تابعنا
حذر خبراء دوليون مستقلون من أن الشعب الفلسطيني معرض لخطر الإبادة الجماعية، في حال لم يوقف القصف الإسرائيلي على غزة، محملين من أسموهم حلفاء إسرائيل المسؤولية عن ما يجري

تتوالى عمليات القتل الجماعي التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة، منذ اندلاع المعارك بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية على خلفية عملية طوفان الأقصى التي بدأتها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

واستهدف الكيان الإسرائيلي منذ بداية الحرب عديداً من التجمعات السكنية في قطاع غزة والمشافي والمدارس والجوامع والكنائس إلى جانب مخيمات النازحين.

وبعد 45 يوماً من بدء العدوان، شهد القطاع عمليات نزوح جماعية مع استمرار حصار المشافي، أبرزها مجمع الشفاء الطبي الذي حوله الاحتلال إلى ثكنة عسكرية، مع ورود أخبار عن وفيات جماعية بعد طرد المرضى وإخلاء المشفى.

ووثقت منظمة العفو الدولية هجمات وغارات عشوائية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في غزة، تسببت بسقوط أعداد كبيرة في صفوفهم.

وفي هذا الصدد، قالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: "إن القوات الإسرائيلية تزدري أرواح المدنيين، وتهدف إلى تدمير البنية التحتية في غزة، بالإضافة إلى استهداف البنى التحتية الخدمية، عن طريق تدمير أماكن تخزين المياه والأدوية والوقود والكهرباء".

إبادة جماعية

تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي المناطق الحيوية والمكتظة بالسكان والأماكن المحرم المساس بها دولياً، إضافة إلى استهداف منابع المياه وخزاناته والحصار الخانق وقطع الإمدادات، للتضييق على المواطنين داخل القطاع.

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، مقره جنيف: "إن حرب التجويع التي ينتهجها الكيان الإسرائيلي ضد سكان غزة المدنيين قد بلغ ذروته، مضيفاً أن الهدف من سياسة التجويع هذه هو التضييق على السكان في المعيشة.

وذكر المرصد في بيان أن إسرائيل تتعمد تدمير جميع وسائل إمدادات الغذاء، من خلال تدمير المخابز، والمصانع، والمتاجر الغذائية، ومحطات وخزانات المياه.

وأضاف الأورومتوسطي أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، جرى قصف وتدمير ما يقارب 11 مخبزاً، بينما تعاني بقية نقاط بيع الخبر ومراكز التزويد بالغذاء من نقص شديد للضروريات مثل الدقيق والوقود، فضلاً عن بدء نفاذ مخزون المياه المعبأة، بخاصة بعد استهداف بئر المياه وخزان تل الزعتر شمالي غزة مؤخراً، اللذين يغذيان أكثر من 70 ألف نسمة.

ومن خلال استراتيجية التصعيد العسكري المستمر الذي تنتهجه إسرائيل على سكان القطاع، فإنها ترتكب أيضاً عمليات تطهيرعرقي وتهجير قسري بحق سكان القطاع، وفق مراكز حقوقية، ما أسفر عن سقوط 49 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود، ونزوح نحو 1.6 مليون.

وفي 2 من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، حذر خبراء دوليون مستقلون من أن الشعب الفلسطيني معرض لخطر الإبادة الجماعية، في حال لم يوقف القصف الإسرائيلي على غزة، محملين من أسموهم حلفاء إسرائيل المسؤولية عن ما يجري، وداعين إياهم إلى السعي من أجل إيقاف التصعيد.

عجز المؤسسات الدولية عن التدخل

وحول خيارات التعامل الدولية مع المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة، يقول الدكتور محجوب زويري، مدير مركز دراسات الخليج بجامعة قطر، إن "المؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، لا تنفذ المهام المنوطة بها إزاء ما يجري في غزة".

ويضيف زويري لـTRT عربي: "ليس هذا فحسب، بل إن المنظمات الإنسانية الأخرى، مثل الأونروا، ومنظمة رعاية الطفل وغيرها قد انسحبت من القطاع، وتركت المواطنين في القطاع ليلاقوا مصيرهم"، مشيراً إلى أن "منع هذه المؤسسات من العمل يعكس بدوره موقف التعامل الدولي إزاء المجازر التي تمارس ضد المدنيين في غزة".

بدوره، حمّل الباحث في المعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف، بلال سلايمة، المؤسسات الدولية التنموية والإغاثية التابعة للأمم المتحدة جزءاً من مسؤولية ما يجري في غزة، مؤكداً أن "نشاط هذه المؤسسات محدود ومقيد في الوقت ذاته، وذلك بسبب استمرار القصف الإسرائيلي".

