في تقليد بدوي متوارث منذ مئات السنين، تحتفل القبائل التركية بمهرجان "سلجوق" لمصارعة الإبل، في شهر يناير/كانون الثاني من كل عام.
دفع إلغاء المهرجان هذا العام بسبب جائحة كورونا، الصحفي والمصور بصحيفة النيويورك تايمز برادلي سيكر، إلى العودة بذاكرته قبل أربع سنوات، حينما حضر المهرجان عام 2017، واصفاً ما رآه بأنه "سيطر على حواسه" في تقرير مصور نشره بالصحيفة الأمريكية.
وصف سيكر المشهد كالتالي: "كانت الساحة مليئة بالمتفرجين الصاخبين الذين أحاطوا بحلبة المصارعة جالسين في مقاعد دائرية متدرجة، وداخل الحلبة دخلت الإبل تستعرض أمام الجماهير، متأنقة بارتداء سروج ملونة، تشير إلى أسمائها وأصولها وأصحابها".
ما مصارعة الإبل؟
تتصارع الإبل بشكل تلقائي في البرية، ولا يُسمح أن تتحول المباريات إلى استعراض للعنف، فالجمل يربح حينما ينجح في دفع خصمه إلى التراجع أو السقوط أرضاً أو الهرب من الحلبة، ويبقى أصحاب الإبل أو مدرّبوهم على مقربة منهم لضمان عدم إصابة حيواناتهم بأي أذى.
يحصل الفائزون على جائزة رمزية، تتمثل في سجادة تركية بزخارف تقليدية زاهية، ويقوم أحياناً الحضور بعقد رهانات غير معلنة مع أصدقائهم، على نسبة قليلة من الأموال، كون الرهانات غير مسموح بها قانونياً.
تعود مصارعة الإبل في الأصل إلى تقليد قديم توارثته الأجيال في منطقة الأناضول التي اشتهرت بالترحال وتربية الحيوانات، ثم انتقل لاحقاً إلى مناطق بحر إيجه ومرمرة.

علاقة استثنائية
تربط الإبل وأصحابهم علاقة خاصة جداً، فيرعونهم ويهتمون بهم، وكذلك يدربونهم للحفاظ على لياقتهم طوال العام.
يصف "تبه دلن"، الذي توارثت عائلته هذا التقليد منذ أكثر من 250 عاماً في ولاية مانيسا التركية، هذه العلاقة الاستثنائية بقوله: "أصبحت أفهم ما تريده الإبل بالنظر إليها وذلك لأنني أعتني بها منذ سنوات طويلة"، وفق حديثه لوكالة الأناضول.
فيما أوضح سيكر في تقريره، أن أصحاب الإبل يتمتعون بصفات معينة لا توجد في غيرهم، إنهم "مفعمون بالحيوية ويهتمون بحيواناتهم بشدة" على حد وصفه.
وتابع سيكر: "رأيت العديد منهم ينامون بجوار الإبل طوال الليل في حظائر على مشارف المدينة، لضمان سلامتهم وحمايتهم من اللصوص".
غالباً ما تشارك في مهرجان سلجوق إبل من نوع يعرف باسم "تولو"، وهي سلالة تنتج من تزاوج جمل باكتري أي لديه سنامين على ظهره، مع جمل عربي بسنام واحد، ويجري تخصيص هذه السلالة غالباً للمصارعة فقط.
لا تستغرق المباريات أكثر من 15 دقيقة لضمان عدم إنهاك الحيوانات أو إيذائها، وقبل دخول الحلبة، يقرب أصحاب الإبل الذكورَ من إناثهم، دون السماح لهم بالتلامس، إذ يؤدي ذلك إلى "توتر جنسي يقول المدربون إنه يمنح الذكور قوة إضافية"، وفق تقرير صحيفة نيويورك تايمز.