الرئيس الفلسطيني أجرى زيارة لافتة للجزائر (Onayli Kisi/Kurum/AA)
تابعنا

تلبية لدعوة نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارة للجزائر يوم الأحد 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري. حضر اللقاء الذي جمع الطرفين جميع سفراء الدول المعتمَدين لدى الرئاسة الجزائرية، في إجراء استثنائي اعتبره خبراء ومحللون تأكيداً من السلطات الجزائرية للاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.

وعلى الرغم من أن الجزائر طالما عُرفت بدعمها الثابت للقضية الفلسطينية، بخاصة ما عبّرت عنه مواقفها الأخيرة، فإن الزيارة الأخيرة لمحمود عباس إلى الجزائر التي تُعتبر الأولى منذ تولّيه الحكم خلفاً للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، حظيت باهتمام محلي وإقليمي كبير، انطلاقاً من السياق الزمني الذي جاءت فيه، والظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية، إضافة إلى التوترات والخلافات التي تَسِمُ العلاقة بين بلدان المنطقة، والتي انخرط بعضها في موجة التطبيع مع إسرائيل.

وحظيت الزيارة باهتمام داخلي كبير في الجزائر، خصوصاً بعد دخول العامل الإسرائيلي على خط الأزمة بين الجزائر والرباط، والرفض الرسمي والشعبي في الجزائر للتطبيع المغربي مع إسرائيل.

دعم مستمر للقضية الفلسطينية

استقبلت الرئاسة الجزائرية يوم الأحد 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، الرئيس الفلسطيني محمود عباس في زيارة رسمية من المقرر بحث الطرفين فيها تطورات ملف القضية الفلسطينية، قبل أشهر من انعقاد القمة العربية المقرر تنظيمها بالجزائر خلال شهر مارس/آذار القادم.

وتسعى السلطات الجزائرية في هذا السياق "لوضع القضية الفلسطينية في صُلبِ أولويات هذا الحدث الهامّ".

وأعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في ندوة صحفية عقب اللقاء الذي جمعه بالرئيس الفلسطيني، أن الجزائر تعتزم استضافة حوار مصالحة جامع للفصائل الفلسطينية كافة.

كما أكد تبون أن بلاده قدمت للرئاسة الفلسطينية "مساهمة مالية" في إطار الجامعة العربية، بقيمة 100 مليون دولار "وفاءً لتاريخِ الجزائر الثوري والالتزام الثابت للشعب الجزائري برمته، بمساندة القضية الفلسطينية العادلة في كل الظروف" حسب البيان الرسمي للرئاسة الجزائرية.

ويرى خبراء ومحللون أن تأكيد الجزائر دعمها الثابت والراسخ للقضية الفلسطينية إضافة إلى ما جسدته مخرجات لقاء الرئيسين، يكاد يكون توجهاً منفرداً أمام التوجه الجارف لبعض البلدان العربية في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وقد عبّرَت الجزائر في وقت سابق عن رفضها الانخراط في هذه الموجة، وجاء ذلك على لسان رئيسها تبون بوجود "نوع من الهرولة نحو التطبيع، ونحن لن نشارك فيها ولن نباركها".

وأعلنت بعد ذلك السلطات الجزائرية عن مبادرة دبلوماسية سعت فيها لتشكيل طاقم إفريقي يضمّ نحو 14 دولة، يرفض انضمام اسرائيل إلى الاتحاد الإفريقي، بعد أن أعلن في وقت سابق عن انضمامها إلى الاتحاد الإفريقي كعضو مراقب.

وتتطلع الجزائر اليوم عبر القمة المرتقَبة إلى توحيد الرأي العامّ العربي حول القضية الفلسطينية، جاء ذلك في البيان الرسمي للرئاسة الجزائرية بأنه "لا شكَّ أن بلورةَ موقف موحد ومشترك حول دعم حقوق الشعب الفلسطيني عبر إعادة التمسك الجماعي بمبادرة السلام العربية لعام 2002، سيكون له الأثر البالغ في إنجاح أعمال هذه القمة".

التطبيع يحرّك الاهتمام الجزائري بفلسطين

استرعت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجزائر، انتباه كثيرين، وطُرح إثر ذلك عديد من القراءات والتأويلات، بخاصة أنها تزامنت مع مرور أقل من أسبوعين على زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي للمغرب، وإبرام الطرفين اتفاقيات للتعاون الأمني.

واعتبرت حينها الجزائر أنها "مستهدفة" من هذا اللقاء، في ظلّ ما يلفّ العلاقة بين البلدين من توتر وصدام حادّ أدَّى إلى قطع العلاقات بينهما في شهر أغسطس/آب الماضي. وقد تسعى بزيارة محمود عباس اليوم إلى توجيه رسالة مباشرة إلى المغرب بتأكيدها التضامن الفلسطيني-الجزائري في مواجهة حملة التطبيع التي انضمت إليها المغرب في عام 2020.

بالتالي، وإن كانت زيارة عباس عادية وتأتي في سياق جولات مقررة لعدة عواصم عربية قبل موعد انعقاد القمة المرتقبة، فإن الظروف المحيطة بها جعلتها تبدو كأنها في وضع استثنائي، إذ إن العلاقات بين عدد من البلدان العربية تشهد جموداً وتوتراً حاداً، بخاصة ما يدور مؤخراً بين المغرب والجزائر المحتضنة للقمة، إضافة إلى تراجع الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية، وإبرام مجموعة من الدول في المقابل، بخاصة الدول الفاعلة في القمة، اتفاقيات لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

بالتالي يُعَدّ التعامل مع هذه المسارات الجديدة أبرز التحديات التي تواجه الجزائر التي تحاول توحيد الموقف العربي وتأكيد مركزية القضية.

TRT عربي