كورونا<p><br></p> (AA)
تابعنا

يتخوف الخبراء من موجة ثانية لجائحة فيروس كورونا المستجد، بالتزامن مع استفاقة العدوى الفيروسية التنفسية الحادة "السارس" خلال موسم الخريف، وفي ظل ذلك نُسلط الضوء على "المناعة النفسية" في مواجهة هذه الموجة من كورونا أو أي وباء آخر.

بداية.. ما هي المناعة النفسية؟

تجيبنا الاختصاصية النفسية في بلجيكا زهية القرا، في حديثها مع موقع TRT عربي أن "المناعة النفسية هي قدرة الشخص على مواجهة الخطر النفسي والجسدي، من حيث مقدرته على التكيف مع الخطر وألَّا تعرقل مواجهته سير الحياة، ففي النهاية قد ينجح الشخص أو يفشل بناء على مقدرته".

في حين توضح الاختصاصية النفسية في غزة علا الدويك في حديثها مع TRT عربي، أن نظام المناعة النفسية الذي يرمز إليه بـPIS، هو في أساسه مفهوم فرضي يدل على قدرة كل فرد، بحسب سماته الشخصية والعوامل من حوله، على مواجهة الأزمات وتحمل الصعوبات والمصائب، ومقاومة ما ينتج عنها من أفكار ومشاعر سلبية، بما لا يؤثر سلباً على وظائفه اليومية.

وتضيف الدويك أن المناعة النفسية من المفاهيم الإيجابية في علم النفس، وليست ببعيدة عن مفهوم الحصانة النفسية، وذلك لأنها وجدت في الأساس لمساعدة الفرد في التغلب على مشاعر سلبية متطرفة من الممكن أن تظهر بين الحين والآخر.

المناعة النفسية من المفاهيم الإيجابية في علم النفس، وليست ببعيدة عن مفهوم الحصانة النفسية وذلك لأنها وجدت في الأساس لمساعدة الفرد في التغلب على مشاعر سلبية.

علا الدويك، أخصائية نفسية في غزة

هل تكونت لدينا مناعة نفسية في حال حدوث موجة أخرى؟

تجيبنا الدويك أنه من المتعارف عليه أن قدرتنا على مواجهة الصدمات والصعاب والتغلب عليها في المرة الأولى، تخلق لدينا قدرة أكبر للتغلب في المرات القادمة، حيث ستكون مناعة الأفراد أعلى بناء على تجربتهم وخبرتهم السابقة التي مروا بها، فالأزمات بطبيعتها تجعل الأفراد والمجتمعات أقوى وأفضل.

وعلى هذا الشكل فمن المرجح أن يكون أثر الوباء إيجابياً في المستقبل على زيادة المناعة النفسية بعد انحساره، ولكن ذلك يتوقف على مدى التزام واتباع الناس الخطوات المطلوبة منهم وفق منظمة الصحة العالمية.

في حين ترى القرا أن حدوث الموجة الثانية من فيروس كورونا ما هو إلا تكرار لحدوث الصدمات الاجتماعية التي حدثت في الموجة الأولى، وبناء على تعامل الفرد ومجتمعه مع هذه الصدمات يمكن معرفة إن كانت المناعة النفسية للأفراد ستزيد أو تضعف وتقل.

ولتقوية المناعة النفسية لمواجهة أي وباء جديد، يجب أن تتكامل عملية المواجهة بين الفرد ومجتمعه، فالفرد عليه بالتفكير الإيجابي، والمجتمع عليه بالدعم الاجتماعي من خلال وضع آليات مدروسة لمواجهة الوباء بطريقة جماعية تُشعر الناس بالاطمئنان، ومن ثم سيتمكن الفرد والمجتمع من تخطي الأزمة.

لتقوية المناعة النفسية لمواجهة أي وباء جديد يجب أن تتكامل عملية المواجهة بين الفرد ومجتمعه.

