تابعنا
تتجه أنظار القارة الآسيوية برمتها، في الـ16 من ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلى العاصمة العُمانية مسقط، لمعرفة هوية الملف الفائز بشرف تنظيم دورة الألعاب الآسيوية عام 2030.



مع وصول السباق التنافسي بين العاصمتين القطرية ونظيرتها إلى أمتاره الأخيرة؛ تثار تساؤلات في مختلف الأوساط الرياضية حول الملف الأوفر حظاً للظفر باستضافة أكبر حدث رياضي في أكبر قارات العالم.

وتتطلع الدوحة إلى تنظيم نسخة جديدة من الألعاب الآسيوية بعد تلك التي استضافتها عام 2006 ولا تزال أحداثها عالقة في الأذهان، في حين تُمني الرياض النفس بتنظيم أولى نسخة من الآسياد في تاريخها.

وما يزيد من قيمة الحدث؛ وجود دعم عالي المستوى من قيادة البلدين في ظل رغبة قطر في مواصلة نهجها القائم باستضافة كبرى الفعاليات والمسابقات الرياضية فيما بات يُعرفبـ"قوتها الناعمة ودبلوماسيتها الرياضية"، في المقابل تسعى السعودية جاهدة لمزاحمة جارتها في إطار سياسة جديدة باتت واضحة للعيان في السنوات الأخيرة.


سباق مشتعل

المجلس الأولمبي الآسيوي، أشعل أجواء المنافسة مبكراً بإعلانه في 23 أبريل/نيسان الماضي تقدم الدوحة والرياض لتنظيم النسخة الـ21 من الألعاب الآسيوية، وترافق ذلك مع رسالة دعم من الحكومتين القطرية والسعودية.

وتعهدت اللجنة الأولمبية القطرية، ورئيسها الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني بـ"تنظيم بطولة مثالية يحتفي بها العالم"، فيما قالت نظيرتها السعودية إنها تقدمت لاستضافة الألعاب الآسيوية "من خلال تجهيز بنية تحتية متطورة، وتقديم تجربة ثقافية وتقنية ورياضية تواكب تطلعات رياضيي القارة".

وتقدمت "الأولمبية القطرية" في 4 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، بملفها رسمياً لاستضافة "آسياد 2030"، وتعهد رئيسها بإقامة "دورة استثنائية ومبهرة في كفاءتها التنظيمية ودعم أهداف التنمية في القارة بمستوى عالمي ومستدام، والتعبير عن قيم ومبادئ وأهداف الأسرة الأولمبية".

وكشفت لجنة ملف الدوحة عن هوية وشعار ملف ترشح العاصمة القطرية للنسخة الـ21 من الآسياد وحمل عنوان "الدوحة 2030 هي بوابتك"، مبينة أنهما يعبران عن "مكانة الدوحة كعاصمة رياضية في المنطقة والعالم وعن قيم الأصالة والمعاصرة في الرؤية القطرية".

في الجهة المقابلة دشنت الرياض ملف ترشحها للألعاب الآسيوية 2030، في 5 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، وقالت إن شعار ملفها يمثل الرياض "لتجسيد أحلام ومعايير جديدة، ورصد آفاق فريدة"، بهدف "خلق أجواء احتفالية لن ينساها الرياضيون في 2030".

وزارت لجنة تقييم تابعة للمجلس الأولمبي الآسيوي العاصمتين السعودية والقطرية تباعاً في نوفمبر/تشرين الثاني، حيث قدم مسؤولو ملفي الرياض و الدوحة "رؤيتهما وخططهما لاستضافة الألعاب الآسيوية 2030".

وبحسب الجداول الزمنية الموضوعة، تستضيف هانغتشو الصينية، نسخة الألعاب الآسيوية المقبلة عام 2022، فيما تقام النسخة التالية في مدينة ناجويا ومقاطعة إيتشي في اليابان بعد 4 سنوات.

نهج مستمر

الإعلامي والمعلق الرياضي القطري محمد السعدي يقول إن تقدم بلاده لاستضافة آسياد 2030 ليس بمعزل عن الاستضافات القطرية الماضية ابتداءً من كأس الخليج 1976 وصولاً إلى مونديال 2022.

ويوضح "السعدي" في حديثه لـ"TRT عربي"، أن قطر سجلت طيلة هذه الفترة الطويلة "أسبقيات على مستوى عالمي في استضافة عديد الأحداث الدولية، وهو ما يجعلها محط ثقة الاتحادات الرياضية القارية والدولية واللجان الأولمبية".

ويرجع ذلك، إلى ما توفره الدوحة من خدمات لوجستية تجعل البطولات في مستوى عالٍ؛ فنياً وتنظيمياً، مشيراً إلى أن من ينافس قطر على ذلك "يجد حرجاً لتوفيرها مرافق ومنشآت رياضية رفيعة"، كما أن الأمر يمتد لمن يستضيف النسخة التالية للبطولات والمسابقات الرياضية التي تنظمها الدولة الخليجية.

واستدل على الاستعدادات القطرية وتفوقها على بقية دول القارة الآسيوية عندما وافقت الدوحة على استضافة مباريات النسخة الحالية من دوري أبطال آسيا لكرة القدم بشقيها الشرقي والغربي، رغم معاناة العالم من جائحة كورونا.

ويعتقد بأن هذه الاستضافة نقلت البطولة إلى منحى آخر في كيفية تنظيم المسابقة وتحسين طريقة تنظيمها في ظل المعاناة العالمية من الوباء، من خلال استضافة نحو 30 فريقاً في فترة زمنية قصيرة، وهو ما لم يحدث في العالم هذا العام.

ويشير إلى أن القطريين يعتمدون على شعار "الدوحة هي بوابة اليقين"، مستشهداً باستضافة العاصمة الخليجية لنسخة 2006، وهو ما يعطي يقيناً أكبر بالوصول أكثر إلى العالمية، مؤكداً أن الأسرة الدولية ستشاهد في 2030 أضعاف ما شاهدته في 2006.

ويؤمن "السعدي" أن ملف الدوحة هو الأوفر حظاً لاستضافة الألعاب الآسيوية؛ لكونه يرتكز على بنية تحتية جاهزة و"ليست على الورق"، ويمكن رؤيتها من الآن، مستدلاً بالاستضافة المونديالية بعد عامين، وهو ما يضفي رصيداً إضافياً من الخبرة والثقة بقطر وتنظيمها للمحافل الرياضية؛ آسيوياً ودولياً.

الأوفر حظاً؟

رئيس القسم الرياضي في صحيفة "المدى" العراقية، إياد الصالحي، يقول إن الثقة الكبيرة التي اكتسبتها دولة قطر بالحصول على تنظيم مونديال 2022 وفقاً لمعطيات التنافس وقوة الملف بين كبار الدول المتقدّمة، عزّزمدّياتالثقة لتطال دورات مهمة ليس من السهل اقتناصها لولا امتلاك قطر المنشآت الرياضية لأغلب الألعاب، ونجاحها في استضافة بطولات عالمية بأعلى المستويات الفنية والإدارية.

ويوضح "الصالحي"، في حديثه لـ"TRT عربي"، أن تاريخ الرياضة العربية لم يشهد تنافساً مُدعماً بملف تنظيم متكامل لاستضافة واحدة من أهم الدورات القارية (الألعاب الآسيوية) مثلما تترقب العاصمة العُمانية مسقط، منتصف هذا الشهر.

ويتفق الصالحي مع السعدي، بأن نسبة فوز قطر بملف الدورة الآسيوية 2030 "كبيرة" وفقاً للمعطيات على الأرض وثقة الأولمبية الدولية قبل المجلس الأولمبي الآسيوي بقدرتها على تجاوز أصعب التحدّيات الفنية.

ويزيد الإعلامي الرياضي العراقي قائلاً: إن "نجاح قطر في استعدادها لمونديال 2022، يعني أنها قادرة على المنافسة للظفر بتنظيم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2032، وليس الألعاب الآسيوية 2030 فحسب".

