كيف تسعى أوروبا لمكافحة تهريب النفط الروسي إلى أراضيها؟ / صورة: Reuters (Jorge Silva/Reuters)
تابعنا

رغم الجهود الأوروبية للتخلص من واردات النفط الروسي، عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، فإن خامات موسكو لا تزال ترد على عدد من دول الاتحاد معظمها مهرب. بخاصة عبر ما يسمى "أسطول الظل" الذي أنشأته السلطات الروسية لتحدي العقوبات الأوروبية، وفق ما كشفت تقارير إعلامية غربية.

فيما يسعى الاتحاد الأوروبي لمواجهة نشاط التهريب هذا، عبر خطة محكمة لتضييق الخناق على المهربين، ومعاقبة الدول المتواطئة مع روسيا في تمويه تلك الصادرات. وهو ما بحثه اجتماع تقني للاتحاد الأوروبي الخميس ناقش الحزمة 11 من العقوبات على موسكو.

أوروبا تحارب "أسطول الظل" الروسي

وعقب الاجتماع التقني أثنى مسؤولون ودبلوماسيون أوروبيون على جدية جهود الاتحاد الأوروبي لسد الثغرات التي تسمح بتدفق النفط الروسي إلى الأراضي الأوروبية، وأن هذه الجهود تجد دعماً واسعاً من الدول الأعضاء.

وفي تقرير له، نقل موقع "بوليتيكو" على لسان أحد الدبلوماسيين الأوروبيين، قوله بأن الاتحاد "ليست لديه خطوط حمراء" في شأن مواجهة تهريب النفط الروسي. وكشف ذات الموقع عن مسودة الخطة الأوروبية، والتي تضمن منع السفن التي تحمل سراً الخام الروسي من مواني الكتلة.

وحسب بيانات شركة "Windward"، وهي شركة أبحاث بمجال الشحن، رُصدت ناقلات نفط مجهولة الهوية تغادر المواني الروسية في رحلات بلا هدف إلى وسط شمال المحيط الأطلسي، خارج نطاق نفوذ الاتحاد الأوروبي، وتخفي نفسها بإطفاء أجهزة إرسال الراديو والرادار، قبل أن تظهر مجدداً وهي عائدة إلى مواني الشحن الروسية.

وترجح تقارير أخرى أنه بفضل هذه الطريقة وعبر إبحار تلك الناقلات بعيداً عن نقاط التفتيش بمضيق جبل طارق وقناة السويس، تهرب روسيا من العقوبات الغربية على نفطها، وتنجح في تهريبه أيضاً إلى الاتحاد الأوروبي.

غير أن عدد هذه الناقلات لا يكفي لحمل كل الصادرات الروسية، ما يدفع موسكو إلى الاستعانة بناقلات دول أخرى، من بينها دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، حسب ما ذكرت "بوليتيكو".

وبالتالي يتوعد الاتحاد الأوروبي بمعاقبة أيضاً الدول المتواطئة مع روسيا في تهريب النفط. إضافة إلى هذا، وحسب مسودة العقوبات، فإن الإجراءات الجديدة ستنشئ سلطات لمنع "وصول السفن التي يشتبه بانتهاكها حظر استيراد النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية المنقولة بحراً إلى مواني الاتحاد".

كيف يستمر النفط الروسي بالتدفق إلى أوروبا؟

من الصعب تتبع مصادر خام النفط بالأسواق العالمية إمكانية خلط الخامات وتمويهها خلال التصدير. إضافة إلى عمليات التكرير التي تمحو كل مميزات خاصة مرتبطة بمصدر الخام. وهو، حسب خبراء، ما يستفيد منه النفط الروسي في تخطيه الحظر الأوروبي.

هذا ما يكشفه تقرير لموقع "بوليتيكو"، ناقلاً على لسان ميخائيل خودوركوفسكي، الرئيس التنفيذي السابق لعملاق الطاقة الروسي "يوكوس" وأحد أبرز المعارضين لبوتين، قوله: "على عكس تصدير الغاز عبر خطوط الأنابيب، فإن السوق الدولي للنفط مفتوح على كل دول العالم، وبالتالي عمليات مزج الخامات وتمويهها هي ممارسة دارجة".

ومن ناحية أخرى، ورغم إغلاق السوق الأوروبية أبوابها أمام خام الأورال، بقي الإنتاج الروسي محافظاً على مستوياته، ما دفع سعد رحيم، كبير اقتصاديّي مجموعة "ترافيغورا" لتجارة السلع النفطية، إلى استنتاج أن "من المحتمل أن النفط الروسي لا يزال يُباع للاتحاد الأوروبي والدول الغربية عبر وسطاء".

وسبق أن أثير هذا الموضوع بالبرلمان الأوروبي، وشكّك النائب البرلماني الفرنسي فرانسوا بيلامي بأن تكون الصادرات الأذربيجانية ثغرة لعبور النفط الروسي. وأشار النائب إلى أن أذربيجان صدرت 242 ألف برميل يومياً زيادة عما أنتجته بين أبريل/نيسان ويوليو/تموز العام الماضي، معتبراً ذلك هامشاً كبيراً على القدرات الإنتاجية المحلية.

ونفت المفوضية هذه الشكوك التي أثارها النائب، قائلة إن البيانات التي استشهد بها "حدثت قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ، لذا لا يوجد أي شك في التهرب من العقوبات هناك".

عوض الطرق الملتوية، لا يزال استيراد أوروبا للنفط والصادرات النفطية مستمراً. وحسب أرقام وكالة الطاقة الدولية، إلى حدود يناير/كانون الثاني 2023، استورد الاتحاد الأوروبي نحو 600 ألف برميل نفط روسي يومياً، إضافة إلى 700 ألف برميل من المنتجات النفطية الروسية.

بالمقابل عملت موسكو بعد الحظر الأوروبي على توسيع قاعدة زبائن نفطها. هكذا ارتفعت الصادرات النفطية الروسية إلى الصين من 1.7 مليون برميل يومياً في عام 2022 إلى 2.3 مليون برميل يومياً في 2023. كما شهدت الصادرات نحو الهند قفزة كبيرة، من 100 ألف برميل يومياً في 2022 إلى 1.6 مليون برميل يومياً في 2023، حسب الوكالة الدولية للطاقة.

TRT عربي