من شرق الأرض إلى غربها في 4 ساعات فقط.. ماذا تعرف عن الطيران فرط الصوتي؟ (Others)
تابعنا

أينما يُصوَّر المستقبل في الروايات وأفلام الخيال العلمي، نجد أن النقل قد حاز على اهتمام بالغ، وذلك لأنه من أهمّ مؤشرات التطور التكنولوجي. وعلى الرغم من عدم وجود سيارات طائرة أو تكنولوجيا نقل من بُعد حتى اللحظة تواكب ما توقعته أفلام الخيال العلمي لعام الحالي 2022، فإن تقنيات النقل تتحسن يوماً بعد يوم، خصوصاً أن النقطة التي وصلنا إليها لا تزال واعدة.

واستكمالاً لمشروع النقل الجوي فائق السرعة، ستتيح طائرات النقل الجوي فرط الصوتية التي تتجاوز سرعتها سرعة الصوت بـ5 مرات أو أكثر، إمكانية الذهاب إلى أبعد مكان في العالم خلال 4 ساعات فقط. ومع ذلك يجب حل بعض المشكلات مسبقاً، على رأسها التكاليف الباهظة والضوضاء المرتفعة.

وفي هذا الصدد يحاول عديد من الشركات إعادة تقديم السفر الجوي الأسرع من الصوت بمفاهيم نفاثة جديدة فائقة السرعة وسط منافسة محتدمة سواء بين الشركات الخاصة أو الدول التي تدفع مختبراتها الجوية والفضائية لتطوير أحدث النسخ وأكثرها تفوقاً في المجالين الحربي والتجاري.

أصل الحكاية

نشأت فكرة الطائرات الأسرع من الصوت في منتصف الستينيات، واستمرت منذ بدء عصر السفر الجوي التجاري الأسرع من الصوت عام 1973، مع أول عبور عبر المحيط الأطلسي لطائرة كونكورد الشهيرة، حتى توقفت رحلات الركاب عام 2003، مع تقاعد الخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية البريطانية كونكورد.

وكانت كونكورد طائرة تجارية أسرع من الصوت، تحلّق بالركاب بسرعة 1350 ميلاً في الساعة، لكن التكاليف المرتفعة والمخاوف المتعلقة بالسلامة والطفرات الصوتية العالية أجبرت الطائرة على التقاعد عام 2003.

وقد دفع النجاح المبكر لطائرة كونكورد، الخطوط الجوية البريطانية والخطوط الجوية الفرنسية -وهما المشغّلان الوحيدان للطائرة بسبع طائرات لكل منهما- إلى إضافة مزيد من المسارات، مثل باريس-نيويورك، ولندن-واشنطن العاصمة. مع ذلك أثبتت الطائرة أنها باهظة الثمن وصاخبة للغاية ولا يمكن صيانتها، الأمر الذي تَسبَّب في تقاعدها مع مرور الوقت.

ومنذ تقاعُد كونكورد لم تشهد الصناعة طائرة أخرى أسرع من الصوت لأن الشركات المصنعة لا تزال تحاول حل التحديات التي واجهتها الطائرة الشهيرة، مثل الكفاءة والتكلفة والضوضاء.

محاولات واعدة

يمكن للطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والتي يجري العمل عليها حالياً لنقل الركاب، أن تصل إلى أكثر من 5 أضعاف سرعة الصوت. بمعنى آخر، يمكن أن تتجاوز سرعتها 8 آلاف كيلومتر في الساعة، فالرحلة المباشرة التي تستغرق من إسطنبول إلى نيويورك نحو 10 ساعات و40 دقيقة بطائرات عادية، يمكن أن تقلّ مدتها مع هذه الطائرات إلى ساعة و40 دقيقة.

وبينما لم يكن السفر الأسرع من الصوت حقيقة واقعة حتى لأكثر الأفراد ثراءً منذ تقاعد الكونكورد منذ ما يقرب من 20 عاماً، تتطلع ناسا إلى إعادة الرحلات الأسرع من الصوت، وتعمل مع شركة لوكهيد مارتن لصناعة الطائرات لإعادة إحياء هذا النوع من الطائرات من خلال طائرتها فرط الصوتية التي تحمل اسم "X-59"، والتي تستعد للتحليق لأول مرة عام 2023، وستحاول إثبات أنها هادئة كما هو متوقَّع. إذا سارت الأمور على ما يرام، فقبل عام 2030 ستقرّب هذه الطائرات طرفَي العالم.

أيضاً شركة "Boom" التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها تعتمد على إرث كونكورد بطائرتها الأسرع من الصوت التي تسمى "Ovirgin"، والتي تهدف من خلالها إلى بلوغ أي مكان في العالم خلال أربع ساعات مقابل 100 دولار.

مع ذلك، تقف عقبات جدية أمام هذا التحول، هي الضوضاء والتلوث، فبينما تؤدي زيادة كمية الوقود المستخدمة للسفر عالي السرعة إلى ترك هذه الرحلات الجوية بصمة كربونية أكبر بكثير، وبالتالي تضرُّر طبقة الأوزون بشدة، يؤدِّي السفر بسرعة تفوق سرعة الصوت إلى حدوث دويّ يمكن سماعه على الأرض مثل الرعد العالي. بالإضافة إلى ذلك، تشكّل درجات الحرارة المرتفعة تهديداً لمتانة الطائرات.

تنافس محتدم

في ديسمبر/كانون الأول 2021، أعلنت الصين أنها تعمل على طائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت يمكن أن تحمل عشرة ركاب في أي مكان في العالم في أقلَّ من ساعة. في ذلك الوقت كُشف عن أن الطائرة التي يبلغ طولها 45 متراً، أي نحو ثلث حجم طائرة بوينغ 737، كان لها أجنحة دلتا مماثلة لتلك الخاصة بطائرة كونكورد، أول طائرة أسرع من الصوت في التاريخ. فيما ذكرت صحيفة EurAsian Times أن الصين تأمل أن تنطلق إلى المستقبل بمحرك سائل مغناطيسي "يتنفس الهواء"، قد يمكّن تجارياً من الذهاب إلى أي مكان على الأرض في أقلّ من ساعة.

وخلال معرض فارنبورو الجوي الذي استضافته المملكة المتحدة نهاية الشهر الماضي، أعلنت شركات بريطانية بالتعاون مع مكتب القدرات السريعة التابع لسلاح الجو الملكي (RCO) خططاً لتسليم طائرة تفوق سرعة الصوت لتعزيز القدرات الدفاعية، فضلاً عن المنافسة في النقل التجاري فائق السرعة.

وبلا أدنى شك، تقود الشركات الأمريكية التحوُّل الواعد نحو النقل فرط الصوتي، ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك شركة Venus Aerospace الناشئة في تكساس، التي كشفت النقاب عن طائرة نفاثة أسرع من الصوت (بسرعة 9 ماخ)، مما يعني أن الطائرة ستطير أسرع تسع مرات من الصوت. وتقول الشركة إن طائرتها Stargazer ستربط أي مدينتين على الأرض في غضون ساعة أو أقلّ بالطيران على طول حافة الفضاء.

TRT عربي