تابعنا
في الثالث والعشرين من شهر فبراير 2023، أصدر البيت الأبيض مذكرة جديدة أعدتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تنظم عمليات تصدير الأسلحة والمنتجات العسكرية الأمريكية التي تشرف عليها وزارات الدفاع والخارجية والتجارة.

في الثالث والعشرين من شهر فبراير 2023، أصدر البيت الأبيض مذكرة جديدة أعدتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تنظم عمليات تصدير الأسلحة والمنتجات العسكرية الأمريكية التي تشرف عليها وزارات الدفاع والخارجية والتجارة، وتهدف إلى جعل ''نقل المواد والخدمات الدفاعية أداة مهمة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة''.

ورهنت الولايات المتحدة، تصدير الأسلحة إلى حلفائها وشركائها بجملة من القيود أبرزها مدى احترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. وأفردت فصلاً كاملاً في المذكرة لهذا الشرط.

ويشدد البيت الأبيض، على أن ''تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة يجري من خلال زيادة الاحترام، في جميع أنحاء العالم، لحقوق الإنسان والقانون الدولي".

وتحظر المذكرة، نقل الأسلحة في حال وجود مخاطر حول إمكانية استخدامها في "الإبادة الجماعية أو جرائم ضد الإنسانية، أو انتهاك حقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي". وتبقى الموافقة على نقل الأسلحة رهن "احترام الالتزامات الدولية، والاستقرار العام للنظام السياسي للبلد المتلقي، ومدى امتلاك الحكومة المستقبلة لمؤسسات أمنية محكومة جيداً وخاضعة لسيادة القانون مع آليات مساءلة فعالة للقطاع الأمني، وسيطرة مدنية فعالة على قوات الأمن، والتزام واضح لتحسين الشفافية ومكافحة الفساد''.

ورغم أن حجم الشراءات العسكرية بالمنطقة العربية، تختلف من دولة إلى أخرى، فإن تأثيرات سياسة بايدن الجديدة في صادرات الأسلحة قد تؤثر عليها جميعاً، وأيضاً على المساعدات العسكرية التي تمنحها واشنطن لعدة دول من بينها تونس التي تعد شريكاً أساسياً للولايات المتحدة التي منحتها سنة 2015 صفة حليف رئيسي خارج حلف شمال الأطلسي في إطار دعم واشنطن ''لقرار تونس بالانضمام إلى نادي الديمقراطية في العالم''.

وفي تصريح لـ ''TRT عربي''، اعتبر الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي عبد الله العبيدي، أن ربط الولايات المتحدة الأمريكية تصدير الأسلحة بملف حقوق الإنسان أمر خيالي، وقال في هذا الشأن: ''الأمريكيون لا يصدرون الأسلحة وفق وضع حقوق الإنسان في البلدان وإنما حسب مصالحهم وعلى قاعدة الاصطفاف في محور واشنطن''.

وتحدث العبيدي، عن الأهداف التجارية في الاستراتيجية العسكرية الامريكية وقال إن "واشنطن أجبرت الدول الأوروبية على إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا بغية تنشيط سوق الأسلحة الصناعات العسكرية وأيضاً لفرض نزعة سياسية وفق مصالحها''، لافتاً من جهة أخرى إلى أن ''الولايات المتحدة تساند أنظمة تمارس الإعدام على قارعة الطريق فيما تثور في وجه أنظمة أخرى بمجرد أي تحرك احتجاجي ضدها''، وهو ما يفند مقولة حقوق الإنسان وفق العبيدي.

وأبرز المتحدث، أنّ "تونس لا تشملها خارطة صادرات الأسلحة الأمريكية، وأوضح أن أغلب ما تتحصل عليه تونس يتمثل في مساعدات عسكرية مقابل اصطفافها مع هذا المحور أو ذاك.

وخلص الدبلوماسي السابق إلى القول: ''ستواصل الولايات المتحدة الأمريكية مدّنا بالأسلحة طالما نحن في خطها السياسي''.

من جانبه، لاحظ الأكاديمي والمحلل السياسي طارق الكحلاوي، في تصريح لـ''TRT عربي''، أن توقيت صدور القرار الأمريكي من البيت الأبيض يوحي بأنه على علاقة مباشرة بالحرب الدائرة في أوكرانيا، وبخاصة بعد الحديث عن توفير الصين أسلحة لروسيا ومنها الأسلحة التي استفادت من التكنولوجيا الأمريكية''، وهو ما تنفيه بكين.

وتهدف سياسة واشنطن الجديدة في نقل الأسلحة أيضاً، وفق المذكرة، إلى "ضمان احتفاظ جيش الولايات المتحدة بالمزايا التكنولوجية على الخصوم الحاليين والمحتمَلين وتعزيز الميزة النسبية للولايات المتحدة على المنافسين الاستراتيجيين، بما في ذلك روسيا والصين''.

