يُعد إسكوبار 25000 وجبة يومياً للناجين من الزلزال في أنطاكيا / صورة: TRT World (TRT World)
تابعنا

بعد أقل من أسبوع على الدمار الذي لحق بمنطقة جنوب تركيا بسبب الزلزالين المدمرين، أجرى إيفان فرانسيسكو إسكوبار رحلة برية مدتها ثلاث ساعات تقريباً من أضنة عبر واحدة من أكثر المناطق تضرراً.

خرج الشيف البالغ من العمر 43 عاماً من منزله في مدينة بارانكويلا الكولومبية في 10 فبراير/شباط الماضي، مغادراً إلى إسطنبول، ثم استقل دون توقف رحلة طيران إلى أضنة قبل أن يستقل رحلة برية إلى وجهته النهائية مدينة أنطاكيا في مقاطعة هاطاي.

منذ ذلك الحين، وإسكوبار يعد 25000 وجبة يومياً للناجين من الزلزال في أنطاكيا، وهي واحدة من أكثر المناطق تضرراً من الزلزالين المدمرين (7.7 و7.6 على التوالي) والذي أسفر عن مقتل أكثر من 50000 شخص في تركيا وسوريا وترك الملايين بلا مأوى.

إسكوبار عضو في World Central Kitchen، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة توفر الغذاء للمتضررين في حالات الكوارث الطبيعية والأزمات وحالات الطوارئ الإنسانية. وقد كانت واحدة من أولى فرق المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى تركيا بعد أسوأ كارثة طبيعية تضرب المنطقة في التاريخ الحديث.

يقول إسكوبار إن الناجين بحاجة إلى كل مساعدة ممكنة للتغلب على هذه المأساة. ويضيف في لقاء هاتفي مع TRT World أثناء استراحة من عمله. "يوجد شيء واحد فقط يمكنك القيام به، وهو أن تملأ نفسك بالقوة والشجاعة لمساعدة هؤلاء الأشخاص. إنهم بحاجة إلى كل شيء".

ويستكمل إسكوبار "ليس هناك وقت للشكوى والنحيب، ليس هناك وقت لتكون ضعيفاً، فقط هناك وقت لتكون قوياً وتفعل ما تحتاجه لإطعام أكبر عدد ممكن من الناس. لقد وصلت إلى الحد الأقصى المسموح به وهو 25000 وجبة في اليوم وأنا فخور جداً بذلك".

ولدى إسكوبار فريق من ستة طهاة ومتطوعين أتراك يساعدونه.

صدمة مفجعة

في اليوم الذي ضربت فيه الزلازل تركيا، عاد إسكوبار من عمله في وقت متأخر من الليل. وعندما بدأ بتصفح منصات وسائل التواصل الاجتماعي بدأ يرى الصور المؤلمة التي سببتها الكارثة الطبيعية في تركيا وسوريا.

وفي لحظة، عرف ما عليه فعله.

يتذكر قائلاً: "بمجرد أن رأيت هذه الصور، كان الشيء التالي الذي فعلته هو الاتصال بمسؤولي في المنظمة (WCK)، وقلت: من فضلك أرسلني إلى تركيا على الفور"، مضيفًا "كنت من أوائل من قالوا إنني على استعداد للذهاب".

بعد ثلاثة أيام، كان خبير الطهي الذي يتمتع بـ 22 عاماً من التجربة، على متن طائرة متجهة إلى تركيا، سائراً على خطى مؤسس World Central Kitchen الإسباني خوسيه أندريس، الذي قاد أول فريق للمنظمة إلى منطقة منكوبة.

يقول إسكوبار: "الرحلة شيء لن أنساه أبداً.. وصور المباني المنهارة على الأرض"، مشيراً إلى مشاهد المباني التي جرت تسويتها بالأرض "في جميع أنحاء المنطقة المنكوبة".

إسكوبار عضو في World Central Kitchen، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة توفر الغذاء للمتضررين في حالات الكوارث الطبيعية (TRT World)

من أضنة إلى أنطاكيا، يمكنك ملاحظة الأضرار. ولكن عندما تقترب من أنطاكيا، يكون هناك دمار، ودمار هائل".

يقول إسكوبار- الذي عمل بدوره في مناطق أخرى منكوبة- إنه شاهد التأثير المدمر للأعاصير والعواصف والفيضانات، لكنه يضيف مستدركاً: "لكن مستوى الدمار الذي في أنطاكيا لم أره من قبل". مضيفاً أن "المنطقة قد دمرت تماماً" حيث "المباني على شكل جبل من الأنقاض".

"إنه لأمر صعب جداً. فقد الناس أفراداً من عائلاتهم وأعمالهم، إنك تطعم الناس بمعنويات منخفضة للغاية. هذا هو السبب في أنه من المهم بذل كل ما هو ممكن لرفع هذه الروح المعنوية".

بصيص أمل

يقول إسكوبار، الذي كانت آخر وجهة له قبل تركيا، جمهورية الدومينيكان بعد إعصار حدث في سبتمبر/أيلول 2022، "إن الأشخاص الذين يعملون في مناطق الكوارث يواجهون عدداً من التحديات، لا سيما عندما يقع في مكان ما عدد لا يحصى من الهزات الارتدادية، بما في ذلك الهزات الكبيرة".

