صحافيون حصدت حرب أوكرانيا أرواحهم وأسكتت أصواتهم. (Article 19) (Others)
تابعنا

حسب تقريرها الأخير، تقول منظمة "لجنة حماية الصحفيين" (CPJ)، بأن عدد القتلى من الصحفيين حول العالم ارتفع بنسبة 50% جراء الحرب الأخيرة في أوكرانيا. ومنذ صدور ذلك التقرير السنوي، في يناير/كانون الثاني، لم يتوقف سقوط الصحافيين والمشتغلين في ميدان الإعلام بنيران الطرفين المتحاربين، فيما يتنامى عدد العاهات المستديمة جراء الإصابات الخطيرة التي يتعرضون لها.

وكان آخر هؤلاء، الصحفي الأوكراني بوغدان بيتيك، الذي قُتل يوم الأربعاء برصاص قناصة روس قرب جسر في مقاطعة خيرسون، وفق ما ذكرت صحيفة "لاربوبليكا" الإيطالية التي كان يشتغل بتيك مساعداً لمراسلها في تغطية الحرب. بينما أصيب المراسل الإيطالي كورادو زونينو بجروح، بعد أن عبرت الرصاصة جسد زميله ودخلت كتفه اليُمنى.

هذا وتتضارب التقارير الدولية المُحصِيَة لعدد الصحافيين الذين سقطوا ضحايا لهذه الحرب، سواء قتلى أو مصابين. كما يتراشق الطرفان المتحاربان بالاتهامات في استهدافهم، بينما المتضرر الوحيد في هذه الحالة هم من يدفعون حياتهم فداءً لإيصال المعلومة وإنارة العالم حول ما يقع على الأرض.

أخرست الحرب أصواتهم

أعلنت صحيفة "لا ريبوبليكا"، يوم الأربعاء، عن أن أحد صحافييها قُتل في أوكرانيا بينما أصيب آخر بجروح. وقالت الصحيفة الإيطالية: "اليوم، كان مراسلنا كورادو زونينو ومساعده بوغدان بيتيك ضحية كمين نصبه قناصة روس بالقرب من الجسر في خيرسون على مشارف خيرسون في جنوب أوكرانيا".

وكان الصحفي الأوكراني بوغدان بيتيك، وهو رب أسرة وأب لطفل، يعمل مساعداً لمراسل "لا ريبوبليكا" كورادو زونينو، حينما اعترضهم كمين نصبته القوات الروسية في خيرسون، وجرى قنصه ليسقط قتيلاً. فيما أصابت الرصاصة التي عبرت جسده الكتف اليمنى لزميله الإيطالي.

وتركت جثة بيتيك في مكان مفارقته الحياة، بعد تعذر نقلها لانتشار القناصة، وفق ما أوردت الصحيفة. بينما يحكي مراسلها عن تفاصيل الحادث: "رأيت بوغدان على الأرض، وقد كان ساكناً. زحفت حتى خرجت من خط النار. ركضت حتى صادفت سيارة مدنية. كنت ملطخاً بالدماء، وجرى نقلي إلى المستشفى في خيرسون".

وليست حادثة هذين الصحافيين الأولى فيما يخص صحافيين سقطوا ضحايا للحرب الدائرة في أوكرانيا، قبلهما في أواخر مايو/أيار 2022، قتل مصور قناة "BFMTV" الفرنسية فريديريك لوكليرك-إمهوف، بعد أن جرى قصف العربة التي كانت تقله على الطريق المؤدية إلى بلدة ليسيتشانسك بإقليم لوغانسك شرق أوكرانية، أثناء تغطيته لقافلة إجلاء المدنيين الذين كانوا محاصرين في البلدة.

ومنذ الأسابيع الأولى للحرب، في شهر مارس/آذار 2022 فقط، لقي ما لا يقل عن 12 صحافي حتفهم، وفق بيانات "لجنة حماية الصحافيين". من بينهم الصحافي الأمريكي المشهور برينت رينو، الذي قتل في بلدة إربين التي كانت تشهد وقتها قتالاً ضارياً، في محاولة القوات الروسية دخول العاصمة كييف.

كما قُتلت الصحفية الروسية أوكسانا باولينا، في 24 مارس/آذار، التي كانت تقدم تقارير من كييف ومدينة لفيف الغربية لموقع "ذي إنسايدر"، الاستقصائي، جراء قصف عنيف تعرضت له العاصمة الأوكرانية.

وبشكل غير مباشر، لكنه مرتبط بالحرب، قُتل المدون العسكري الروسي فلادلين تتارسكي، في انفجار استهدفه بمقهى في سان بطرسبرغ. وقالت السلطات الروسية بأنه "ثبت أن الإرهابيين الذين نسقوا ونفذوا العملية الإرهابية (التي قتلت تتارسكي) أمس وسط مدينة بطرسبورغ نفذوا مخططات الأجهزة الأمنية الأوكرانية الخاصة".

كم عدد الصحافيين ضحايا الحرب الأوكرانية؟

تتعدد أسماء الصحافيين الذين سقطت أرواحهم وهم يغطون القتال الحاصل في أوكرانيا، كما يبقى عدد منها مجهولاً، فيما تتضارب التقارير الدولية في حصر عددهم. وحسب "لجنة حماية الصحفيين" (CPJ)، قُتل ما لا يقل عن 15 صحافياً في أوكرانيا. وقالت المنظمة بأن تلك الحرب رفعت عدد القتلى من الصحفيين حول العالم بنسبة 50%.

ومن ناحيتها، أحصت منظمة "مراسلون بلا حدود" مقتل 9 صحفيين وإصابة 20 صحافياً آخرين، فقط خلال الشهور الستة الأولى للحرب. كما رصدت المنظمة، في تلك الفترة، أكثر من 46 هجوماً استهدفت أكثر من 100 صحافي أثناء عملهم على تغطية الحرب في أوكرانيا.

غير أن هذه الأرقام ترتفع بشكل مضطرد في البيانات التي مصدرها كييف، إذ قالت نقابة الصحافيين الأوكرانيين بأن 43 صحافياً قُتلوا خلال الحرب، من بينهم 8 صحافيين قُتلوا عندما كانوا يؤدون عملهم و13 عاملاً إعلامياً آخرين كضحايا مدنيين. وتحصي بيانات النقابة أيضاً الصحفيين المقاتلين الذين انضموا إلى الجيش، وعددهم 22 قتيلاً.

هذا ومن جانب الأمم المتحدة، وفق تقرير للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، أكدت فيه مقتل 17 صحفي في أوكرانيا، فقط في الفترة الفاصلة ما بين اندلاع الحرب ومنتصف مايو/أيار 2022.

وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليت، وقتها، بأن أربعة صحافيين جرحى أفادوا بأنهم تعرضوا للاضطهاد بسبب أنشطتهم المهنية، ولقي سبعة على الأقل حتفهم تحت القصف، خمسة منهم على الأرجح نتيجة الهجمات الروسية. كما قُتل خمسة صحافيين آخرين في مناطق القتال الفعلي، وفي جميع الحالات لم يجرِ تحديد هوية المهاجمين.

TRT عربي