وأشار الكحلاوي، إلى أن ربط الولايات المتحدة الأمريكية للمساعدات العسكرية التي تمنحها لتونس بالتقدم السيّاسي في البلاد، على سبيل المثال، هو "أمر معلوم وسابق لهذه المذكرة ولا يحتاج إلى قرارات جديدة"، مذكّراً بالقرارات الصادرة عن الكونغرس الأمريكي حول هذا الملف.

- تراجع المساعدات العسكرية الأمريكية لتونس

تعدّ الولايات المتحدة الأمريكية الشريك العسكري الأبرز لتونس. واستثمرت منذ عام 2011 أكثر من مليار دولار في التعاون العسكري مع تونس في مجال المصالح الأمنية المشتركة في المنطقة.

كما تشمل الجهود المشتركة ''تعزيز أمن الحدود وضمان حرية الملاحة في البحر الأبيض المتوسط، وتوفير النقل الجوي اللوجستي لبعثات المساعدات الإنسانية، ودعم عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة''.

في 30 سبتمبر/أيلول من عام 2020، وقعّت تونس والولايات المتحدة الأمريكية، وثيقة خارطة طريق لآفاق التعاون العسكري في مجال الدفاع بالنسبة إلى العقد الحالي. وتهدف هذه الخارطة أساسا إلى الرفع من جاهزية القوات المسلحة التونسية وتطوير قدراتها لمجابهة التهديدات والتحديات الأمنية.

لكن بعد إجراءات 25 يوليو/تموز 2021، ربطت الولايات المتحدة الأمريكية استمرار الدعم العسكري لتونس بالتطورات السياسية التي تشهدها البلاد وبالعودة إلى المسار الديمقراطي واسترجاع المؤسسات الديمقراطية.

وفي خريف سنة 2021، رهنت لجنة الاعتمادات بالكونغرس الأمريكي، في مشروع قانون (ص196-197) المساعدات العسكرية لتونس بـ ''مشاركة أو مساندة الجيش التونسي من عدمه في تراجع الديمقراطية في البلاد ومدى تعويل الحكومة التونسية على الجيش لدعم إجراءات استبدادية وبمصداقية الخطوات التي تتخذها الحكومة لإعادة النظام الدستوري والحوكمة الديمقراطية، مع ضمان حرية التعبير الجمعيات والصحافة وحقوق النشطاء والأحزاب السياسية''.

وقبل ذلك طالب أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، بـ''تجميد المساعدة العسكرية الأمريكية لتونس حتى استعادة الحكم الديمقراطي'' والمحافظة على ''سيادة القانون وفق الشرعية الدستورية''.

وفي مشروع الموازنة الأمريكية العامة لسنة 2023، قررت إدارة بايدن خفض المساعدات العسكرية الأمريكية لتونس بمقدار النصف تقريباً وذلك بتخصيص 61 مليون دولار مساعدات عسكرية وأمنية لتونس وهو أدنى من 112 مليون دولار في الموازنة السابقة.

ويأتي هذا التخفيض في الاعتمادات العسكرية بالتوازي مع تقليص المساعدات الاقتصادية التي تقدمها وزارة الخارجية لتونس بمقدار 40 مليون دولار ، وهو ما يمثل تخفيضاً بنسبة 50% تقريباً عن العام السابق، وذلك ''بسبب ''مخاوف كبيرة بشأن استمرار التراجع الديمقراطي"، وفق الخارجية الأمريكية.

وقبل أيام، أقرّ السفير الأمريكي لدى تونس جوي هوود، بتراجع المساعدات الأمريكية رغم تواصل التبادل الاستخباراتي والمعلوماتي لمكافحة الإرهاب، وقال في لقاء عدد من الإعلاميين: ''صحيح يوجد تراجع في المساعدات العسكرية، لأننا لا نعرف توجهات تونس أو شكل الديموقراطية في المستقبل". وحسب السفير الأمريكي، فإنّ واشنطن ''تريد أن يتبين لها هذا الشكل (من الديمقراطية) حتى تفهم طبيعة المساعدات التي تريدها تونس".

ورغم تراجع المساعدات العسكرية، فإن واشنطن حافظت على التزاماتها السابقة مع تونس. ففي شهر فبراير/شباط من سنة 2020 وافقت الخارجية الأمريكية على صفقة سلاح تتضمن شراء طائرات تدريبات عسكرية خفيفة لصالح الجيش التونسي.

وفي يوليو 2022، أعلنت وزارة الدفاع التونسية، إبرام صفقة بين الحكومة الأمريكية وشركة “Textron Aviation Defense” بموجبها يجرى اقتناء 8 طائرات تدريب جديدة مع أنظمة محاكاة الطيران لتدريب الطيّارين والتقنيين، وستعوّض هذه الطائرات الجديدة طائرات التدريب الأساسي والمتقدّم.

وتؤكّد الوزارة أن تمويل الجزء الأكبر من الصفقة سيكون من خلال هبة أمريكية فيما ستدفع تونس الباقي. وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أعلنت الشركة الأمريكية تسليم أولى الطائرات إلى المؤسسة العسكرية التونسية.

TRT عربي