هل حسم مصير معركة باخموت؟ / صورة: AFP (Handout/AFP)
تابعنا

بعد ما يقارب الـ 300 يوم من انطلاقها، ما زالت معركة باخموت رهينة تضارب الأخبار بشأن أي طرف تحسم لمصلحته. بينما يستمر حمام الدم في المدينة بعد الاقتتال الضاري الذي شهدته منذ انطلاق المعركة، التي وصفت بأطول وأعنف فصل من فصول الحرب الجارية في أوكرانيا.

وبينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية سيطرتها الكاملة على باخموت، في انتصار هو الأول لها منذ سقوط ماريوبول في يدها شهر مايو/أيار 2022. نفى الأوكرانيون انسحابهم الكامل من المدينة، وتحدثت قوات كييف عن جنها هجمات مضادة في ضاحيتها، بهدف محاصرة الروس هناك.

أخبار متضاربة

في بيان لها، يوم الأحد، أعلنت وزارة الدفاع الروسية سيطرتها الكاملة على باخموت، مؤكدة ما سبق وأعلنه زعيم مجموعة فاغنر يغفيني بريغوجين، يوم السبت، حين قال إن المقاتلين التابعين لمجموعته سيطروا على المدينة بالكامل "بيتاً بيتاً وشارعاً شارعاً".

وقالت وزارة الدفاع الروسية: "لقد تحررت مدينة أرتيوموفسك (باخموت) بالكامل، نتيجة للأعمال الهجومية التي قادتها مجموعة فاغنر، مدعومة بمدفعية وطيران الجيش الروسي". وأضافت أن قوات الجيش "نجحت في تدمير مخزن ذخيرة تابع للكتيبة 60 مشاة آلية في الجيش الأوكراني، وكذا جسر كانت تستعمله القوات الأوكرانية في إيصال الإمدادات".

بعد هذا البيان العسكري، أتى التأكيد من أعلى سلطة في البلاد، من الكرملين، إذ أكد الرئيس فلاديمير بوتين انتهاء معركة باخموت بـ "انتصار روسي". وقال بيان الكرملين يوم الأحد: "هنأ رئيس الدولة مجموعات فاغنر الهجومية، وكذلك جميع أفراد وحدات القوات المسلحة الروسية الذين قدموا الدعم والغطاء اللازمين، على إتمام عملية تحرير أرتيوموفسك (باخموت)".

لكن على الناحية الأخرى، نفت كييف صحة ما أعلنته موسكو بشأن باخموت. وأكد المتحدث باسم قيادة الجيش الأوكراني في الشرق، السبت، عدم سيطرة مجموعة فاجنر الروسية على مدينة باخموت بالكامل، قائلاً إن القوات مستمرة في القتال.

هفوة زيلينسكي

وفي أثناء مؤتمر صحفي له يوم الأحد من قمّة مجمعة السبع، التي أقيمت في هيروشيما، سقط الرئيس الأوكراني في ما وصف بعدها بـ "هفوة كلامية"، إذ ردّ على سؤال حول ما إذا كانت المدينة لا تزال تحت سيطرة كييف "أعتقد لا". ولم يعط زيلينسكي موقفاً واضحاً لكنه قال "يجب أن تفهموا أنه لم يتبقّ شيء هناك"، مؤكداً "اليوم، باخموت باقية في قلوبنا فقط".

وعقب ذاك، نفى المتحدث باسم الرئاسة الأوكرانية سيرجي نيكيفوروف، أن يكون زيلنسكي قد أكّد سقوط باخموت. وكتب نيكيفوروف على فيسبوك "سؤال المراسل كان: الروس قالوا إنهم سيطروا على باخموت... وكان ردّ الرئيس: لا أعتقد ذلك".

خطة كييف البديلة؟

وفي يوم الأحد، نشرت وكالة الأنباء الأوكرانية "يوروميدان" صوراً توثق الدمار الكبير الذي لحق بباخموت، بعد ما يقارب 300 يوم من المعارك الضارية بين شوارعها. ناهيك عن آلاف الأرواح التي أزهقت من الجانبين، وبخصوص هذا ، في مطلع مايو كانت الولايات المتحدة قد كشفت بأن نحو 100 ألف جندي روسي سقطوا بين قتيل وجريح خلال المعارك بالمدينة، منذ انطلاقها مطلع أغسطس/آب 2022.

وبعد إعلان الانتصار، كشف رئيس مجموعة فاغنر يغفيني بريكوجين، قراره تسليم المدينة للجيش الروسي بحلول الـ 25 مايو الجاري. بالمقابل، تكمن الأهمية الاستراتيجية لمدينة باخموت في كونها مركزاً لوجستياً استراتيجياً لإمداد قوات كييف على جبهة الدونباس، وبالسيطرة الروسية عليها يمكن أن تكون قاعدتهم لضرب مناطق السيطرة الأوكرانية في دونيتسك، كبلدتي كراماتورسك وسلوفيانسك.

وهو ما لا تريد كييف حصوله، وبالتالي تخطط قيادتها العسكرية لمواصلة الهجومات المضادة في محيط لمدينة ساعية إلى محاصرة الروس داخلها وقطع طرق تقدمهم. هذا ما يؤكده تقرير لـ "واشنطن بوست" الأمريكية، قائلاً إنه بالرغم من انحصار نفوذ القوات الأوكرانية في باخموت، فإنهم حققوا مكاسب على الأجنحة الروسية، في خطوة لتطويق المدينة وتوسيع القتال هناك.

وكانت نائبة وزير الدفاع الأوكراني آنا ماليار، قد أعلنت سابقاً في 12 مايو أن قوات بلادها حققت مكاسب مهمة في هجماتها المضادة في باخموت. وقالت ماليار إن الجيش الأوكراني حقق اختراقاً بكيلومترين في عمق الخطوط الروسية.

وأقر الجنرال أولكسندر سيرسكي قائد القوات الأوكرانية في الجبهة الشرقية، بعد قيامه بزيارة مفاجئة إلى الخطوط الأمامية في باخموت يوم الأحد، بأن أوكرانيا ما زالت تسيطر فقط على "جزء صغير" من المدينة. وأعلن بالمقابل أن الهدف الجديد لقواته هناك هو محاصرة المدينة في "تطويق تكتيكي".

TRT عربي