يدخل دعم اليمين المتطرف الأوروبي لصرب البوسنة في إطار عدائهم لمسلمي البلاد حسب مراقبين (Dado Ruvic/Reuters)
تابعنا

منذ نهاية السنة الماضية ومنطقة البلقان تعيش تهديدات جادة بالانزلاق مجدداً في مستنقع الدم، ذلك بعد تلويح جمهورية صرب البوسنة بالانفصال، وسعي رئيسها ميلوراد دوديك إلى فرض الأمر الواقع على الحكومة الاتحادية بسراييفو.

ولم تقف استفزازات انفصاليي صرب البوسنة عند هذا الحد، بل تعدته إلى الاحتفال بعيد محظور قانوناً، حيث زينت مباني مدينة بانيا لوكا بأعلام الجمهورية، ورُددت شعارات عنصرية ضد مسلمي البوسنة والتاريخ العثماني للبلاد، كما أقيم استعراض عسكري للقوات المسلحة للجمهورية ذاتية الحكم.

هذا وكان من أبرز من حضر ذلك الاحتفال نواب أوروبيون فرنسيون عن "حزب التجمع الوطني"، الأمر الذي يحيل على العلاقة الوثيقة بين اليمين المتطرف الأوروبي وقيادات حكومة صرب البوسنة. كما يؤكد ذلك الدعم السياسي والاقتصادي الذي يقدمه رئيس وزراء هنغاريا، الشعبوي فيكتور أوربان، لدوديك وإدارته.

أوربان بجانب دوديك!

"إن هنغاريا تقدم الدعم المالي لصرب البوسنة وتعارض العقوبات المفروضة على زعيمهم ميلوراد دوديك" هكذا رد رئيس الوزراء الهنغاري اليميني المتطرف، فيكتور أوربان، على سؤال صحفي حول موقفه مما يقع في جارته البوسنة والهرسك.

ولم يقف أوربان عند ذلك الحد، بل اعتبر الجمهورية "مفتاح استقرار غرب البلقان"، داعياً إلى دمجها في الاتحاد الأوروبي بدلاً من معاقبتها، فيما كان في وقت سابق من أشد المعارضين لانضمام البوسنة إلى الاتحاد. ما يشير إلى دفعه ضمنياً بتأييد انفصال الكيان السياسي الصربي عن الحكومة المركزية.

هذا ومنح أوربان لحكومة دوديك إعانات مالية بقدر 100 مليون يورو، قال إنها "جزء من سياسة الجوار المسؤول لهنغاريا من أجل تعزيز الاستقرار في المنطقة". فيما عبر محللون أوروبيون عن مخاوفهم من استعمال تلك المساعدات في دعم السياسات الانفصالية لدوديك، بما فيها تسليح مليشياته الانفصالية.

وفي السياق نفسه، هدَّد وزير خارجية هنغاريا، بيتر زيجارتو، الاتحاد أوروبي باستخدام حق النقض ضد أي قرار بفرض عقوبات على دوديك وحكومته. هذا ويذكر أن لهنغاريا طموحات اقتصادية في جمهورية صرب البوسنة، ووقعت مع حكومتها سنة 2019 اتفاقية تعاون واسعة.

دعم بطعم الكراهية

إضافة إلى دعم أوربان لحكومة دوديك، يأتي حضور نواب أوروبيين فرنسيين، من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، للاحتفال غير القانوني الذي أقامته بمدينة بانيا لوكا كدعم لتحركاتها الانفصالية المهددة للسلام في منطقة البلقان، كما قرأ فيه مراقبون تحريضاً لها على الاستمرار في نفس المسار.

ويدخل دعم اليمين المتطرف الأوروبي لصرب البوسنة في إطار عدائهم لمسلمي البلاد، هذا ما يمكن استشفافه من تبرير النواب الفرنسيين حضورهم هناك أمام الانتقادات الكبيرة التي تلقوها، قائلين بأنهم كانوا هناك "لدعم استمرار السلام باحترام الخصوصية الهوياتية".

ما يؤكده كذلك التحركات السياسية التي قادها زعيم حزب الرابطة الإيطالي، ماتيو سالفيني، داخل البرلمان الأوروبي، حيث نجده ينادي في مداخلة له سنة 2017 بأن "صرب البوسنة هم الشركاء الوحيدون الصالحون للاتحاد الأوروبي في البوسنة والهرسك".

وأضاف سالفيني وقتها أن: "الاتحاد يواجه خطر أسلمة أوروبا الوسطى، الأمر الذي سيؤدي إلى اختلال العلاقات بين الإثنيات المكونة للنسيج الاجتماعي هناك"، ومن خلال هذه الادعاءات العنصرية طالب بتفسيرات حول "لماذا يستمر الاتحاد في تهميش جمهورية صرب البوسنة؟".

TRT عربي