تابعنا
ارتفع معدل البطالة إلى 29% في الضفة الغربية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، مقارنة بـ13% فقط في الأشهُر الثلاثة التي سبقتها، كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين بنسبة 22%، وفق بيانات سلطة النقد الفلسطينية.

لم يأتِ شهر رمضان هذا العام ككل الأعوام السابقة على عائلة مراد نبيل من مدينة رام الله، بعد مرور 5 أشهُر لم يتمكن خلالها من إعالة أسرته المكونة من 6 أفراد، إذ وقف الاحتلال الإسرائيلي تصريح عمله في داخل الخط الأخضر مع بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويقول نبيل لـTRT عربي: "كنت قد عدت إلى عائلتي مساء يوم خميس بعد أسبوعٍ من العمل داخل ورشة البناء في مدينة نتانيا المحتلة، ويوم السبت معروفٌ أنه إجازة في الداخل المحتل، وهو اليوم ذاته الذي اندلعت فيه الحرب، لم أتمكن من العودة إلى العمل منذ ذلك الحين، حتى إنّ صاحب الورشة الإسرائيلي رفض أن يدفع لي عن الأيام الأخيرة التي عملت فيها قبل الحرب".

ومثل نبيل، توقف أكثر من 178 ألف عامل فلسطيني في الضفة الغربية والقدس عن العمل والحصول على أي دخل مادي بعد تسريح إسرائيل العمال الفلسطينيين من العمل في المستوطنات والمدن المحتلة لـ"دواعٍ أمنية"، في إطار الإجراءات العقابية ضدهم بعد عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية حماس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويوضح نبيل أنه حاول البحث عن فرص عمل في ورشات البناء في رام الله، لكن الفرص أصبحت شبه منعدمة خلال الحرب، وتعطل كثير من المصالح التجارية والاقتصادية.

ويضيف: "لم أجد فرصة عملٍ، وليس هذا فقط، بل إنّ عدداً من أصدقائي الذين كانوا يعملون في ورش بناء في الضفة الغربية سرحوا من عملهم أيضاً بسبب الحالة الاقتصادية، واليوم لا نعرف من أين نأتي بقوت يومنا لنطعم أطفالنا وعائلاتنا، ولا ندري كيف سنتدبر أمرنا في رمضان".

وارتفع معدل البطالة إلى 29% في الضفة الغربية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، مقارنة بـ13% فقط في الأشهُر الثلاثة التي سبقتها، كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين بنسبة 22%، وفق بيانات سلطة النقد الفلسطينية.

وتشير منظمة العمل الدولية إلى فقدان نحو 32% من فرص العمل في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أي ما يعادل 276 ألف وظيفة.

اقتصاد متدهور في الضفة الغربية

ويوضح محمد النبالي نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة في رام الله أن التجار الفلسطينيين يعانون من وضع مالي صعب بسبب عدم اكتمال الدورة الاقتصادية الفلسطينية بشكلٍ طبيعي خلال الحرب، إضافة إلى أن العاملين في الأراضي المحتلة كانوا يكتبون "شيكات" مقابل البضائع التي كانوا يشترونها، وبعد تسريحهم عن العمل ووقف إيراداتهم ارتجعت هذه "الشيكات"، وهو ما انعكس بالسلب على الحركة التجارية.

ويضيف النبالي لـTRT عربي أن على الفلسطينيين حصاراً اقتصادياً انعكس على حركة البضائع أو فتح مشاريع جديدة، وأُغلق كثير من المصانع بسبب الحصار المالي ومعوقات الاستيراد على المعابر والمواني، ونقص الموارد في ظل القيود الإسرائيلية على الاستيراد، واحتجاز البضائع الفلسطينية في مواني الاحتلال فترات قد تتجاوز شهرين قبل وصولها إلى الضفة الغربية.

وتؤدي الحواجز الإسرائيلية بين المدن الفلسطينية واستهدافات المستوطنين إلى الخوف من التنقل، وهو ما يعوق التجارة الداخلية بين المحافظات، ووفق النبالي فإن عدم حصول الموظفين العموميين على رواتبهم بسبب احتجاز الاحتلال لأموال الضرائب الفلسطينية قلل قدرتهم الشرائية.

من جانبها تنوّه الناطقة باسم منظمة أوكسفام في الأراضي الفلسطينية هديل قزاز بأن القطاع الخاص الفلسطيني بات يشعر بالمحاصرة والخشية والخوف نتيجة عدم استقرار الأوضاع.

وتؤكد قزاز في حديثها مع TRT عربي أن كثيراً من الشركات والمؤسسات الفلسطينية اضطر إلى الاستغناء عن موظفيها أو تقليص عددهم ودوامهم، ما يؤثر في قدرة العائلات على توفير الحياة الكريمة، وينعكس على ارتفاع معدلات الأمن الغذائي.

وأدت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى إحداث تراجع في الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين في عام 2023 بنحو 6%، وبقيمة تقدر بنحو مليار دولار أمريكي مقارنة مع عام 2022، إذ تراجع الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين خلال الربع الرابع من عام 2023 بنسبة تصل إلى 33%، حسب معطيات سلطة النقد الفلسطينية.

الانعكاسات على الأمن الغذائي

وأكد برنامج الغذاء العالمي أن انعدام الأمن الغذائي في الضفة ارتفع من 350 ألف شخص -أي نحو 10% من الفلسطينيين في الضفة- إلى ما يقدر بنحو 600 ألف شخص منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مع توقعات بازدياد العدد في الأشهر المقبلة.

ويعزو برنامج الأغذية ارتفاع الجوع إلى تصاعد العنف والاعتقالات والقيود على الحركة في الضفة الغربية، الذي يزيد الجوع بين الفلسطينيين، بالإضافة إلى فقدان مئات الآلاف من الفلسطينيين تصاريح عملهم، مع محدودية فرص العمل مما يعرض الاقتصاد والوضع الإنساني لمضاعفة التدهور.

وتبيّن هديل قزاز أن "انعدام الأمن الغذائي لا يعني عدم توفير وجبات الطعام الثلاثة، لكن يعني عدم توفير نوعيات من الطعام، إذ يضطر بعض العائلات إلى استخدام بعض الطعام مثل الأغذية المشبعة التي تحتوي على الخبز والبقوليات، وهو ما يؤدي إلى خسارة على مستوى الصحة وخسارة للمواد الأساسية التي يحتاج إليها الإنسان، وبالتالي ضعف تدريجي على مستوى الصحة".

وتشدد الناطقة باسم منظمة أوكسفام في الأراضي الفلسطينية على أن أكثر من يتأثر بانعدام الأمن الغذائي هم الأطفال والنساء الحوامل والرضع والمسنون، إذ تبدأ أجسامهم بالتأثر تدريجياً وتبدو آثاره واضحة على المستوى المتوسط والبعيد، وقد يصل إلى مرحلة لا يمكن العودة عنها، إذ يمكن حدوث الوفاة كما يحصل في قطاع غزة.

وبينما يقول برنامج الأغذية العالمي إن أكبر عدد من الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي في نابلس والخليل، تؤكد قزاز أن بعض المناطق الخليل مثل شارع الشهداء تفرض عليه إسرائيل منع التجول المستمر ولا يسمح بالحركة، وبالتالي فإن قيود الحركة وصعوبة التحرك صباحاً ومساءً تعوق إمكانية ضمان أمن غذائي للأفراد.

TRT عربي