تابعنا
توصَّل المفتش العام لعمليات مكافحة الإرهاب في وزارة الدفاع الأمريكية بعد تحقيقات إلى أن دولة الإمارات تمول مرتزقة شركة فاغنر الروسية في ليبيا.

ونشرت مجلة فورين بوليسي تقريراً أعده جاك ديتش وآمم ماكينون أكدا فيه أن أبو ظبي تساعد في تمويل شركة فاغنر الروسية، إذ استند الكاتبان إلى تقرير للمفتش العام لعمليات مكافحة الإرهاب، مما قد يعقد علاقة واشنطن بأبو ظبي.

ويأتي نشر هذه التحقيقات بعد تأكيدات من حكومة الوفاق الوطني ووسائل إعلام ليبية وعالمية لوجود علاقة لأبو ظبي بتمويل مرتزقة شركة فاغنر الروسية، بعد ثبوت إرسال الإمارات شباناً من السودان عبر شركة بلاك شيلد الإماراتية للقتال بجانب حليفها خليفة حفتر في ليبيا.

وقد أظهرت بيانات وصور أقمار صناعية استعانة الإمارات بشركات طيران مشبوهة لتوفير جسر جوي عسكري لدعم حفتر بمئات الأطنان من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية والطائرات المسيّرة خلال السنوات الماضية تنطلق من قاعدة سويحان الجوية في الإمارات إلى قاعدة الخادم الجوية ومطار بنينا في بنغازي شرقي ليبيا، ما يعد مخالفاً لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن حظر توريد السلاح المفروض على ليبيا.

ويرى محللون عسكريون أن الإمارات ساهمت في توفير فرصة لحضور عسكري بدخول مرتزقة شركة فاغنر الروسية على الحدود الجنوبية لدول أوروبية تعد حليفة لواشنطن، إضافة إلى تمكين موسكو من وضع موطئ قدم في دولة بالقارة الإفريقية التي لطالما كانت روسيا تسعى لوصولها.

وحاولت الإمارات الإطاحة بحكومة الوفاق الشرعية المعترف بها دولياً عبر الدعم المالي والعسكري وتوفير مقاتلين مرتزقة من أبو ظبي منذ سنوات إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومنحه الضوء الأخضر لشن حملته العسكرية على العاصمة طرابلس في إبريل/نيسان عام 2019.

تقرير غير مفاجئ

ويرى مستشار رئيس حكومة الوفاق للعلاقات الأمريكية محمد الضراط أن ما ورد في تقرير وزارة الدفاع الأمريكية ليس مفاجأة، لكن الغريب هو تجاهل المجتمع الدولي وتأخر اتخاذ أي إجراءات ضد الأطراف المتورطة في هذه الجرائم بليبيا.

وأضاف الضراط لــTRT عربي: "المعلومات متوفرة منذ أكثر من عام حول دور الإمارات في تمويل مجموعة من الشركات الأمنية التي تعمل لصالح مجرم الحرب حفتر، بما في ذلك تقرير لجنة الخبراء بمجلس الأمن الدولي إضافة إلى بيانات مفصلة بشأن شبكة مالية تشمل تمويلاً إماراتياً لتغطية تكاليف العقود التي وقعت مع شركة فاغنر الروسية".

وأكد الضراط أن أبو ظبي ساهمت في تمويل المرتزقة الروس عبر عدة طرق من بينها استخدام أموال ليبية عبر معاملات مشبوهة وتسديد دفعات تحت غطاء عقود وهمية تعد مخالفة للقوانين الليبية وتدخل تحت جرائم غسيل الأموال.

وأفاد الضراط بأن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن ستعمل على ملاحقة الأطراف التي ساهمت في تمكين روسيا من وجودها العسكري بليبيا بما في ذلك شخصيات وشركات إماراتية، مشيراً إلى أن إدارة بايدن ستفرض على أبو ظبي وقف دعمها الوجود الروسي في ليبيا.

وأوضح الضراط أن تقارير دور الإمارات في ليبيا قُدمت للعديد من الجهات منذ فترة طويلة لكن الإرادة السياسية لم تكن متوفرة قبلُ لاتخاذ خطوات عملية تجاه هذه الحقائق التي تشير إلى تورط الإمارات، إضافة إلى أن هذه الإجراءات الأمريكية قد ينتج عنها خطاب سياسي قوي من واشنطن يعيد حسابات العديد من الأطراف التي كانت تدعم مشروع حفتر في ليبيا.

تدخُّل إماراتي سافر

واعتبر عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز أن التقارير الواردة تؤكد التدخل العسكري الإماراتي السافر في ليبيا بدعم مليشيات حفتر عبر قاعدة الخادم الإماراتية الواقعة شرقي ليبيا.

وأردف رئيس اللجنة الأمنية بالمجلس الأعلى للدولة قائلاً: "الإمارات متورطة في تزويد مليشيات حفتر بجميع أنواع الأسلحة والذخائر ومنظومات بانتسير الروسية والطائرات المسيرة".

وصرح دبرز لـTRT عربي بأن وصول الديمقراطيين من جديد إلى الحكم في واشنطن سيغير العديد من الملفات والمواقف في ليبيا وبلدان المنطقة المتوسطية.

وأكد دبرز أن المعطيات السياسية تشير إلى أن إدارة الرئيس الجديد بايدن سوف تحجِّم دور الإمارات السلبي في الملف الليبي وقدلا تفرض عقوبات على أبو ظبي بخاصة بعد تطبيعها مع إسرائيل المحتلة.

ضيق أمريكي من الإمارات

ويرى المحلل السياسي عبد الله الكبير أن نشر التحقيق الأمريكي بشأن دور الإمارات في ليبيا يشير إلى ضيق أمريكي من مساهمة الإمارات في المساعدة على ترسيخ الوجود الروسي في الجناح الجنوبي لحلف الناتو.

وتابع الكبير لـTRT عربي: "قد لا يصل الأمر بواشنطن إلى نقض التحالف مع الإمارات ولكن المؤكد أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستتخذ خطوات لتحجيم النفوذ الروسي مما يجبر الإمارات على التراجع عن دعمها لحفتر".

وأكد الكبير أن نشر التحقيق من مجلة فورين بوليسي القريبة من دوائر صنع القرار الأمريكي قد يدفع باحتمال تسريب معلومات لها كتوطئة لتحرُّك أكبر من المؤسسات الأمريكية تجاه التمويل الإماراتي لمرتزقة شركة فاغنر الروسية، بخاصة أن أمريكا فرضت حزمة عقوبات على مجموعة فاغنر وزعيمها.

TRT عربي