ويلفت سلايمة في حديثه مع TRT عربي، إلى أهمية دور المجتمع الدولي من أجل استئناف عمل المنظمات الإنسانية وإيجاد حل لإنهاء الحرب، مشدداً على أن الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية الكبرى إزاء ما يحدث في غزة، وبالأخص مجلس الأمن الدولي، كونه المخول بالحفاظ على الأمن والسلم العالمي، وفق ميثاق الأمم المتحدة.

من جهته، يرى الزويري أن الحديث عن تدخل أممي "بات خياراً غير واقعي"، بخاصة بعد أن أثبتت الأمم المتحدة أنها لا تستطيع سوى "إصدار البيانات، دون تنفيذها"، حسب تعبيره.

ويشير مدير مركز دراسات الخليج إلى أن سبب ذلك يرجع إلى "ارتهان هذه المؤسسة الدولية لقرارات دول كبيرة حول العالم"، مؤكداً أن "إسرائيل هي الأخرى تسيطر على قرار المجتمع الدولي من خلال علاقاتها القوية مع الدول العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية".

وبعد محاولات عدّة لمجلس الأمن الدولي لتبني قرار بشأن هدنة إنسانية في غزة، لا سيّما مع الرفض المستمر للولايات المتحدة الأمريكية، اعتمد المجلس القرار رقم 2712 في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي بعد خمس محاولات فاشلة، ويدعو القرار إلى "إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة، والإفراج الفوري وبدون شروط عن كل الرهائن".

وجاء في القرار الذي صاغته دولة مالطا وجرى تبنيه بأغلبية 12 صوتاً، أن "المجلس يدعو إلى هدنات وممرات إنسانية واسعة النطاق وعاجلة لعدد كافٍ من الأيام، لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في القطاع الفلسطيني".

أمام العالم.. نواجه الإرهاب

ويرى الناشط الحقوقي باسم حتاحت، أن الإعلام الإسرائيلي استطاع تضليل الرأي العالمي من خلال تشويه صورة الطرف الفلسطيني "المقاومة الفلسطينية"، والترويج للأخبار الكاذبة حول عمليات قتل الأطفال والنساء الإسرائيليات، منوهاً إلى أن هذه الأخبار لاقت رواجاً واسعاً في بعض المجتمعات الغربية، تحديداً في أيام الحرب الأولى.

ويشير حتاحت في حديثه مع TRT عربي، إلى أن "استحضار البروباغندا القديمة (محاربة الإرهاب) كانت إحدى أهم الشائعات التي استخدمها الكيان عبر وسائل إعلامه والمؤسسات الإعلامية التابعة له، إذ صورت دولة الاحتلال الإسرائيلي أنها تواجه فصيلاً إرهابياً لا يقل خطراً عن تنظيم القاعدة وداعش، الأمر الذي شكل عاملاً مهماً في ظهور بعض الأصوات المتعاطفة مع الكيان الإسرائيلي".

لكن رغم الجهد الذي تبذله إسرائيل في إخفاء الحقائق عبر الإعلام، فإن بعض المنظمات الحقوقية في أماكن محدودة حول العالم، بخاصة التي تحرص على نقل الحقيقة، لعبت دوراً بارزاً في الوقوف بوجه الآلة الإعلامية الإسرائيلية المزيفة، وفندت كثيراً من الحقائق، رغم الصعوبات الهائلة التي واجهتها هذه المنظمات، إذ استطاعت في الأخير أن تشكل وعياً جديداً لدى كثيرٍ من المواطنين حول العالم، حسب الناشط الحقوقي.

ويؤكد حتاحت أن كثيراً من السياسيين والمفكرين والعاملين والحقوقيين حول العالم بدؤوا بالالتفات إلى ما يجري في غزة، وأن عمليات التوثيق الإعلامية والبيانات الرسمية، والمذكرات الحقوقية الصادرة من مراكز حقوقية مختلفة ومنظمات معنية بحقوق الإنسان على المستوى الدولي، باتت تصل إلى المقررين الدوليين، والتي تشكل عامل ضغط على المعنيين الدوليين، للبدء في تقصي الحقائق على الأرض.

ويلفت إلى أن عمليات الضغط هذه أدت إلى انتقال المدعي العام لمحكمة الجنايات ومنظمات حقوقية دولية إلى رفح والنظر إلى الحقائق على أرض الواقع.

من جهة أخرى، تعمل مؤسسات إعلامية متخصصة، منها مستقلة وأُخرى حكومية، في كشف الأخبار المزيفة التي تسعى إلى تضليل الرأي العالمي حول ما يجري في قطاع غزة، ومحاولة استعطاف العالم لصالح إسرائيل.

وعلى رأس هذه المؤسسات دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، والتي استطاعت من خلال النشاط الذي تمارسه في هذا الخصوص، بكشف كثير من الفيديوهات والصور والأخبار المزيفة التي تستخدمها الآلة الإعلامية للكيان، أو الآلات المساندة لها، للتغطية على جرائمها في فلسطين، وتحديداً في غزة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً