تابعنا
دعم التقرير موقف تركيا المناهض للإرهاب ونشاطاته، تحديداً النشاطات الإرهابية التي يتبناها تنظيم "PKK" و"PYD" الإرهابيين، اللذين أشار إليهما التقرير كأهم التنظيمات الإرهابية النشطة في أوروبا، وبالأخص في الدول الأعضاء بالاتحاد.

أصدر الاتحاد الأوروبي تقرير عام 2023 عن حالة الإرهاب واتجاهاته (TESAT)، الذي احتوى البيانات المقدمة من الدول الأعضاء بشأن الهجمات الإرهابية والاعتقالات وقرارات المحاكم الصادرة بشأن الجرائم الإرهابية التي حدثت في دول الاتحاد الأوروبي العام الماضي.

وفي التقرير قدمت يوروبول (Europol) -وهي وكالة تطبيق القانون الأوروبية- معلومات نوعية وتقييمات دقيقة حول حوادث الإرهاب في أوروبا، كما أكدت وجوب التفكير في الأحداث والتطورات الإرهابية التي تحدث خارج الاتحاد الأوروبي والتي بدورها تنعكس على أمن وسلام مجتمعات الدول الأعضاء في الاتحاد.

واختُتم التقرير بسرد المعلومات المرتبطة بالإدانات والبراءات المتعلقة بالجرائم الإرهابية، بالإضافة إلى طرح نقاط خاصة بالتعديلات القانونية المقترحة والمتعلقة بمكافحة الإرهاب، والتي قدمتها الدول الأعضاء والوكالة التابعة للاتحاد الأوروبي والمتخصصة في المسائل الجنائية «يوروجست Eurojust».

تجنيد الإرهاب للأطفال

وفيما يتعلق بالتنظيمات الإرهابية في تركيا؛ دعم التقرير موقف تركيا المناهض للإرهاب ونشاطاته، تحديداً النشاطات الإرهابية التي يتبناها تنظيم "PKK" و"PYD" الإرهابيين، اللذين أشار إليهما التقرير كأهم التنظيمات الإرهابية النشطة في أوروبا، وبالأخص في الدول الأعضاء بالاتحاد.

وأشار التقرير إلى عمليات تجنيد الأطفال من تنظيم "PKK" الإرهابي، واستغلالهم بشكل فاضح في العمليات العسكرية التي تُنفَّذ في مناطق وجودهم.

ووفقاً لإحصائيات التقرير بهذا الخصوص، جنّد التنظيم ما يقرب من 1200 طفل في سوريا، وهو ما عدّه التقرير أيضاً تجاوزاً صارخاً لقوانين حقوق الإنسان والطفل المتعارف عليها دولياً.

وفي السياق ذاته، يؤكد بعض المراقبين أنها ليست المرة التي تقدَّم فيها بيانات حول تجنيد الأطفال واستخدامهم في العمليات العسكرية لتنظيمَي "PKK" و"PYD" الإرهابيين، سواء من خلال إجبارهم على حمل السلاح وتدريبهم عليه، أو استغلالهم في أعمال خدمية أخرى مثل جمع المعلومات الاستخباراتية وتوصيل الدعم اللوجيستي وغيره.

خلل غير مفهوم

وعلى الرغم من إشارة التقرير بخصوص موقف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الرافض نشاطات وسياسات تنظيمي "PKK" و"PYD" الإرهابيين، سواء في أوروبا أو في تركيا وسوريا، فإنه وفي الوقت ذاته لم يحتوِ قرارات إجرائية وعملية بخصوص مكافحة هذين التنظيمين الإرهابيين، تحديداً داخل الدول الأوروبية.

وعلى ما يبدو، هناك خلل غير مفهوم بخصوص موقف هذه الدول من التنظيمات الإرهابية وتعاملها معها، وهو نفس الأمر الذي صرّح به الرئيس أردوغان منذ مدة، حيث قال: "رغم إعلان (PKK) تنظيماً إرهابياً من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإننا نرى أعضاء هذه المنظمة يدخلون البرلمان الأوروبي حاملين شعاراتهم بعد كل هذا".

ويؤكّد الباحث والمختص في الشأن الأمني في مركز "ORSAM" لدراسات الشرق الأوسط، جوكهان باتو، أن "مشكلة سياسات دول الاتحاد الأوروبي تجاه (PKK) الإرهابي وتنظيم (PYD) التابع له، أنها تفتقر إلى الصدق والجديّة".

وأضاف باتو في حديثه لـTRT عربي أن "الموقف الرسمي لهذه الدول في المناسبات الرسمية والبيانات تطغى عليه المثالية والرمزية، بينما تظل الممارسات على أرض الواقع مختلفة تماماً".

