حرس الحدود على معبر حدودي بين الهند وباكستان في منطقة كشمير (Reuters)
تابعنا

تاريخ النزاع بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، مستمر منذ نهاية حقبة الاحتلال البريطاني لشبه الجزيرة الهندية قبل أكثر من 74 عاماً، حيث أشعل إقليم كشمير الحرب 3 مرات بين البلدين، وكان السبب الأساسي في تدهور العلاقات بينهما، وذلك لسعي كل منهما إلى السيطرة على الإقليم ذي الأغلبية المسلمة.

وفي الأسابيع الأخيرة، بدأت طبول الحرب تُقرع مجدداً عند حدود كشمير تزامناً مع انتشار عدد من الصور ومقاطع فيديو من الإقليم، تظهر فيه قوات الجيش والشرطة الهندية وهي تنهال بالضرب والتعذيب على سكان الإقليم المسلمين. فهل تندلع الحرب مجدداً، أم تنجح الدبلوماسيّة في تجنيب الإقليم والمنطقة حرباً قد تُشهر فيها الأسلحة النووية؟

موقع الإقليم وأهميته

يقع إقليم كشمير جنوب سفوح جبال الهيمالايا بين شبه القارة الهندية (الهند وباكستان) والصين في وسط آسيا، وهو المنطقة المتنازع عليها من الدول الثلاث. ففي منتصف القرن التاسع عشر، كانت كلمة "كشمير" تُشير إلى الوادي الذي يقع بين جبال الهيمالايا وجبال بير بنجال، أمّا اليوم، فباتت تُشير إلى منطقة أوسع، تتضمن المناطق التابعة للهند جامو وكشمير، والتي تتألف من جامو ووادي كشمير ولاداخ، بالإضافة للمناطق التابعة لباكستان وهي: أزاد كشمير، وجيلجيت-بالتيستان، والمناطق التابعة للصين وهي: أكساي تشين، وترانس كاراكورام تراكت.

ويحتلّ إقليم كشمير وجامو موقعاً استراتيجياً مهماً في جنوب القارة الآسيوية، حيث تحدّه الصين من الشرق والشمال الشرقي، وأفغانستان من الشمال الغربي، وباكستان من الغرب والجنوب الغربي، والهند في الجنوب، وتبلغ مساحته أكثر من 242 ألف كيلومتر مربع، ويسكنه أكثر من 12.5 مليون نسمة، وفق آخر إحصائية صدرت عام 2011.

من جانبها، تدرك الهند الأهمية الاستراتيجية المهمة للإقليم، وخصوصاً فيما يتعلق بتوازن القوى في جنوب آسيا، وتوازن القوى بين الهند والصين. أما أهميته لباكستان فهي جغرافية وديمغرافية، حيث تنبع أنهار باكستان الثلاثة (السند وجليم وجناب) منه، وتنفتح الحدود بين باكستان والإقليم وهو ما يشكّل تهديداً للأمن القومي الباكستاني في حالة سيطرة الهند عليه، فضلاً عن أنّ الإقليم تربطه روابط اقتصادية وعائلية ودينية مع باكستان، فمنفَذ الإقليم الوحيد إلى البحر هو ميناء كراتشي الباكستاني.

تاريخ النزاع

يرجع تاريخ النزاع الكشميري إلى الوقت الذي قُسمت فيه شبهُ القارة الهندية بين الهند وباكستان منتصف أغسطس/آب 1947، حيث كان لكشمير الحرية في اختيار لأي البلدين ستنضمّ، لكنّه وعلى الرغم من غالبية السكان من المسلمين، إلا أن حاكمها آنذاك هاري سينغ رجح الانضمام إلى الهند، الأمر الذي أشعل حرباً بين الدولتين استمرت فترة تزيد على عام كامل، انتهت بتوقيع اتفاق كراتشي في يوليو/تموز 1949.

وفي أعقاب إنشاء خطّ وقف إطلاق النار، توقّف القتال جاعلاً ثلثي مساحة كشمير وأربعة أخماس السكان تحت السيطرة الهندية والباقي تحت السيطرة الباكستانية.

لكنّ الحرب عادت لتشتعل مجدداً بين الجارتين العدوّتين عام 1965 عقب المناوشات التي اندلعت في أبريل/نيسان من نفس العام، وتطوّرت لتصل حدّ الصراع المسلح في أغسطس/آب على طول الخطّ الفاصل، قبل أن تخمد وتعود القوات إلى معاقلها بعد 25 شهراً.

ومع حلول نهاية عام 1971، ورداً على الدعم الباكستاني للحركات الكشميرية التي تطالب بالانفصال عن الهند في الإقليم المحتل، اندلعت الحرب بين الدولتين النوويتين مجدداً، لكن هذه المرة كانت ساحة الصراع في المناطق الشرقية من باكستان، التي كانت تُعرف باسم "باكستان الشرقية"، وأدى الهجوم الهندي وقتها إلى انفصال البنغال وإقامة دولة بنغلاديش.

هل تشتعل الحرب مجدداً؟

ومع تسلّم حزب "بهاراتيا جاناتا" القومي سدّة الحكم في الهند عام 2015، عادت المناوشات لتشتعل مجدداً في الإقليم بين السلطات الهندية والمنظمات الكشميرية المطالبة بالانفصال، واستمرت لسنوات وصولاً إلى تفجير سيارة مفخخة في القسم الذي تحتله الهند في 14 فبراير/شباط 2019، أدّى إلى مقتل 40 جندياً من قوات الأمن الهندية، تبنّته جماعة "جيش محمد" المسلحة المتمركزة في باكستان.

تسبب التفجير بأزمة دبلوماسية بين الهند وباكستان، حيث استدعى البلدان سفراءهما، وأعلنت باكستان إسقاط طائرتين كانتا قد اخترقتا الأجواء الباكستانية، وأُسِر أحد الطيارين الهنود، ليُفرج عنه لاحقاً في مارس/آذار 2019.

وبينما كانت أعمال العنف ما تزال مستمرة في الإقليم، والعلاقات السياسية تزداد توتراً بين البلدين، فاز حزب "بهاراتيا جاناتا" بقيادة رئيس وزرائه ناريندرا مودي في انتخابات مايو/أيار 2019، الذي كان قد وعد بإلغاء القانون "A35" الذي يمنح سكان جامو وكشمير حقوقاً خاصة.

وبالفعل، أعلنت الهند في 5 أغسطس/آب 2019 إلغاء الحكم شبه الذاتي للإقليم وقررت تقسيم الإقليم إلى منطقتين خاضعتين للحكومة الفيدرالية، كما سُمح للمواطنين الهنود بالانتقال إلى المنطقة وتملّك الأراضي وبناء المعابد.

في المقابل، طردت باكستان السفير الهندي وقطعت علاقاتها التجارية مع الهند، وأكدت أنها ستطلب من الأمم المتحدة الضغط لوقف هذا القرار، فيما أعلن قائد الجيش الباكستاني أن جيش بلاده سيذهب "إلى أي مدى" لدعم سكان كشمير.

TRT عربي