كيف تخطط النقابات الفرنسية لإضراب يشلّ البلاد؟ / صورة: AFP (Damien Meyer/AFP)
تابعنا

تشهد شوارع فرنسا الثلاثاء 7 مارس/آذار، جولة إضرابات ومظاهرات عمالية أخرى، يُتوقع أن تكون الأقوى منذ انطلاق الاحتجاجات ضدّ قرار الحكومة إصلاح نظام التقاعد، إذ سيشارك فيها العمال الفرنسيون من مختلف القطاعات، على رأسها عمال النقل الذين يتوعدون بشلّ خطوط النقل الفرنسية.

ويواجه مشروع إصلاحي، في مقدمته بند رفع سنّ التقاعد من 62 عاماً إلى 64 عاماً، اعتراضاً من جبهة نقابية موحدة، الذين أعلنوا أن "إضرابات 7 مارس" ستكون غير مسبوقة طوال مسار الاحتجاجات الجاري.

ثلاثاء فرنسا الأسود!

في اجتماع عُقد الخميس، دعا ممثلو الاتحاد النقابي في فرنسا إلى إضراب وتحرك "ضخم"، "غير مسبوق" و"لا يُنسى" ضد إصلاح نظام التقاعد، يوم 7 مارس/آذار المقبل. هذا الإضراب سادس تَحرُّك تشهده البلاد في هذا الإطار، سيطال عدة قطاعات من بينها التعليم والنقل والطيران.

بالنسبة إلى الزعيم النقابي الفرنسي رئيس "الاتحاد العام للشغل" فيليب مارتينيز، فإن قرار الإضراب يأتي وفقاً لـ"ضرورة المرور إلى السرعة القصوى"، ذلك "لأننا خضنا خمسة احتجاجات سابقة مع عدة ملايين من المتظاهرين، لكن الحكومة ليست فقط غير منفتحة (على الحوار)، بل في تعاملها مع المحتجين تعنت كبير".

ويضيف الزعيم النقابي أن في ملف إصلاح نظام التقاعد "نوعاً من الارتجالية والتضليل. اعتقدَ الإليزيه أن عملية الاحتيال هذه ستمرّ دون أن ينتبه لها أحد، لم يُعِدّوا ملفهم جيداً عندما حُذّروا بشأن عدد من النقاط الخلافية في الملف. لدى الحكومة شكل من أشكال الازدراء، وهذا هو الحال منذ السنوات الخمس الأولى (من ولاية ماكرون)".

وفي خطابه الأربعاء أول مارس/آذار الجاري، هاجم الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيرون، النقابات بقوله: "إنهم يريدون شلَّ اقتصاد البلاد (...) والمخاطرة بكارثة بيئية وزراعية وصحية وحتى بشرية في غضون بضعة أشهر، وإهمال صحة أطفالنا".

وهي نفس النبرة التي تحدث بها زميله في حقيبة العمل أوليفييه ديسبو، محذّراً المحتجين من أنه "لن يكون لإغلاق البلاد عواقب جيدة على الاقتصاد"، مضيفاً: "الخلافات والمظاهرات والتعبير عن المعارضة، كل هذا طبيعي، لكننا نعتبر أن هذا ممكن دون عرقلة البلاد".

وأثارت ردود فعل الحكومة سخرية وغضب النقابيين، وكتب زعيم "الكونفيدرالية الفرنسية الديمقراطية للشغل" لوران بيرجي ساخراً: "ربما الجفاف هو الآخر ذنب النقابات؟ الأزمة الصحية؟ أو حتى هزيمة المنتخب الفرنسي في كأس العالم؟".

فيما علَّقت الصحافة الفرنسية، ومن بينها موقع "ميديابارت"، بأن حكومة ماكرون تتبع استراتيجية معهودة في التعامل مع الاحتجاجات ضدها، وهي تحميل المعارضة مسؤولية الوضع الاقتصادي والاجتماعي القائم، للهرب من مسؤوليته في ذلك وتشويه صورهم أمام الرأي العامّ. في المقابل، ووفق استطلاعات رأي أخيرة، 7 من بين كل عشرة فرنسيين يعارضون مشروع الإصلاح.

ماذا ينتظر الفرنسيون يوم الثلاثاء؟

حتى قبل يوم الثلاثاء، أعلن عمال قطاع الكهرباء الفرنسي السبت، دخولهم في إضراب لأربعة أيام قابلة للتجديد، كما ستشهد مصافي النفط توقفاً واسعاً بعد أن أعلن عمالها إضراباً لـ48 ساعة يومَي 7 و8 مارس/آذار.

وأكَّدت نقابة عمال المواني الفرنسية أن التعبئة للإضراب في هذا القطاع بلغت نسبة 100% في 70% من مواني البلاد، وقالت النقابة إنها لا تطالب فقط بسحب مشروع الإصلاح، بل أيضاً بـ"تحديد سنّ التقاعد 60 عاماً، و55 عاماً للمهن الصعبة".

ومن المتوقع أن تغرق شوارع المدن الفرنسية بالنفايات بعد أن أعلن عمال جمع القمامة استجابتهم لدعوات الإضراب، وحسب الأمين العامّ لنقابة القطاع غي مارتري، فإن المطلب الرئيسي هو التنازل عن رفع سن التقاعد، إذ "لن يكون كثير من جامعي القمامة الذين يبلغون من العمر 64 عاماً، سوف يموتون قبل تلك السن".

وحذّرت كل من "الشركة الوطنية للسكك الحديد" الفرنسية و"الوكالة المستقلة للنقل في باريس"، من "اضطرابات قوية قد تعرفها خطوط النقل" بالبلاد، بما في ذلك القطارات السريعة وقطارات الأنفاق والترام. وقالت شركة السكك الحديد الفرنسية إن واحداً من كل خمسة قطارات سيتعطل بسبب الإضراب، إضافة إلى رحلة من كل ثلاث رحلات دولية للقطارات السريعة.

الأمر نفسه ينطبق على قطاع النقل الجوي، إذ طلبت المديرية العامة للطيران المدني الفرنسي من شركات الطيران الخميس، خفض جدول رحلاتهم الثلاثاء والأربعاء 7 و8 مارس/آذار، بنسبة 20-30% في باريس وليون وبوردو ومدن أخرى، بسبب إشعار الإضراب الوطني الذي أرسله عديد من نقابات مراقبي الحركة الجوية.

ودعت النقابات الفرنسية السبع العاملين في قطاع التعليم إلى إغلاق المدارس يوم 7 مارس/آذار، استجابة للإضراب ضد إصلاح صندوق التقاعد. وستستمر هذه الإضرابات إلى يوم 8 مارس/آذار، اليوم العالمي للدفاع عن حقوق المرأة.

TRT عربي