في الوقت الذي تُحدِث فيه التقنيات المحلية فرقاً ملحوظاً في صناعة الدفاع التركية، فإن مجالات استخدامها تتطور وتتوسع يوماً بعد يوم. أحد أبرز الأمثلة على ذلك نظام "رادار خلف الجدران" (DAR) الذي أنتجته شركة STM التركية لتكنولوجيا الدفاع من أجل المساعدة في عمليات مكافحة الإرهاب، والذي لعب دوراً نشطاً في جهود البحث والإنقاذ في منطقة الزلازل.
طُور رادر DAR بالأساس ليكون أحد المنتجات الجديدة في صناعة الدفاع المحلية التي تقدم المساعدة للأجهزة الأمنية على كشف الإرهابيين المتحصنين في المناطق السكنية، حيث يكتشف النظام الكائنات الحية غير المرئية ويعطي موقعها في المناطق المغلقة خلف الجدران، والتي لا يمكن اكتشافها باستخدام أجهزة الاستشعار البصرية.
وكحال بقية شركات الصناعات الدفاعية الأخرى التي أرسلت معداتها وفرقها للمساعدة بأعمال البحث والإنقاذ في المناطق المنكوبة، ساعدت شركة STM من خلال منتجاتها المحلية في إنقاذ الأرواح من تحت حطام المباني في هاطاي وقهرمان مرعش وغيرهما من المدن المتضررة الأخرى.
أنقذ أكثر من 50 شخصاً
متحدثاً عن النظام الذي قدم مساهمة كبيرة خلال جهود البحث والإنقاذ، قال الرئيس الفني لشركة STM يوسف هاييرلي: "إنه نظام رادار يتيح تحديد موقع العناصر الداخلية أو الخارجية بغض النظر عما إذا كانت ثابتة أو متحركة، كما يمكنه حتى اكتشاف الكائنات الحية التي لا تزال تتنفس فقط".
وباستخدام نظام DAR، حُدّد ما إذا كان تحت الحطام كائن حي، ومن ثم إبلاغ فرق البحث والإنقاذ المختصة عن مكان الشخص تحت الأنقاض. وأضاف هاييرلي: "عملنا بالتنسيق مع فرق البحث والإنقاذ، وحاولنا دعم جهود البحث والإنقاذ بالمرور عبر الأنفاق والطرق التي أطلعونا عليها، وذلك بدخول كل نقطة بأجهزتنا".
ويمكن لنظام "رادار خلف الجدران" أن يراقب بمدى يصل إلى 22 متراً في المناطق التي لا تكون فيها كثافة الخرسانة عالية، مثل المناطق السكنية، لكن هذه المسافة تقلّ في مناطق الحطام حيث تكون كثافة الخرسانة عالية.
فيما أشار هاييرلي إلى أن الفريق الفني قد عمل بتفانٍ لإزالة هذا العيب. وأردف قائلاً: "على الرغم من عدم وجود خبرة لدى فريقنا في أعمال الإنقاذ، فإنه ذهب تحت الأنقاض وتمكن من إنقاذ أكثر من 50 شخصاً على قيد الحياة".
المواصفات الفنية
"رادار خلف الجدران" (DAR) هو نظام رادار يُستخدم للحصول على معلومات الموقع ثنائية الأبعاد للعناصر المستهدفة الثابتة والمتحركة في الأماكن المغلقة حيث لا وصول مرئياً، عبر إشارات النطاق العريض (UGB). ويمكن لـDAR أيضاً اختراق الأسطح الخرسانية والطوب والجدران الجافة والخشب والبلاستيك.
وإلى جانب استخدامه في سيناريوهات عسكرية مثل إنقاذ الرهائن ومكافحة الإرهاب وعمليات الأمن الداخلي، يمكن استخدام DAR للأغراض المدنية مثل أنشطة البحث والإنقاذ بعد الكوارث، فضلاً عن مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.
وطُور نظام DAR ليُستخدم في اليد، ويمكن التحكم فيه من بُعد باستخدام جهاز لوحي يوضع في المنطقة المستهدفة بمساعدة حوامل ثلاثية الأرجل وأدوات مماثلة.
ويتميز النظام بتصميم سهل الاستخدام يتيح ميزة الاختراق الفعال بدقة من على مسافات بعيدة. بمعنى آخر، بالإضافة إلى حساسية الماكرو مثل المشي والتلويح خلف العائق، فإنه يكتشف حتى الأهداف الدقيقة التي لا تزال واقفة وتتنفس فقط.
شركة STM
منذ تأسيسها بقرار من من اللجنة التنفيذية للصناعات الدفاعية (SSİK) عام 1991، تعمل شركة شركة "إس تي إم" (STM) في مجالات متعددة وواسعة، بما فيها تصميم القطع العسكرية البحرية وتحديثها والأمن السيبراني والأنظمة المستقلة وأنظمة الرادار والتحكم وتقنيات الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى طائرات الدرون مثل TOGAN وKARGU ونظام الذخيرة المحمول ثابت الجناح ALPAGU.
وإلى جانب توفير خدمات إدارة المشاريع وهندسة الأنظمة ونقل التكنولوجيا وحماية الشبكات والدعم الفني واللوجستي والخدمات الاستشارية، تُنتج STM حلولاً مبتكرة تلبي احتياجات القطاع العسكري المدني من خلال الأنظمة الفريدة والحاسمة التي طورتها باستخدام الموارد المحلية ضمن مجموعة واسعة من الطيران المدني إلى الزراعة والصحة والطاقة.
وفي نهاية يناير/كانون الثاني الماضي فازت STM التي تنتج أنظمة وطنية في الساحة الوطنية والدولية، بعطاءين برمجيين لوكالة الاتصالات والمعلومات التابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، في صفقة هي الكبرى لشركة تركية مع وكالة الناتو للاتصالات والمعلومات (NCI Agency).
وفي عام 2020 احتلت STM المرتبة 92 في تصنيف مجلة "Defense News Top 100" الأمريكية لأفضل 100 شركة صناعة دفاعية، في حين بلغت ميزانيتها حينها 485 مليون دولار. وبصفتها إحدى أكبر شركات الصناعات الدفاعية في تركيا، تساهم STM في القدرة التنافسية لصناعة الدفاع التركية في السوق العالمية وإجراء الدراسات الموجهة للتصدير.
