الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش.  (Marko Djurica/Reuters)
تابعنا

تشهد صربيا في 3 أبريل/نيسان القادم انتخابات عامة، يطمح من خلالها "الحزب التقدمي" الحاكم وزعيمه الرئيس ألكسندر فوتشيش، إلى تعزيز موقعهم على رأس البلاد، وحصد ولاية ثانية في حكمها، الأمر الذي يجعل سعيهم ذاك محفوفاً بجدل، أوله كان عزمهم على فتح مكاتب تصويت في كل من كوسوفو ومونتينيغرو، اللذين رفضا ذلك معتبرين إياه انتهاكاً لسيادتهما.

على الجهة الأخرى اتهمت بلغراد نظيرتَيها بريشتينا وبودغوريتسا، بعدم احترام الحقوق المدنية للأقليات الصربية هناك، وحرمانهم من ممارستها. وعرف الشارع هناك غلياناً كبيراً، إذ خرج المواطنون الصرب في مظاهرات تندّد بهذه القرارات، وأعربت الجهات الراعية لمحادثات السلام بين صربيا وكوسوفو عن أسفها لهذه التطورات، محذّرة من انزلاق المنطقة إلى مستنقع عنف جديد.

ولم يقف جدل الانتخابات الصربية عند هذا الحد، وهي الملغومة بنعرات عنصرية كثيرة، أهمها استثناء المواطنين من أصول ألبانية من التصويت فيها، إذ سعت سياسات فوتشيتش وحزبه إلى عزل أولئك المواطنين وحرمانهم من ممارسة حقهم في اختيار رئيسهم وحكومتهم القادمين.

يُضاف إلى هذا وقوف منظمات حقوقية على حقيقة مشاركة مجموعة من الأسماء الملطخة أيديها بدماء حروب البلقان في الانتخابات الجارية، في وقت لم تندمل فيه بعدُ ذاكرة الجراح التي خلّفها الاقتتال هناك.

استثناء الألبان من التصويت

مع استمرار الحملة الانتخابية الرئاسية والبرلمانية الصربية، قلّما أُعيرَ الانتباه لنحو 4000 صوت من إثنية ألبانية استُثني من المشاركة في اختيار مَن ينوب عنهم للخمس سنوات القادمة. في حين عملت الحكومة الصربية منذ 2016 بمنهجية على عزل هؤلاء الألبان من المشاركة في الانتخابات.

هذا ما تكشفه الباحثة الصربية الألبانية فلورا فرحاتي، التي كرّسَت أبحاثها في الموضوع، بأن السلطات الصربية تُجرِي بكثافةٍ تدقيقاً ممنهجاً في إقامات الأقلية الألبانية في صربيا، وتحذف أصحابها من اللوائح المدنية، وبالتالي أوراق الثبوتية التي تخوّل إليهم المشاركة في الانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، لا يُشعَر أولئك الأشخاص بمصير وضعيتهم القانونية تلك، حتى يُفاجَؤوا بتجريدهم من بياناتهم الوطنية.

"في سنة 2015 كنت أُجرِي دراسة في جنوب البلاد، وأكّد لي عدد من النشطاء المدنيين والمواطنين العاديين ذلك، مرددين (إنهم يحذفوننا!). وعندما بحثت وجدت أدلة على هذا العمل الممنهج الذي تفعله وزارة الداخلية الصربية"، تقول فرحاتي، مضيفة أن الوزارة تبرّر ذلك بأنهم يسكنون في كوسوفو ولا يمكنهم الاعتراف بهم مواطنين.

"إنهم يعرفون أن ما يفعلونه مناف للدستور، وبالتالي هم يخفون كل ما يوثّق تلك العملية" تورد الباحثة. وسبق أن وُوجِهَت وزيرة الأقليات الصربية غوردانا كوميتش بهذه الحقيقة، لكنها أمعنت في إنكارها قائلة: "لا حذف لمواطنين صرب من الأقلية الألبانية".

تعود بداية هذه العملية إلى سنة 2016، حين كان الرئيس الحالي ألكسندر فوتشيتش في منصب رئاسة الحكومة، وكانت حكومته أول من أطلقها، واستمرّت طوال سنوات رئاسته. وها هي ذي الآن تصبح إحدى الأدوات السياسية التي يستعملها وحزبه لحصد الفوز بولاية ثانية.

مجرمو حرب على لائحة الترشيح

من جهة أخرى دقّ عدد من المنظمات الحقوقية ناقوس الخطر بشأن مشاركة أربعة من مجرمي الحرب في الحملة الانتخابية الجارية في صربيا، على رأسهم فويسلاف سيسلي، المرشح البرلماني وزعيم "الحزب المتطرف الصربي"، الذي أدانته المحكمة الدولية بارتكابه جرائم حرب بالبوسنة، وهو أحد داعمي الرئيس فوتشيتش والائتلاف الحاكم.

كما تتضمن حملة الائتلاف الحاكم كلّاً من فلاديمير لازاريفيتش، الذي أدانته محكمة لاهاي بارتكاب جرائم حرب في حرب كوسوفو، وحُكم عليه بقضاء 14 سنة سجناً. وفاسيلين سليفانتشانين المدان بقتل 260 أسيراً خلال الحرب الكرواتية، ونيكولا سينوفيتش الذي كان نائب رئيس الوزراء البوسني خلال الحرب الكرواتية، وحكمت عليه المحكمة الدولية بـ18 سنة سجناً. يُضاف إلى هؤلاء عضوان من "الحزب المتطرف الصربي" لا يزال القضاء الدولي يبحث عنهما.

يقول ماكو ميلوسافييفيتش، الناشط في "المبادرة الشبابية لحقوق الإنسان" التي اشتغلت على التحقيق الذي كشف هذه الأسماء، إن "من المهم والضروري فضح أن لدينا ستة مجرمي حرب يدعمون الحملة الانتخابية للرئيس فوتشيتش وحزبه التقدمي".

TRT عربي