يعصف بالعالم بقوة.. ما "التضخم"؟ وكيف يؤثّر في حياة المواطن العادي؟ (AA)
تابعنا

تشهد الاقتصادات الضعيفة والقوية على حد سواء ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات التضخم، وصفها الاقتصاديون بالأسرع منذ الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم عام 2008، بسبب حزم المساعدات التي ضخّتها الحكومات العالمية في أسواقها المحلية والتي تجاوزت قيمتها الإجمالية تريليونات الدولارات بهدف مواجهة تحديات جائحة كورونا التي كانت كفيلة بتدمير كبرى الاقتصادات العالية.

وفي الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد العالمي التعافي بزخم ضعيف نسبياً جرَّاء اتساع عمليات التطعيم ضد الفيروس الذي قتل قرابة 5 ملايين شخص حول، والتي ساهمت في تخفيف القيود على الاقتصادات العالمية الكبرى، فإن هذا الانتعاش رافقته زيادة في معدلات التضخم السنوية لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تضمّ 38 دولة تمثل نحو 60% من الاقتصاد العالمي.

فبينما وصلت معدلات التضخم في تركيا إلى نحو 19.58% في سبتمبر/أيلول الماضي، حلّت الولايات المتحدة في مقدمة الدول صاحبة معدلات التضخم الأعلى بين الاقتصادات الكبرى بعد بلوغ معدَّل التضخم نحو 5.4% في نفس الفترة، ونحو 6.5% في المملكة العربية السعودية.

كورونا والتضخم

إلى جانب التحديات الاقتصادية التي فرضها الوباء خلال العامين الماضيين وما تلاهما من حزم المساعدات المالية الضخمة التي ضُخّت في الأسواق الأمريكية والأوروبية، فإن الأسواق تعرضت لنكسات أخرى ولدتها الإغلاقات الطويلة والمتكررة التي سببها فيروس كوفيد-19.

كما ساهمت المخاطر الصحية التي تعوق العودة الكاملة إلى الحياة الطبيعية، في ضرب وتعطيل سلاسل التوريد العالمية وإبطاء حركتها لفترة أطول من المتوقع، مما أدى إلى تغذية التضخم في عديد من البلدان. عموماً، زادت أخطار التوريد والإمداد على الآفاق الاقتصادية وأصبحت معها المقايضات التجارية أكثر تعقيداً وتكلفة.

يُذكر أن الإغلاقات المتكررة واضطرابات الإمداد التي سبّبتها الجائحة ليست الأسباب الوحيدة التي ساهمت في ارتفاع معدلات التضخم الاقتصادي على المستوى العالمي، فالتغير المناخي هو الآخر يُعَدّ من أبرز الأسباب التي ساهمت في نقص العرض وزيادة الطلب، الأمر الذي انعكس مباشرة على زيادة تضخم أسعار السلع والخدمات على المستهلكين خلال فترة قصيرة.

ما التضخم؟

التضخم الاقتصادي مصطلح يستخدمه الاقتصاديون لوصف وقياس الزيادة في أسعار السلع والخدمات في بلد معين على مدى فترة معينة، وما يرافقها من انخفاض القدرة الشرائية للعملة المحلية وتدنّي قيمتها مقابل العملات الصعبة والمعادن الثمينة، فضلاً عن زيادة حجم النقود المحلية في الأسواق المحلية.

لإعطاء مثال لفهم أفضل لمفهوم التضخم، دعنا نفترض أن المبلغ الذي أنفقته على شراء البقالة قبل عام كان 50 دولار، واليوم اشتريت نفس المنتجات من المكان نفسه مقابل 100 دولار، هذه الزيادة في الأسعار يطلق عليها "التضخم"، وهي مؤشر على أن التضخم السنوي مرتفع للغاية. بمعنى آخر، هذه الزيادة الحادَّة في الأسعار دليل على أن القوة الشرائية للعملة المحلية قد انخفضت مع زيادة أسعار السلع خلال عام واحد.

ويمكن تبسيط التضخم من خلال تشبيهه بسارق يختلس النقود من جيوب المواطنين بمعدَّل صغير، ولكن باستمرار، خلال فترة طويلة، دون أن يحسوا.

ما أنواع التضخم؟

التضخم المعتدل أو التضخم الزاحف: هو مصطلح يُستخدم للحالات التي تحدث فيها الزيادات العامة في الأسعار عند مستويات منخفضة. هذا النوع من التضخم لا يترك آثاراً سلبية على الاقتصاد.

التضخم المرتفع: في هذا النوع من التضخم قد يتدهور أداء الأسواق، وقد يكون سبباً في قدر كبير من عدم اليقين بشأن المستقبل، وقد تضعف خاصية المال كمقياس للقيمة وأداة الادخار إلى حد كبير. هذا نوع من التضخم يمكن أن يضرّ بالاقتصاد.

التضخم المفرط: هو تضخم يحدث بمعدل مرتفع للغاية. الميزة الرئيسية لهذا النوع من التضخم هي فقدان العملة المحلية وظائفها، وبدء المواطنين إجراء معاملاتهم السوقية بالعملات الأجنبية، مما يؤدي إلى انهيار النظام النقدي الوطني. يحدث هذا عادة خلال الفترات التي تمر فيها البلاد بظروف قاسية للغاية، وقد تُضطرّ هذه البلدان إلى التحول إلى عملة جديدة كلياً.

ما أسباب التضخم؟

عديد من الأسباب يقود إلى زيادة معدلات التضخم، منها ما هو طبيعي ومنها ما هو مفاجئ خارج عن الحدود البشرية، أبرزها:

- زيادة الطلب وانخفاض المنتجات المعروضة.

- زيادة حجم الأموال المتداولة بين الناس، الأمر الذي يدفعهم إلى زيادة الإنفاق وتقليص المعروض.

- زيادة تكلفة الإنتاج نتيجة لارتفاع أسعار الموادّ الخام والطاقة داخل البلاد المستوردة.

- قلة الإنتاج جراء الكوارث الطبيعية.

ما آثار التضخم؟

التضخم المرتفع له عديد من العواقب السلبية على البلاد، مؤقتة كانت أو دائمة، منها:

- زيادة عدم المساواة في توزيع الدخل.

- زيادة تكاليف الاقتراض.

- انخفاض الدخل الحقيقي.

- انخفاض الرغبة في الادخار وانخفاض الاستثمارات.

- توقف الأعمال التجارية جراء عدم اليقين في المستقبل.

TRT عربي