الخوف والجزع من الأوبئة

من المؤكد أن مسألة تفشي الأوبئة بين المجتمعات غاية في الخطورة وتدعو الجميع للقلق والخوف، ولكن الزيادة في الخوف التي تصل إلى حد الجزع قد تعمل على تفاقم خطورة الوباء، وتزيد من نتائجه السيئة على الصحة النفسية والجسدية.

وترى الدويك في السياق أن حالة الخوف التي تنتج عن انتشار أي وباء، والذي يحدث غالباً بشكل مفاجئ، هو أمر طبيعي جداً وليس حالة مرضية، ما دام لم يزد عن الحد المعقول، بل من الممكن أيضاً أن يكون الخوف أمراً إيجابياً من حيث زيادة الحيطة والحذر والالتزام لدى الناس.

لكن قد يتحول الخوف إلى أمر سلبي له انعكاسات خطيرة على الناحية النفسية، في حال زاد الخوف والهلع عن حده وبشكل مبالغ فيه، هنا قد يُصاب الناس بما يُعرف بـ"الخوف المرضي"، فضلاً عن الإصابة بالكثير من الاضطرابات النفسية الحادة مثل الاكتئاب والقلق المستمر والخوف الشديد.

قد يتحول الخوف إلى أمر سلبي له انعكاسات خطيرة على الناحية النفسية في حال زاد الخوف والهلع عن حده وبشكل مبالغ فيه.

وتضيف الدويك أن هذا ما حدث فعلاً في الآونة الأخيرة، حيث أصيب الكثير من الناس بوسواس النظافة القهري والخوف المرتفع من الإصابة بالعدوى؛ نتيجة للحظر الصحي الممتد الذي فرضته كثير من الدول بسبب كورونا، أو متابعة الأخبار وحالات الإصابة بالفيروس بشكل يومي، الأمر الذي يُسبب إرهاقاً شديداً على المستوى النفسي والصحي، وقد يصل بالشخص إلى الانتحار.

وفي السياق ذاته تؤكد القرا أن الخوف الشديد يزيد بالضرورة من النتائج السلبية في انتشار أي وباء، وذلك من خلال أن الشخص المصاب بالخوف تظهر عليه أعراض نفسية وهمية، وبات كثيرون يشعرون بالصداع وضيق التنفس أو كأن شيئاً في الحلق، ما قد يتحول بعد ذلك إلى أعراض حقيقية.

وتتابع القرا أن جميع الدراسات الحديثة أثبتت أن الضغوط والخوف يؤثران على جهاز المناعة في جسم الإنسان، فمثلاً يؤدي ارتفاع هرمونات Catecholamine التي تفرزها الغدد الكظرية كرد فعل للتوتر والخوف، إلى خطورة الإصابة بالفيروسات، أو تضاعف خطورتها حال الإصابة بها، فضلاً عن أن هذه التخوفات والضغوط النفسية تتسبب في إصابة الشخص بالسكر، أو قرحة المعدة والقولون العصبي، ومن ثم يكون الجسم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى ونشرها بين الآخرين.

وفي الختام تنصح الدويك بتجنب الضغوط النفسية الناتجة عن الوباء في الوقت الحالي، من خلال عدة إجراءات على الفرد إتباعها، كالابتعاد عن انشغال النفس بمتابعة الأخبار المتداولة عن وباء كورونا بشكل مستمر، ومحاولة زيادة التواصل الإجتماعي والأسري بين أفراد الأسرة الواحدة من خلال القيام بفعاليات مميزة داخل المنزل، والقيام بممارسة الرياضة والهوايات التي من شأنها أن تقلل من حدة الملل الناتجة عن الحجر، ومحاولة المحافظة على روتين الحياة مثل الاستيقاظ كما كان الحال قبل الحجر، وتناول الوجبات في أوقاتها وعدم السهر إلى وقت متأخر.

TRT عربي
الأكثر تداولاً