تابعنا
تواجه الساحة الدولية تحديات عديدة تتمثل في العدوان الإسرائيلي المتصاعد على غزة والحرب المستمرة في أوكرانيا، مما دفع وزير الخارجية الأمريكي إلى إطلاق جولة دبلوماسية في أوروبا، بهدف تعزيز التعاون مع الشركاء وتأكيد التزام واشنطن معالجة هذه التحديات.

بجدول أعمال مزدحم يركز على العدوان الإسرائيلي المتصاعد على قطاع غزة والحرب المستمرة في أوكرانيا، شرع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في جولة دبلوماسية مهمة إلى أوروبا، تسعى واشنطن من خلالها إلى تأكيد التزامها معالجة بعض التحديات العالمية الأكثر إلحاحاً من خلال التعاون والحوار مع حلفائها وشركائها الأوروبيين.

واستهلّ بلينكن رحلته الأوروبية بباريس، حيث التقى الرئيس الفرنسي ووزيري خارجيته ودفاعه لبحث عديد من القضايا الرئيسية، مع التركيز بقوة على دعم أوكرانيا وسط صراعها المستمر.

ونظراً للدور المؤثر الذي تلعبه فرنسا في السياسة الأوروبية والعالمية، فإن هذا الاجتماع يشكل أهمية بالغة في تنسيق نهج موحد في التعامل مع الأزمة الأوكرانية، وضمان استمرار أوكرانيا في تلقي الدعم اللازم من المجتمع الدولي.

وبالإضافة إلى أوكرانيا، ناقش بلينكن وماكرون الاستراتيجيات المتاحة لمنع توسع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. كما تهدف المحادثات إلى استكشاف المسارات المحتملة للسلام والاستقرار في المنطقة، وفق ما تناقلته وسائل الإعلام الغربية.

دعم أوكرانيا على رأس القائمة

على هامش جولته في مقر "نيكستر" -وهي شركة تابعة للمجموعة الفرنسية الألمانية "كي إن دي إس" المختصة في مجال الدفاع الأرضي- مع وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، مدح بلينكن الشراكة الاستثنائية التي طوّرتها فرنسا والولايات المتحدة وعديد من الدول الأخرى لدعم أوكرانيا ومساعدتها على مقاومة الهجوم الروسي.

وأضاف بلينكن قائلاً: "لم أرَ خلال الأعوام الثلاثين التي انخرطتُ فيها في هذه القضايا مثالاً أفضل لتقاسم الأعباء بين الولايات المتحدة وشركائها من ذلك الذي نراه في أوكرانيا. ولكن حتى بعد أن أنجزنا كل هذا، ورغم أن روسيا عانت مما أعتقد أنها كارثة استراتيجية في أوكرانيا، فهي أضعف عسكرياً، وأضعف اقتصادياً، وأضعف دبلوماسياً، فقد أصبحت أوكرانيا أكثر اتحاداً من أي وقت مضى".

وبينما أكد بلينكن ضرورة التزام نتائج قمة باريس التي عُقدت في أواخر فبراير/شباط الماضي، التي من ضمنها زيادة شحنات الذخائر والدفاع السيبراني والإنتاج المشترك للأسلحة على الأراضي الأوكرانية، لفت إلى ضرورة تلبية طلب الميزانية التكميلية الذي قدَّمه الرئيس بايدن للكونغرس في أسرع وقت ممكن، وكذلك حث الشركاء الأوروبيين على مواصلة العمل بفاعلية لمساعدة أوكرانيا.

ملفات أمنية واقتصادية

وعقب اجتماعات في باريس، توجه بلينكن، الأربعاء 3 أبريل/نيسان، إلى بروكسل للمشاركة في اجتماع لوزراء خارجية الناتو، ومن المتوقع أيضاً أن يلتقي بلينكن نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، لمناقشة الخطوات والاستراتيجيات العملية لمساعدة أوكرانيا في جهودها الدفاعية. بالإضافة إلى ذلك، ستوفر هذه المناقشات فرصة لتقييم المشهد الأمني العام في أوروبا ومدى استعداد الحلف لمواجهة التهديدات الناشئة.

وفي ظل كل هذه التحضيرات التي يُجريها الناتو؛ تحسباً لتوسع الصراع مع روسيا، يستعد الرئيس الأمريكي جو بايدن لزيارة ساحل نورماندي الفرنسي في يونيو/حزيران القادم، بمناسبة الذكرى الـ80 لعمليات الإنزال، فيما سيحتفل الناتو بالذكرى الـ75 لتأسيسه في يوليو/تموز المقبل في واشنطن.

وعلى الصعيد الاقتصادي، من المقرر عقد اجتماع ثلاثي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأرمينيا يوم الجمعة 5 أبريل/نيسان، إذ قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الجلسة ستركز على "الجهود الأمريكية"، ودعم الاتحاد الأوروبي للمرونة الاقتصادية لأرمينيا وهي تعمل على تنويع شراكاتها التجارية وتلبية الاحتياجات الإنسانية.

ومن شأن محادثات التجارة والتكنولوجيا المنفصلة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن تغلق محطة بلينكن في بلجيكا.

ما دلالات الزيارة في هذا الوقت؟

تأتي هذه الزيارة في الوقت الذي دقت فيه كييف ناقوس الخطر من نفاد الذخيرة اللازمة لصدّ الغزو الروسي، في حين لم يتحقق سوى جزء صغير من جميع التعهدات العسكرية والمالية للاتحاد الأوروبي في ساحة المعركة، حسبما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الشهر الماضي.

وعلى الجانب الآخر للأطلسي، فإن الدعم الأمريكي في خطر. ووفق معهد كيل (وهو معهد أبحاث اقتصادية مستقل وغير ربحي ومركز أبحاث مقره في مدينة كيل الألمانية)، كانت الولايات المتحدة شريكاً بالغ الأهمية لأوكرانيا، إذ بلغ مجموع المساعدات 67.7 مليار يورو منذ بداية الحرب. ومع ذلك، فإن حزمة المساعدات المستقبلية البالغة قيمتها 60 مليار دولار معرَّضة لخطر الرفض التام من الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس بواشنطن.

وبينما شدد بلينكن على ضرورة الوفاء بحزمة المساعدات هذه في أسرع وقت ممكن، أوضح زيلينسكي أن أوكرانيا لا تستطيع الاستغناء عن دعم الولايات المتحدة، وسوف تضطر إلى الانسحاب "في خطوات صغيرة" إذا فشل تمرير مشروع الدعم الأمريكي.

TRT عربي