ويشبّه باتو موقف هذه الدول من التنظيمات الإرهابية التركية، بموقف نفس الدول من القضية الفلسطينية، قائلاً: "الشيء نفسه ينطبق على القضية الفلسطينية، فدول الاتحاد الأوروبي نفسها تدعم مظلومية القضية الفلسطينية، ولكنها لا تفعل شيئاً تجاه الممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد الفلسطينيين".

تناقُض الموقف الأوروبي

ويوافقه في هذا الرأي الباحث في الشأن الأمني عمر أوزقيزيلجيك، مؤكداً تناقض الموقف الأوروبي تجاه المنظمات الإرهابية في تركيا بين القول والفعل، قائلاً: "إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي لا تفعل شيئاً في التعامل مع الأنشطة السياسية والمالية لتنظيمي (PKK) و(PYD) الإرهابيين في أوروبا، فلا قيمة لتصنيفها لهما تنظيمين إرهابيين".

وفي حديثه لـTRT عربي، يضرب أوزقيزيلجيك مثالاً مثيراً للسخرية -حسب تعبيره- يظهر من خلاله عدم جدية هذه الحكومات في التعاطي مع هذه التنظيمات: "خلال الفترة السابقة تظاهر بعض عناصر التنظيم الإرهابي (PKK) ورفعوا شعارات التنظيم ودعموا سياساته في ألمانيا، واعتقلت الشرطة الألمانية عدداً منهم، ليتبين لاحقاً أن سبب الاعتقال ليس لأنهم رفعوا أعلام وشعارات المنظمة التي تعدها ألمانيا إرهابية، ولكن لأنهم لم يدفعوا قيمة تذاكر ركوب القطار"!

وبالمثل فقد سمح بعض الدول الأوروبية لأعضاء هذه التنظيمات بإجراء مسيرات ومظاهرات تدعو للتضامن مع سياساتهم، كالتي جرت بداية يونيو/حزيران من العام الجاري لأعضاء التنظيم في السويد، بعلم وإذن الحكومة السويدية.

وقد وصفها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (NATO) ينس ستولتنبرغ، بأنها أعمال تهدف إلى إعاقة مشروع انضمام السويد إلى الحلف، وأضاف أن هذه الإجراءات تهدف أيضاً إلى إضعاف حلف الناتو. مردفاً بأنه يجب التصدي وعدم السماح بتنظيم مثل هذه النشاطات.

وفي 15 من الشهر نفسه، حيَّدت المسيَّرات التركية في شمال العراق عدداً من العناصر الإرهابية ومن بينهم عنصر يحمل الجنسية الألمانية.

على صعيد متّصل، وحسب تقرير المخابرات الألمانية الذي نُشر في يونيو الجاري فإن عدد المنتسبين إلى تنظيم "PKK" الإرهابي في ألمانيا بلغ 14 ألفاً و500 عضو، إذ تصدَّر قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية في ألمانيا.

كما كشف التقرير عن حجم النشاطات المالية الكبيرة التي تُجمع لصالح التنظيم داخل ألمانيا.

وفي هذا الخصوص ينوّه أوزقيزيلجيك إلى أنه "وبالنظر إلى تقرير الاتحاد الأوروبي، نلاحظ أنه يشير إلى مصادر التمويل المادي التي تُجمع لصالح التنظيمات الإرهابية، إما عبر جمع التبرعات من أعضاء هذه التنظيمات والمتعاطفين معها والموجودين في الدول الأوروبية، وإما من خلال تحصيل هذه التمويلات عبر الاتجار غير المشروع، وتحديداً تجارة المخدرات".

ويستطرد: "بالإضافة إلى تهديد وإجبار بعض رجال الأعمال وأصحاب المحلات التجارية الأكراد على دفع أموال، تكون بمثابة ضرائب".

ويَعُدّ أغلب الدول الأوروبية، بالإضافة إلى بلدان مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا، "PKK" و"PYD" تنظيمين إرهابيين، وقد أدرج الاتحاد الأوروبي تنظيم "PKK" ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في عام 2004، كما أن تقرير الاتحاد الأوروبي الأخير بشأن الإرهاب واتجاهاته في أوروبا والمنطقة ليس الأول، بل سبقه إصدار الكثير من التقارير والبيانات من الدول نفسها.

وتوضّح هذه التقارير خطورة وجود التنظيمات الإرهابية على أمن ومستقبل القارة الأوروبية، ولكن على ما يبدو أن هذه الدول لم تقم حتى الآن باتخاذ إجراءات ملموسة يمكن أن تعكس مصداقية مواقفها المعلنة.

TRT عربي