تابعنا
تزامناً مع استئناف مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني، تداولت وسائل إعلامية تمكُّن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي من تجنيد عملاء له في إطار الصراع الاستخباراتي بينه وبين إيران، للإحاطة بتطورات الملف ولتنفيذ عمليات سرية تخريبية في المنشآت النووية.

أثار تداول خبر اقتراب إيران من القنبلة النووية مخاوف المجتمع الدولي وفي مقدمته إسرائيل، التي هددت في أكثر من مناسبة وبوضوح باستهداف طهران وتسديد ضربات لها، وذلك للتصدي لما أسمته "التهديد النووي الإيراني".

وجاء ذلك بوضوح سابقاً على لسان رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي الذي قال خلال تصريح إعلامي: "تل أبيب تعمل على وضع مخططات وسيناريوهات للتعامل مع المحاولات الإيرانية لتطوير قنبلة نووية".

ورغم أن المناوشات بين الطرفين وحرب التصريحات لا تزال مستمرة، فإنها لم تؤدِ إلى انزلاق في حرب عسكرية مفتوحة. بل يبدو أن الطرفين قررا أن يخوضا حرباً سرية باردة، قد يكون أثرها أعمق، وهي حرب الاستخبارات والتجسس التي لفتت مؤخراً الانتباه إلى مدى تغلغل الطرفين المتصارعين في فضاءاتهما الحساسة.

استهداف إسرائيلي للمنشآت النووية الإيرانية

كشفت تقارير استقصائية مؤخراً المزيد من التفاصيل والحقائق الصادمة عن آخر عمليات جهاز الاستخبارات الإسرائيلي لتخريب المنشآت النووية الإيرانية. إذ جنّد الموساد الإسرائيلي في وقت سابق 10 علماء نوويين إيرانيين، اعتقدوا أنهم يعملون لحساب المعارضة الإيرانية.

وزرع جواسيس الموساد، خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، المتفجرات التي وصلت إليهم عام 2019 عن طريق طائرة بدون طيار، في قاعة الطرد المركزي A1000 الموجودة تحت الأرض في منطقة نطنز، وهي واحدة من أكثر المنشآت النووية الإيرانية أمناً وحماية.

وتسبب حينها التفجير في فوضى وارتباك على مستوى القيادة الإيرانية. حيث دمر نحو 90% من أجهزة الطرد المركزي في المحطة النووية، مما أدى إلى تأخير صنع القنبلة، وبالتالي إيقاف المجمع الرئيسي عن العمل مدة ناهزت 9 أشهر.

ولم يكن ذلك الهجوم الأول الذي يستهدف المنشآت النووية الإيرانية، ففي 2 يوليو/تموز 2020، وقع انفجار غامض داخل مستودع مركز إيران لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة ICAC في نطنز، وهو مركز رئيسي في شبكة محطات طهران النووية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد.

ولم تمضِ أشهر قليلة على الهجوم الثاني، حتى نُفذ هجوم ثالث في شهر يونيو/حزيران، استهدف شركة تكنولوجيا الطرد المركزي الإيرانية TESA في مدينة كرج، الواقعة شمال غرب طهران. وتسبب بحجم كبير من الدمار.

وتشير المصادر إلى أنه جرى التخطيط للعمليات الثلاث التخريبية على مدار 18 شهراً، وذلك بمشاركة فريق مكون من حوالي ألف فني ومحلل وجاسوس، إضافة إلى عشرات العملاء. وتسبب الهجوم في دمار كبير عطّل مشروع المواد الانشطارية الإيراني، الذي يمثل عملية صناعية لتخصيب اليورانيوم إلى مستويات تصنيع أسلحة.

وبينما تعتبر اليوم تل أبيب أن طهران تتلاعب بالوقت للتقدم نحو القنبلة النووية، من خلال المفاوضات في فيينا، ترى أن عمليات التخريب على المحطات والمنشآت النووية لازمة لوقف البرنامج، وتستخدم في ذلك عملائها الميدانيين، والذين إلى جانب الإشراف على عمليات الهجوم والتخريب، يزودونها بمعلومات استخباراتية مهمة.

طهران تخترق تل أبيب

في الوقت الذي أقرت فيه طهران بنجاح تل أبيب في اختراقها، لم تقف مكتوفة الأيدي وقررت محاربتها بنفس السلاح. وجندت إيران بدورها مجموعة من العملاء والجواسيس لاختراق الفضاءات الحساسة في إسرائيل.

وكان آخر ما كشفت عنه الوسائل الإعلامية دليلاً واضحاً على تقدم الجانب الإيراني في صراع الاستخبارات مع خصمه. فقد تحدثت مؤخراً أجهزة الأمن الإسرائيلية عن اعتقال عامل نظافة في منزل وزير الدفاع بيني غانتس، بتهمة التجسس لصالح إيران.

ورغم أن الأجهزة الأمنية أكدت أنه لم يستطع في حقيقة الأمر الوصول إلى معلومات مهمة، فإن ذلك يدق نواقيس الخطر عن اقتراب إيران من الشخصيات والمواقع الحساسة في إسرائيل.

وفي شهر مارس/آذار الماضي، قبضت السلطات الإسرائيلية على رجل إسرائيلي يشتبه في اتصاله بالمخابرات الإيرانية. وادّعى جهاز الأمن العام الإسرائيلى الشاباك أن هذا الشخص عقد عدة اجتماعات فى الخارج مع مسؤولى المخابرات الإيرانية، وحصل منهم على أموال ودُرّب على العمل السرى والتشفير وطُلب منه تقديم معلومات عن أمور هامة فى إسرائيل ومنها مواقع عسكرية واستراتيجية.

وفي هذا السياق يؤكد الخبراء والمحللون أن الصراع الاستخباراتي بين الجانبين ليس جديداّ وإنما يعد متواصلاً منذ عقود ولا تزال حلقاته مستمرة إلى اليوم، ولا يُعلم حقيقة مدى تغلغل أو اختراق أي طرف للآخر.

TRT عربي