المونديال.. تذكرة العبور

المحلل والناقد الرياضي اللبناني، حسن التنير، يؤكد أن حظوظ الدوحة باستضافة الألعاب الآسيوية، "وافرة للغاية"، كاشفاً أن كأس العالم 2022 يلعب دوراً كبيراً بتقرير مصير دولة قطر رياضياً باستضافتها للبطولات الرياضية الكبرى على أراضيها، والحصول على تنظيمها أمام أي منافس آخر.

وشدد في حديثه لـ"TRT عربي"، على أحقية وجدارة قطر بالحصول على تنظيم آسياد 2030، والتي وصفها بأنها دورة الألعاب الأولمبية رقم "2" عالمياً، لما تضم قارة آسيا من دول وأعداد وألعاب وتجمع وحضور.

وتعتبر الألعاب الآسيوية، أكبر حدث رياضي في القارة الصفراء، ويقام مرة كل 4 سنوات، التي تعرف مشاركة 45 دولة وأكثر من 10 آلاف لاعب ولاعبة في 40 رياضة.

ويرى "التنير" أن نجاح قطر التنظيمي بدءاً من مونديال 2022، يعد تذكرة لاحتضان قادم البطولات الرياضية، وصولاً إلى ما وصفه بـ"الحلم العربي"، في إشارة إلى أولمبياد 2032.

وحول أبرز أوراق ملف قطر، يرى أن الدولة الخليجية لديها مجمعات ومرافق وملاعب وفنادق وطرقات ووسائل نقل ومواصلات ومطارات، وهو ما يعزز موقعها ويجعلها "الأوفر حظاً" لأخذ الأسبقية في تنظيم مختلف البطولات الرياضية.

بنية تحتية قطرية

وتمتلك قطر أكاديمية أسباير للتفوق الرياضي ومستشفى "سبيتار" الرائد عالمياً في مجال الطب الرياضي وجراحة العظام، إضافة إلى "أسباير لوجستيكس" المتخصصة بإدارة المنشآت والفعاليات الرياضية وفقًا لأعلى المعايير العالمية.

ونظمت الدوحة بطولات قارية وعالمية منها كأس الخليج العربي وكأس السوبر الإيطالي وكأس السوبر الأفريقي، في أكثر من مناسبة، كما أنها سوف تحتضن كأس العالم للأندية ، مطلع فبراير المقبل للمرة الثانية توالياً، فضلاً عن كأس العرب المونديالية نهاية 2021.

واستضافت دولة قطر كذلك، دورة الألعاب الآسيوية عام 2006، وبطولة كأس أمم آسيا لكرة القدم عام 2011، كما احتضنت كأس العالم لكرة اليد نسخة 2015، وكأس العالم لألعاب القوى نسخة 2019، إلى جانب نيل تنظيم مونديال 2022 وبطولة العالم للرياضات المائية عام 2023.

تحفز سعودي

أما السعودية فقد اقتحمت عالم استضافة البطولات الرياضية في الأعوام القليلة الماضية؛ إذ استضافت كأس السوبر الإيطالي لكرة القدم في مناسبتين متتاليتين، عامي 2018 و2019، كما احتضنت في يناير/كانون الثاني 2020 كأس السوبر الإسباني، فضلاً عن احتضان "سوبر كلاسيكو" بين منتخبي البرازيل والأرجنتين.

وأبرمت السلطات الرياضية السعودية عقداً حصرياً مع اتحاد "WWE" لإقامة عروض المصارعة الحرة في المملكة مدة 10 سنوات، وبالفعل احتضنت الأخيرة عدة عروض في مدينتي الرياض وجدة.

كما احتضنت السعودية "سباق الفورمولا إي" لرياضة السيارات الكهربائية، فيما نالت مؤخراً استضافة إحدى سباقات الجائزة الكبرى للفورمولا 1، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، علاوة على تنظيم "رالي داكار" الصحراوي، وفعاليات مختلفة في رياضات الملاكمة والتنس وغيرها من الألعاب.

TRT عربي
الأكثر تداولاً