تابعنا
الهجوم الأمريكي-البريطاني أتى بعد قرابة 6 أسابيع من إطلاق الحوثيين سلسلة هجمات ضد السفن العابرة لمضيق باب المندب في البحر الأحمر باتجاه البحر المتوسط

نفذ الجيشان الأمريكي والبريطاني هجمات جوية وبحرية ضد مواقع تتبع جماعة الحوثيين في اليمن وذلك بعد يوم واحد من استهدافهم سفينة أمريكية خلال عبورها في البحر الأحمر، بذريعة تقديم السفينة الدعم لإسرائيل، فيما اعتبرت الولايات المتحدة أن الاعتداء على السفينة هو بتحريض إيراني.

الهجمات المشتركة الأمريكية والبريطانية سبقها اعتماد مجلس الأمن قراراً في 10 من يناير/كانون الثاني الحالي يدين فيه هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر، بعد مشروع قرار طرحه كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، الأمر الذي مهد الأرضية لتنفيذ ضربات ضد مواقع للحوثيين، كونهم يهددون الملاحة البحرية الدولية.

أهداف الضربة وتفاصيلها

أتى الهجوم الأمريكي-البريطاني، بعد قرابة 6 أسابيع من إطلاق الحوثيين سلسلة هجمات ضد السفن العابرة لمضيق باب المندب في البحر الأحمر باتجاه البحر المتوسط، حيث بلغ عدد الهجمات 26 هجوماً منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

وفي منتصف كانون الأول/ديسمبر 2023 حذرت واشنطن ولندن من استمرار تهديد الملاحة الدولية وتدهور الوضع الأمني في البحر الأحمر بسبب الهجمات بالطائرات المُسيرة والصواريخ البالستية، وأكدتا أنهما ستشاركان في عملية لحماية التجارة في المنطقة.

وحسب ما أكده البيان الصادر عن القوات الجوية الأمريكية، فالهجمات شملت 60 هدفاً متوزعة على 16 موقعاً تتبع الحوثيين.

وطالت الضربات الجوية والبحرية بشكل رئيسي قاعدة عسكرية للحوثيين بالقرب من مطار صنعاء، وموقعاً قريباً من مطار تعز، ومعسكراً في منطقة الحديدة الساحلية، بالإضافة إلى نقاط عسكرية أخرى في محافظة حجة.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في تعليق على العملية: "هذه الضربات المحددة رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة وشركاءها لن يغضوا الطرف عن الهجمات على أفرادنا ولن يسمحوا لجهات معادية بتعريض حرية الملاحة للخطر".

وأفاد أحمد ناجي الباحث اليمني ضمن مجموعة الأزمات الدولية، بأن الهجمات دقيقة وليست واسعة التدمير، وتركزت على مناطق صنعاء وتعز والحديدة وحجة.

وأكد ناجي في حديثه لموقع TRT عربي، أن المواقع التي تَركز عليها القصف، يُعتقد أنها تُستخدم من قبل جماعة أنصار الله الحوثيين كمنصات لإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المُسيّرة في كل من صنعاء وتعز والحديدة وحجة.

ويرى ناجي أن الضربة ذات طابع تحذيري من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وهدفها التأكيد للحوثيين أنه يمكن استهدافهم داخل الأراضي التي يسيطرون عليها، وعدم الاقتصار على اعتراض الطائرات المُسيرة والصواريخ التي يطلقونها.

خيارات الحوثيين للرد

توعد الحوثيون بالرد على الهجمات الأمريكية والبريطانية، إذ هدد متحدثون باسم الحوثيين بأن يكون الرد موجعاً وكبيراً خلال الفترة المستقبلية القادمة، وموازياً لما وصفوه بـ"العملية العدوانية الأمريكية البريطانية".

وتحدث الباحث في العلاقات الدولية عادل المسني عن امتلاك الحوثيين لخيارات فعالة للرد إذا أرادوا، منها توسيع هجماتهم في منطقة البحر الأحمر، مشيراً إلى أن هذه الهجمات بقيت محدودة طيلة الفترة الماضية، رغم إمكانية توسيعها وجعلها أكثر فاعلية، لأن الغرض منها كان دعائياً حسب وصفه.

وأكد المسني في حديثه مع موقع TRT عربي، أن الحوثيين بإمكانهم ضرب جميع السفن المحملة بالنفط العابرة من البحر الأحمر، وبالتالي إحداث شلل كبير في الملاحة البحرية، كما أن لديهم خيار استهداف السفن والبوارج والقواعد الأمريكية المنتشرة بشكل كبير في البحر والخليج العربي.

وتوقع الباحث أحمد ناجي أن تستمر هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر، كما لم يستبعد أن تتوسع الهجمات باتجاه خليج عدن وبحر العرب، مبرراً رأيه بأن الحوثيين على الأرجح سيحرصون على إظهار قدرتهم على الردع، والثبات على مواقفهم، مستبعداً في الوقت ذاته أن يتجه الحوثيون إلى خيار تعطيل الملاحة في البحر الأحمر بشكل كامل، لأنهم متمسكون برواية استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل أو التي تقدم دعماً لها.

مستقبل التصعيد في البحر الأحمر

استبعد الأكاديمي اليمني نجيب غانم توسع المواجهات بين التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، طالما أنها بقيت في الإطار.

واعتبر غانم في حديثه لموقع TRT عربي أن الاستهداف الأخير للحوثيين، وما سبقه من تصعيد الحوثيين ضد التحالف الغربي، يبقى في إطار قواعد الاشتباك المحددة سلفاً بين الطرفين.

ووضع غانم احتمالاً واحداً يمكن معه أن تنحدر المواجهات إلى مستوى أكثر سخونة، وهو خرق أحد الطرفين قواعد الاشتباك المتفق عليها.

واتفق الباحث عادل المسني مع غانم بالرأي، وحسب اعتقاده فإن هجمات الولايات المتحدة على الحوثيين ستبقى ضمن قواعد الاشتباك المحددة، وهدفها حرف الأنظار عن ما يجري في غزة، وتحويل الأنظار من المواجهة مع فصائل المقاومة الفلسطينية باتجاه القوات الموالية لإيران حسب وصفه.

ورجح المسني أن الصراع في البحر الأحمر سيبقى محصوراً، ولن يتجه إلى إغلاق مضيق باب المندب أمام قوافل النفط والقوافل التجارية، وكذلك لن يتطور إلى استهداف السفن والبوارج والقواعد الأمريكية في المنطقة.

وذهب الباحث أحمد ناجي إلى القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال الهجمات الأخيرة، تعمل على وضع قواعد اشتباك جديدة، إذ انتقلت من مرحلة اعتراض هجمات الحوثيين إلى استهداف مواقعهم، والهدف من هذا الحيلولة دون اتجاه الحوثيين لتوسيع عملياتهم بشكل أكبر.

TRT عربي
الأكثر تداولاً