ويصف المهمة بأنها "صعبة للغاية لأننا ما زلنا نعاني من الزلازل. أنا أعمل بينما الأرض تهتز".

"عندما تهتز الأرض وكل شيء يتحرك من تحت قدميك يكون من الصعب مزاولة عملك" وفق قول إسكوبار، الذي نصب المطبخ في فناء أحد المباني المدمرة، "أنا أعمل في مطبخ ميداني".

لقد منحته منظمته غير الحكومية الدعم المالي لكل ما يحتاجه من أواني الطهي والمقالي العملاقة إلى محطات العمل والخيام لتخزين مواد الطعام الخاصة به.

يدعم منتجو المواد الغذائية والمطاعم أيضاً إسكوبار بالإمدادات، وعادة ما يستغرق ذلك يومين لتسليم المواد التي يطلبها فريقه.

ويقول إن الوجبات التي ينتجونها يجري نقلها في شاحنات إلى 18 نقطة توزيع مختلفة في غضون ساعة بالسيارة من المطبخ، مما يضمن بقاء الوجبات دافئة. يجري تقديم الوجبات لكل من الناجين والفرق المختلفة المشاركة في أعمال الإغاثة الحيوية في المنطقة المنكوبة.

مذاق تركيا

يصف إسكوبار الوجبات التي ينتجها فريقه على أنها "أصيلة" و"محلية الصنع"، ما يُعد امتداداً لفلسفة مؤسس المنظمة أندريس القائلة بأن "الإغاثة الغذائية ليست مجرد وجبة تفي بالجوع. إنها ومضة أمل تخبرك في أحلك ساعاتك أن هناك شخصاً ما، في مكان ما، يهتم بك".

يقول إسكوبار إن فريقه يأخذ في الاعتبار العادات الغذائية للسكان المحليين من خلال طبخ أصناف مثل اليخنات المُنكهة بالتوابل التركية والبروتينات المألوفة مثل الدجاج. إلى جانب ذلك، يقدمون أيضاً البرغل – وهو أحد أصناف طعام القمح الذي يستخدم عادةً في المطبخ الآسيوي والتركي.

يقول: "لم نأت إلى هنا لنصنع البرغر والنقانق، على العكس، نطهو ما ينتظره الناس بحق وهو الطعام المحلي المعد جيداً".

يؤكد إسكوبار أيضاً التأثير الإيجابي للطعام على معنويات الناس.

"عندما تعمل مع أشخاص فقدوا كل شيء للتو، فإن دورنا، يتعدى مجرد الإطعام، إنه محاولة لرفع الروح المعنوية. إن الطعام الذي ننتجه مميز للغاية لدرجة أن هدفه هو محاولة إضفاء الابتسامة، لمحاولة إعادة بعض الأمور إلى طبيعتها لشخص يعاني من فوضى تامة".

كما أشار إسكوبار إلى التضامن بين الشعب التركي الذي جاء للتطوع من المناطق غير المتأثرة بالزلزال مثل إسطنبول قائلاً: "لقد حالفني الحظ في الاعتماد على مساعدة جيدة جداً وأنا هنا مع طهاة من مدينة إسطنبول، وطهاة محترفين متاحين وتحت إشرافي لجعل من هذه العملية أمراً ممكناً".

"مهمتي تنتهي في العاشر من مارس/آذار بعدها تقوم فكرتي على تسليم متابعة العملية إلى هؤلاء المتطوعين الأتراك حتى يستمروا في فعل ما كنا نفعله. نحن كمنظمة سنستمر في دعمهم اقتصادياً، ويوضح "سوف نغطي العملية مالياً كما كنا نفعل ولكن مع تركها تحت إشراف وتوجيه الأتراك".

سيستمر توزيع المواد الغذائية في أنطاكيا من خلال السكان المحليين، مثل التركي سيزغين صايلير أوغلو البالغ من العمر 42 عاماً والذي كان طاهياً لمدة خمس سنوات.

يقول صايلير أوغلو، الذي وصل إلى المنطقة قبل أكثر من أسبوع، لـ TRT World إنه كان يعمل في المطبخ لمدة تصل إلى 15 ساعة في اليوم. ويضيف "دوري هو وضع المكونات الصحيحة، والتوابل المناسبة للطعام لطهيه جيداً".

يضيف صايلير أوغلو إنه موجود هنا لفترة طويلة وسيقدم المساعدة قدر المستطاع ويصر على أنه يمكنه "البقاء ربما ثلاثة أو أربعة أشهر. لا يهم".

إنه يأمل مع مرور الوقت أن يتمكن الناجون من إعادة بناء حياتهم، ولكنهم الآن بحاجة إلى التضامن للتغلب على هذه المحنة الشديدة.

يضيف صايلير أوغلو "نحن بشر بالأخير، لذلك إذا كانت لدينا تجارب سيئة في الحياة، فهذا يذكرنا بأننا بشر ويجب أن نكون دائماً معاً بغض النظر عن المدينة ومن أي بلد ومن أي دين أنت. يجب أن تدعموا بعضكم البعض دائماً".

TRT عربي