بعد النظر في الطلب الذي قدّمه ممثلو سكان قره باغ من الأرمن ومناقشته مع وحدة حفظ السلام الروسية، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية، اليوم الأربعاء، وقف العمليات العسكرية التي أطلقتها لمكافحة الإرهاب في منطقة قره باغ الأذربيجانية، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الأذربيجانية الرسمية.
وقالت الوزارة إنه جرى التوصل إلى اتفاق نصّ على تخلي القوات المسلحة الأرمينية والجماعات غير الشرعية المتمركزة بإقليم قره باغ عن أسلحتها، والانسحاب من مواقعها العسكرية لإتمام عملية نزع السلاح بالكامل من تلك المواقع، ومغادرة تشكيلات القوات المسلحة الأرمينية عن إقليم قره باغ الأذربيجاني وحل الهيكل العسكري والإداري لما يسمى النظام التابع لأرمينيا.
وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية إطلاق عملية ضد الإرهاب بهدف إرساء النظام الدستوري في منطقة قره باغ، وذلك بعد قيام ما يسمى "النظام" في الأيام الأخيرة بسلسلة من الاستفزازات مثل استهداف مواقع الجيش الأذربيجاني في الأراضي الخاضعة لسيطرته، وحفر الخنادق لتعزيز مواقعه، ومحاولات التخريب الأخرى.
أصل الحكاية
على الرغم من اعتراف المجتمع الدولي بأنها جزء من أذربيجان، فإن معظم منطقة قره باغ الواقعة جنوب القوقاز كانت تحت احتلال أرمينيا لمدة 31 عاماً. وكانت المنطقة مسرحاً لحرب دامية بين أذربيجان وأرمينيا في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.
واستمر العنف في المنطقة في السنوات التالية. وبينما انتصرت أرمينيا بالحرب بين عامي 1992 و1994، انتهت الحرب عام 2020 بانتصار أذربيجان.
ففي 27 سبتمبر/أيلول 2020، أطلق جيش أذربيجان عملية لتحرير أراضيه المحتلة في قره باغ، وبعد معارك ضارية استمرت 44 يوماً، توصلت أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة روسية ومشاركة تركية، ينص على استعادة باكو السيطرة على مناطقها المحتلة.
وتقول أذربيجان، التي استطاعت الانتصار في الحرب الثانية عام 2020 وتحرير أراضيها، أنها تسمح للشعب الأرميني الذي عاش في قره باغ خلال الفترة السوفييتية من البقاء في المنطقة مع مساواتهم بوضع المواطن الأذربيجاني.
استفزازات أرمينية
أدت الخطوات التصعيدية التي اتخذها النظام الأرميني في منطقة قره باغ الأذربيجانية إلى زيادة التوتر. بينما واصلت الجماعات المسلحة الأرمينية غير الشرعية إطلاق النار بشكل منهجي على مواقع الجيش الأذربيجاني وزرع الألغام في الأشهر القليلة الماضية.
ورغم مطالبة أذربيجان بحل ما يسمى النظام، فإن ما يسمى "الانتخابات الرئاسية" التي أجريت في 9 سبتمبر/أيلول في الأراضي التي تسيطر عليها القوات الأرمينية زادت من حدة التوتر. إذ لقي شخصان حتفهما نتيجة اصطدام شاحنة تابعة لمؤسسة الدولة الأذربيجانية بلغم على طريق أحمد بيلي-فضولي- شوشا السريع في مقاطعة هوكافنت. كما توفي 4 من ضباط الشرطة عندما اصطدمت سيارة الشرطة التي توجهت إلى مكان الحادث بلغم آخر.
وقد اندلع التوتر الأخير المتعلق بقره باغ صباح الثلاثاء، وذلك بعد قيام عناصر أرمينية مسلحة غير شرعية في الإقليم بإطلاق النار في منطقة أغدام الأذربيجانية.
يشار إلى أن إطلاق النار جرى من مواقع حفظ السلام الروسية المنتشرة في المنطقة بموجب الاتفاق الثلاثي الذي وقّعته أذربيجان وروسيا وأرمينيا في نهاية حرب قره باغ الثانية.
وجاء رد الإدارة الأذربيجانية على هجوم الأرمن في قره باغ قرابة الساعة 13:00. وأعلنت أذربيجان أنها شنت عملية عسكرية بعد إبلاغ تركيا وروسيا أولاً. وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان مكتوب: إن "العملية ستستمر حتى تلقي الميليشيات الأرمنية غير الشرعية أسلحتها على الفور ورفع العلم الأبيض"، وهو الأمر الذي تحقق ظهر اليوم.
دعم تركي
في كلمته أمام العالم من الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان دعم الرئيس أردوغان لأذربيجان، التي أعلنت أنها أطلقت أمسعملية لمكافحة الإرهاب ضد أرمينيا في قره باغ على جدول أعمال الصحافة الدولية. وذكرت صحف عالمية أن الرئيس أردوغان دعا أرمينيا إلى الوفاء بوعودها، لافتاً إلى "حقيقة يقبلها الجميع"، في إشارة إلى أنها أراضٍ أذربيجانية.
بينما صرّح وزير الدفاع التركي يشار غولر، في لقائه مع نظيره الأذربيجاني ذاكر حسنوف بعد إطلاق أذربيجان عمليتها العسكرية ضد الإرهابيين في قره باغ، أن تركيا تقف دائماً إلى جانب أذربيجان. وجاء في بيان وزارة الدفاع الأذربيجانية أن وزير الدفاع الأذربيجاني ذاكر أبلغ غولر بأنشطة مكافحة الإرهاب التي بدأتها أذربيجان في المنطقة.
من جهته، شكر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الرئيس رجب طيب أردوغان على إعرابه عن دعمه لأذربيجان في خطابه أمام الجمعية العامة الثامنة والسبعين للأمم المتحدة. وقال علييف مخاطباً أردوغان: "أخي العزيز، أشكرك على الدعم الذي قدمته لأذربيجان في خطابك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. اليوم، كما هو الحال دائماً، تقف تركيا الشقيقة إلى جانب أذربيجان وتدعم قضيتنا. أذربيجان وتركيا دائماً معاً، في الأوقات الجيدة والأوقات الصعبة".