ملعب أتاتورك (Others)
تابعنا

في 12 أبريل/نيسان 2023 كشف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عن استقباله ثلاثة ملفات لتنظيم "يورو 2028" و"يورو 2032" مع نهاية المهلة التي حدّدها لإيداع ملفَّات الترشيح لاستضافة هاتين النسختين، على أن يعلن عن هوية الملفين الفائزين في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وبدا لافتاً تَقدُّم تركيا لاستضافة النسختين، إذ ستتنافس في نسخة 2028 مع ملف خماسي يتكون من المملكة المتحدة، إضافة إلى جمهورية إيرلندا، في حين تواجه إيطاليا للظفر بنسخة 2032.

ولم يسبق لتركيا أن ظفرت بتنظيم كأس أمم أوروبا على الرغم من تقدمها سابقاً في خمس مناسبات أعوام 2008 و2012 و2016 و2020 و2024، علماً أنها كانت مرشحة فوق العادة لنيل استضافة نسخة 2024، لكن تصويت أعضاء اللجنة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي كان مغايراً للتوقعات، حسب صحيفة "يني شفق" التركية.

وقد تخسر تركيا كذلك سباق تنظيم نسخة 2028، في حال صدق تقرير صحيفة "ذا تايمز"البريطانية في مارس/آذار الماضي، الذي قال إن الاتحاد القاري قرّر منح الاستضافة للمملكة المتحدة وجارتها جمهورية أيرلندا.

وكانت إنجلترا استضافت "يورو 1996"، علاوة على تنظيمها جانباً من مباريات "يورو 2020"، إذ احتضن ملعب "ويمبلي" بالعاصمة لندن عدة مباريات، من ضمنها مواجهتا الدور نصف النهائي والمباراة النهائية، فيما نظمت إيطاليا نسختي 1968 و1980.

وكانت لندن واحدة من 11 مدينة أوروبية استضافت كأس الأمم الأوروبية الأخيرة في إطار احتفال الاتحاد القاري للعبة بمناسبة مرور 60 سنة على انطلاق البطولة، إذ لم يقع الاختيار على أي مدينة تركية في وقت اختيرت فيه مدن من الدنمارك وروسيا وأذربيجان وهولندا ورومانيا والمجر واسكتلندا، علاوة على مدن في إيطاليا وألمانيا وإسبانيا.

وقائع عنصرية

العنصرية تجاه ملفات ترشيحها لتنظيم البطولات لم تكُن الشكل الوحيد الذي عانته تركيا، إذ اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بانتهاج "سلوك تمييزي" نحو تركيا بعد تحية عسكرية أدَّاها لاعبون أتراك في أثناء مبارياته أمام منتخبَي ألبانيا وفرنسا في إطار تصفيات كأس أمم أوروبا 2020.

ملعب "فودافون بارك" الخاص بنادي بشكطاش (AA)

وجاءت التحية العسكرية تزامناً مع عملية "نبع السلام" التي نفّذها الجيش التركي في شمالي سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2019 لمواجهة المجموعات الإرهابية.

وفتح الاتحاد الأوروبي للعبة تحقيقاً تأديبياً ضد تركيا، في حين انتقد وزير الشباب والرياضة التركي محمد قصاب أوغلو خطوة اليويفا، متسائلاً في الوقت نفسه عن تحية عسكرية مماثلة أداها نجم منتخب فرنسا أنطوان غريزمان لرئيس بلاده إيمانويل ماكرون.

ومن المقرر أن يحتضن ملعب "أتاتورك" الأولمبي بإسطنبول نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا للنسخة الحالية (2022-2023)، علماً أنه كان من المفترض إقامة النهائي القاري على الملعب ذاته قبل عامين، لكن اليويفا نقل المباراة الختامية إلى بورتو البرتغالية.

وجاء قرار الاتحاد الأوروبي بعد وضع الحكومة البريطانية تركيا على "القائمة الحمراء" للدول التي يُمنَع السفر إليها من إنجلترا إلا للضرورة القصوى بسبب جائحة كورونا، إذ طالبت جماهير فريقَي تشيلسي ومانشستر سيتي المتأهلَين للنهائي بعدم التوجُّه إلى إسطنبول.

ولم يكتفِ الاتحاد الأوروبي بنقل نهائي "أبطال أوروبا" من إسطنبول في 2021، إذ كانت التوقعات أن يُسنَد إلى المدينة التركية الشهيرة تنظيم النهائي القاري في النسخة التالية، لكن فوجئت الأوساط الرياضية بمنحها استضافة المواجهة الختامية لأشهر بطولات الأندية الأوروبية بعد عامين.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020 شهدت مباراة باشاك شهير التركي وباريس سان جيرمان الفرنسي على ملعب "بارك دي برينس" ضمن دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا واقعة عنصرية عندما تَفوَّه الحكم الرابع بكلمة "زنجي" في وجه الكاميروني بيير ويبو مساعد مدرب الفريق التركي، ليرفض لاعبو الأخير استكمال المباراة.

مبالغة أوروبا

الإعلامي الرياضي المهتم بالكرة التركية عروة قنواتي يقول إن الرياضة التركية تعرضت لخيبة أمل مستمرة بعد التقدم بطلبات ترشيح متكررة من أجل استضافة أحداث رياضية عالمية مهمة.

ويوضح قنواتي في حديثه مع TRT عربي، أن أوروبا تبالغ كثيراً عند تكرار الإشارة إلى الأوضاع السياسية والأمنية في تركيا، وحديثها حول الحريات العامة وحقوق الإنسان وحرية الصحافة في مزاعم لا أساس لها من الصحة.

وأشار إلى أن "هذه المعايير ليست هي التي تُقاس من خلالها أمور التصويت والموافقة لاستضافة البطولات القارية، علاوة على أن هذه القضايا موجودة في أغلب الدول الأوروبية"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن "الظروف أحياناً لا تخدم الرياضة التركية مثلما حدث خلال فترة كورونا".

ويؤكّد أن تركيا تتمتع بطبيعة خلابة وملاعب رياضية رفيعة وشبكة اتصالات وخطوط نقل وبنية تحتية كبيرة تجعل البلاد "كاملة المواصفات" لاستضافة حدث رياضي دولي مثل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية وكأس أمم أوروبا، بل وذهب إلى أبعد من ذلك عندما شدّد على "جهوزية تركيا لاستضافة نهائيات كأس العالم".

ويعتقد قنواتي أن التمييز باختيار أي منافس لتركيا في أي ملف استضافة لبطولة رياضية كبرى "واضح ومقصود"، مستشهداً بالهجمة الغربية التي طالت مونديال قطر حتى قبل ساعات قليلة من صافرة انطلاق البطولة.

مع ذلك يؤمن قنواتي بأن تركيا تستطيع الحصول على أصوات لضمان استضافة يورو 2028 أو 2032 على الرغم من أن سياسة التصويت وعقلية الإقصاء الأوروبية لا تزال موجودة.

حرب خفية

من جانبه يقول المتخصص الرياضي جمال الشيباني إن تركيا "لا تقلّ من ناحية الإمكانيات، بخاصة البنية التحتية، عن أي دولة أوروبية أخرى".

ويتفق الشيباني في حديثه مع TRT عربي، مع قنواتي على أن تركيا لديها ملاعب على "طراز عالٍ من حيث الجودة، فضلاً عن القوة البشرية التي تجعل لها الأولوية في استضافة الأحداث الرياضية".

ملعب ميديكال بارك - طرابزون (AA)

ويبيّن الشيباني أن "أوروبا لا تريد قبول تركيا رغم اعترافها بإمكانياتها الرفيعة وقدرتها على استضافة كأس الأمم الأوروبية"، مستدلّاً بملفّ تركيا الذي قال إنه متكامل لتنظيم يورو 2024، لكن تصويت الأوروبيين انحاز للألمان على حساب الأتراك.

ويؤكّد أن تركيا لديها القدرة على تنظيم كبرى البطولات الرياضية، مستعرضاً بعضاً منها كاحتضان ملعب أتاتورك الأولمبي نهائي أبطال أوروبا 2005 بين ناديَي ميلان الإيطالي وليفربول الإنجليزي، مشيراً إلى أنه "كان من أفضل النهائيات القارِّية على الإطلاق".

بالمثل احتضن ملعب "فودافون بارك" الخاص بنادي بشكطاش موقعة السوبر الأوروبي بين ناديَي ليفربول وتشيلسي الإنجليزيين عام 2019، حيث احتشد أكثر من 42 ألف متفرج في جنبات الملعب، مع قدوم سياح من مختلف أرجاء العالم لمتابعة المواجهة الإنجليزية الخالصة، وفق الشيباني.

ويلفت إلى "حرب خفية" تجاه تركيا تدفع إلى التساؤل عن الأسباب التي يستند إليها اليويفا لعدم إسناد بطولات رياضية كبرى إلى تركيا.

ورغم العراقيل التي توضع أمامها يقول الشيباني إن تركيا "لديها نفَس طويل"، متوقعاً أن "تقنع الأوروبيين في قادم المواعيد بالتصويت لصالحها، بخاصة أنه لم يعُد يمكن التذرع بشيء ضدّ تركيا مع قوة ملفّ تَرُّشحها لكأس أمم أوروبا".

يُشار إلى أن تركيا كانت أدرجت في ملفها لاستضافة "يورو 2024" 10 ملاعب، ثمانية منها قيد الاستخدام وتُقام فيها مباريات الدوري التركي الممتاز، مع ترميم ملعبين آخَرَين.

والملاعب هي: "أتاتورك" و"تورك تليكوم" (إسطنبول)، وبلدية بورصا الكبرى (بورصا)، وأنطاليا (أنطاليا)، وأسكي شهير الجديد (أسكي شهير)، وغازي عنتاب (غازي عنتاب)، وبلدية قونية الكبرى (قونية)، وميديكال بارك (طرابزون)، وقوجا ألي الجديد (قوجا ألي)، وملعب أنقرة (أنقرة).

TRT عربي
الأكثر تداولاً