترات فقط في أوكرانيا، ولكن أيضاً على الجانب الآخر من روسيا بسبب آثارها غير المباشرة.

وبينما تؤيد اليابان، الجارة الشرقية لروسيا، العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب قضية أوكرانيا، تعمل روسيا على تحديث موقعها في جزر الكوريل، بعدما أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها قررت إلغاء مفاوضات السلام مع اليابان بشأن الجزر، ردّاً على العقوبات اليابانية.

نستعرض في هذا التقرير كل ما تودّون معرفته عن الجزر التي ظهرت على جدول الأعمال مرة أخرى بالتزامن مع الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، وانعكاسات آخر التطورات في أوكرانيا على مصير جزر الكوريل.

جزر الكوريل

تتألف جزر الكوريل، أو جزر الشمال حسب اليابان، من أربع جزر رئيسية تقع بين شبه جزيرة كامشاتكا الروسية في أقصى شمال شرقي روسيا، وجزيرة هوكايدو اليابانية.

تفصل جزر الكوريل بين بحر آخوتسك والمحيط الهادئ بقوس يصل طوله إلى 1200 كيلومتر، وتبلغ المساحة الإجمالية للجزر قرابة 10.5 ألف كيلومتر مربع، فيما وصل عدد سكانها إلى نحو 21.5 ألف نسمة، وفقاً لإحصاءات عام 2021. وتتشكل الجزر من مجموعتين متوازيتين، هما الكوريل الكبير والكوريل الصغير.

وإلى جانب موقعها المطل على المحيط الهادي من النواحي الاستراتيجية والعسكرية، تتمتع الجزر بثروات كبيرة من نفط وغاز ومعادن، بالإضافة إلى ثرواتها البحرية الوفيرة. كما تضمّ المنطقة رواسب معدنية من الرينيوم في منطقة البراكين.

نزاع جزر كوريل

على الرغم من أن روسيا تُقِرّ بأن اليابانيين اكتشفوا الجزر قبل أن يكتشفها الروس للمرة الأولى عام 1697 في أثناء حملة فلاديمير أطلسوف إلى كامتشاتكا، فإنهم احتلوها عام 1711 بعد معارك مع السكان المحليين. بقيت الجزر تحت سيطرة الروس حتى بداية القرن 19، إذ تَمكَّن تمكن اليابانيون من السيطرة على الأرخبيل وطرد الروس منه.

وبينما بسطت روسيا سيطرتها على المناطق الشمالية، بقيت المناطق الجنوبية تحت سيطرة اليابان. وفي 1875 تنازلت روسيا لليابان عن الجزر من أوروب إلى شومشو. واعترفت اليابان بدورها بأحقية روسيا في جزيرة سخالين (أقصى شرق روسيا). وفي عام 1904 انسحبت اليابان من المعاهدات السابقة، وشنّت حرباً انتهت بهزيمة روسيا وقبولها بشروط معاهدة "بورتسموث"، التي تنازلت روسيا لليابان بموجبها عن كامل جزر الكوريل الشمالية والجنوبية.

وفي أعقاب الهزيمة التي لحقت باليابان نهاية الحرب العالمية الثانية، عادت روسيا واحتلت كامل الأرخبيل الذي انتشر فيه الجيش السوفييتي. وعلى الرغم من توقيع معاهدة سان فرانسيسكو للسلام سنة 1951 التي تنص على أن على اليابان أن تتخلى عن مطالبتها بجزر كوريل، لا تعترف اليابان بالسيادة السوفييتية على كوريل، وتطالب بتحريض أمريكي باستعادة السيادة على الأرخبيل.

معركة مؤجلة

على الرغم من أن قضية الهيمنة على الجزر تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، فإن القضية الحالية المتمثلة في تقاسم الجزر الأربع (كوناشير وإيتوروب وشيكوتان وهابوماي) التي تسميها روسيا "الكوريلات الجنوبية" وتسميها اليابان "الأقاليم الشمالية"، ما زالت تطغى على العلاقات بين البلدين.

وبالتزامن مع انضمام اليابان إلى العقوبات الغربية المناهضة لروسيا، بعد إعلان الأخيرة التدخل العسكري في أوكرانيا نهاية الشهر الماضي، أعلنت روسيا انسحابها من محادثات السلام بشأن جزر الكوريل وجمدت مشروعات اقتصادية مشتركة.

وبينما عقد رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي عدة قمم بين عامَي 2012 و2020 مع فلاديمير بوتين لتحسين العلاقات مع روسيا والتوصل إلى اتفاق سلام ثنائي يعيد على الأقلّ جزءاً من جزر الكوريل إلى اليابان، فإنن موسكو تخشى احتمال نشر أنظمة صواريخ أمريكية على الجزر في حالة إعادتها إلى اليابان، مما يشكل تهديداً عسكرياً مباشراً لروسيا.

TRT عربي